أخبار محلية

السعودية تكرّس جعجع مرجعيّة سياسية لها، والمعركة مع الحريري حامية

كتبت لارا الهاشم

عندما ضغطت السعودية على سعد الحريري لتعليق عمله السياسي، لم تكن تقصد انكفاء الصوت السنّي وإنّما تيّار المستقبل، فردّ الحريري الصّاع صاعين وعلّق عمل تيّاره ترشّحاً وانتخاباً.

أكثر مَن سعى إلى قطف ثمار هذا الإعتكاف هما فؤاد السنيورة وسمير جعجع المتحالفان في أكثر من دائرة في محاولة لاستقطاب الناخبين السنّة المتردّدين أو المربَكين لصالح لوائح القوّات. فالأصوات السنّية مؤثّرة في ١١ دائرة على الأقلّ من أصل ١٥، وجعجع خسر حليفاً أساسياً هو تيّار المستقبل الذي جيّر له أصواتاً في الـ ٢٠١٨. وعليه لم تقتصر ردّة فعل الحريري على المقاطعة للقول بأنّ كلمته هي السّائدة وإنّما أيضاً لا يمانع اليوم في كسر المقاطعة ولو من تحت الطاولة لمحاربة مرشّحين مدعومين من جعجع والسنيورة.

لكن بموقفه هذا، لا يقف الحريري في وجه ثنائي جعجع-السنيورة فحسب وإنّما في وجه المملكة العربية السعودية.
فصحيح أنّ السفير السعودي وليد البخاري لم يكن ممنوناً من مشهد إفطار معراب الذي حضره عددٌ من المرشّحين والذي أحرج المملكة مبدياً إيّاها طرفاً، بدليل أنّه لم يلتقط أيّ صورة مع الحضور وفقاً للمصادر. لكن ذلك لا ينفي واقعة أنّ جعجع هو رجل السعودية الأوّل وطفلها المدَلَّل، لا حتى السنيورة أو سواه.

هنا تشير المعطيات إلى أنّ السنيورة وقبل عودة السفير السعودي وليد البخاري إلى لبنان حاول تقديم نفسه كبديل عن الحريري ليس فقط على المستوى السنّي وإنما الوطني أيضاً. تتحدّث المصادر عن حصول أربعة لقاءات بين السنيورة والحريري في باريس وبيروت رفض خلالهما الأخير عرض السنيورة بأيّ شكلٍ من الأشكال. في باريس أيضاً التقى السنيورة بضابطٍ سعودي لكنّه لم ينجح بدفع السعوديين إلى تبنّيه أحاديّاً والسبب أنّ المملكة لا تريد أن تُلزِم نفسها بتبنّي سنيٍّ واحدٍ بل تفضّل استقطاب أكبر عددٍ من الحلفاء.

على الرغم من ذلك لم تنقطع العلاقة واتّصل البخاري بالسنيورة للتهنئة بحلول شهر رمضان ولبّى دعوته إلى سحور، لكنّ ذلك لا يغيّر واقعة أنّ السعودية تريد لجعجع أن يكون المرجعيّة السياسية وقائد التحالف، وأكبر دليل على ذلك هو التمويل الذي يحظى به لحملته الإنتخابية والخطاب السياسي للقوّات.

وعليه بدأ السنيورة بلعب دور الإطفائي عبر التخفيف من وطأة العدوانية ضدّ القوات في الشارع السنّي وتحالف اللواء أشرف ريفي مع القوّات من دون أن ينسى تظهير خصومته السياسية مع سعد الحريري.

إذا سألتم لِمَ سمير جعجع، يكون الجواب أنّ الأخير سبق أن أعلن للأميركيين عن امتلاكه مقاتلين مستعدّين للتحرّك في وجه حزب الله إذا توفّر له الدعم المادي وفقاً لتسريبات ويكيليكس. والسبب الثاني هو موقف جعجع غداة إعلان الحريري استقالته مرغماً من الرياض في الـ ٢٠١٧. يومها قال رئيس حزب القوّات أنّ الحريري تأخَّر كثيراً في هذا القرار وموقف جعجع هذا أكسبه مصداقيّة لدى المملكة.

كلّ ذلك يعني أنّ المعركة ليست فقط بعدد المقاعد التي ستفرزها الإنتخابات في المجلس النيابي لكلّ فريق، وإنّما هي معركة كسر عظم بين الحريري والسعودية المتمثّلة بحلفائها. فإمّا أن ينكسر زعيم تيّار المستقبل وإمّا أن يثبت أنّ الساحة في غيابه لم تعد كما كانت في حضور تيّاره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى