بأقلامهم

بيار الجمَيّل، رفيق الذاكرة واليوميات، وأحلك الظروف..

طوني أبو روحانا – بيروت اوبزرفر

November 21, 2020

صحيح أن الأيام ما عادت كما سابقاتها، إنما في القلب والبال ما لا يكاد يغيب عنك مهما تبدلت أحوال، وتغيّرت في الناس ثقافات وعلل، وكيفما أتت الأسباب والظروف، ومبررات الإبتعاد، والإنقلاب على الذات في المبادئ والثوابت، وحكايا العواصف والإنحناء، وأن ينقذ واحدنا نفسه في لحظتها، بيار الجمَيّل أحد الذين مرّوا كالبرق في تاريخ لبنان، وحفّر في سطوره بلمح البصر، ما يؤَرّخ سنوات من التاريخ، ومسيرة شجاعة ومثابرة وتماسك، وقضية وفاء نادرة تحفظها الأجيال، مدرسة أدبيات ورسوخ وأخلاق، في السياسة والقيادة والإنسان، افتقدناها لأزمنة ومراحل، ونفتقدها بعده، رجل، يستحق كل الإحترام والحب، والذاكرة حتى اللقاء.
بيار الجمَيّل، رفيق يومياتك من دون أي تردد، وأياً تكن الصعوبات والمآسي، ولغة الإستثناء..
لا يُمكنك أن تعبر الى أي إشراقة شمس من دون أن تحمل معك ذكرى منه، وإطلالة على أفق لن يُغادرك طالما أنت على قيد الحياة، هو حتماً حيّ في كل مَن عرفه وترافق معه، فأمثاله، الرجال الرجال، لا يُغادرون وإن رحلوا.
رفيقي وصديقي بيار..
لا أريد أن أقول أحلامك ضاعت، ولا أنك استشهدت سدىً، وأن الوطن اليوم ينتحر به مَن يحكمه، أنا فقط أريد أن أخبرك أن أحلامك مؤَجلة طالما أن الذين كانوا على الدرب، يتكلمون ولا يفعلون، يُعارضون فوق المنابر ولا يبصمون في المواقف، يحتكمون للشعارات ويستنزفون صبر العباد وصمود البلاد باستخلاص التحاصص بدل العبر، بالزحف نحو الأحجام الفارغة، بدل التصدي للذين يخطفون الهوية، وملامح لبنان الذي ناضلت وضحيت في سبيل أنقاذه، أنا أتكلّم هنا، عن الذين ادعوا في زمن طغت فيه موجة السيادة، أنهم من السياديين.
رفيقي وصديقي بيار:
في زمن أنصاف الثورات، والكورونا، وبعد الرابع من آب..
كلماتي بحجم الوجع، وانهيار لبنان فوق رؤوس أبنائه، بحجم غيابك، بحجم الموت الذي يقتحم البيوت، بحجم الجوع الذي ينهش الأطفال، بحجم الفقر الذي يُفَكّك العائلات، وبحجم خيبات الإنسانية في شوارع دمرتها أطنان من المتفجرات، أثقلتها الجثث/ وأنهر من الدم.
كلماتي بحجم الحزن الذي يلف قرميد بيروت المحطّم، عتمة نوافذها المكسّرة، وأبوابها الصدئة الموصدة، وصدى رذاذ المطر فوق طرقاتها المكفهرة، الخالية إلا من الوباء والخوف والتباعد الإجتماعي، الخالية من النبض.
رفيقي وصديقي بيار، يشتاقك لبنان ونشتاقك..
أنت في البال إنتفاضة الجرأة على التخاذل، ألف سلام وكل الحب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى