منوّعات

مخدر من مسحوق عظام الموتى يقضي على شباب في هذا البلد

يثير مخدر جديد يستخدم في تركيبته مسحوق عظام الموتى حالة من القلق بعدد من دول غرب إفريقيا، بسبب الإقبال الكبير عليه وتوفره مقارنة بباقي أنواع المخدرات، وتدني سعره وانتشاره بسرعة في أوساط الشباب، إضافة إلى تأثيراته المدمرة والتي تبدو أخطر من باقي أنواع المخدرات.

 

وينتشر هذا المخدر بكثرة خاصة في دول سيراليون وغينيا وساحل العاجل وبوركينافاسو والنيجر، وبينما تتحفظ السلطات في هذه الدول عن إصدار بيانات مفصلة حول تأثيرات هذا المخدر الجديد لا ينفك المختصون والجمعيات العاملة في مجال التوعية الصحية والشباب من التحذير من خطورة هذا المخدر ونشر أرقام حول تأثيراته.

ففي سيراليون، قالت تقارير إن هذا المخدر يقتل حوالي عشرة أشخاص كل أسبوع، ويدخل الآلاف إلى المستشفى في حالة خطيرة، تتراوح بين فقدان الوعي والانفصال التام عن الواقع، وإن غالبية من يستهلكونه بشراهة تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما.

 

وتختلف تسمية هذا المخدر من بلد لآخر، لكن غالبا ما يطلق عليه “كوش” أو “زومبي”. وتتفنن العصابات المحلية في دول غرب افريقيا في إضافة مواد خطرة على تركيبته في كل فترة لتزيد من إدمان الشباب عليه والتقليل من تكلفة المواد المكلفة وتعويضها بمواد أقل سعرا، لكنها أيضا أشد خطورة على الجهاز العصبي. كما أن هذه الإضافات تضاعف جرعات المدمنين وتزيد أرباح الموزعين والمنتجين لهذا المخدر.

يتكون هذا المخدر من خليط من عدة مواد أهمها القنب الهندي ومسحوق عظام البشر ومواد الفنتانيل والترامادول والفورمالديهايد، ويختار مصنعو هذا المخدر عظام الجمجمة لإضافتها لباقي المواد حيث يوفر حفارو القبور وعمال المقابر عظام جماجم موتى مجهولي الهوية أو ممن لا يزورهم أحد خشية أن تنكشف جريمتهم.

 

في هذا الصدد يقول الباحث النيجري عبدو تراوي إن إضافة عظام بشرية مطحونة إلى هذه المكونات يزيد من أضرارها النفسية والجسدية الخطيرة ويحوّل المتعاطي إلى مدمن في ظرف وجيز، ويشير إلى أنه رغم قلة الأبحاث التي أجريت حول تأثير العظام البشرية وتفاعلها مع باقي المواد إلا أن الحالات التي وصلت المستشفيات يؤكد أن تأثيرها مدمر وأن إضافتها ليست عبثا أو بحثا عن تكلفة منخفضة للجرعة.

ويقول إن دول غرب أفريقيا التي تشترك في حدود برية غير مراقبة، تواجه أزمة صحية مثيرة للقلق مع الانتشار السريع لمخدر كوش لما له من آثار مدمرة، حيث إنه ينشر إدمانا واسع النطاق خاصة بين الشباب، ويزرع الفوضى في المجتمعات، ما يؤدي إلى تفاقم المشاكل الأمنية.

ويضيف “منذ ظهور مخدر الكوش في غرب أفريقيا، وخاصة في سيراليون، أصبح يمثل نقطة تحول في إدمان المخدرات حيث انتقل بشكل سريع ليحتل المراتب الأولى في لائحة المخدرات الأكثر استهلاكا، وليصل إلى باقي الدول المجاورة كغينيا وليبيريا، اللتين تشتركان في حدود برية يسهل اختراقها مع سيراليون، ما يجعل تهريب المخدرات أسهل”.

ويوضح أن تركيبة هذا المخدر معقدة للغاية فتحليل العينات يختلف من فترة لأخرى لأن الشبكات الإجرامية المحلية تعوض بعض المواد بأخرى غير عابئة بآثارها الصحية المدمرة.

 

ويقول “حين نخضع مكونات هذه المخدرات للتحليل المختبري نتوصل إلى عناصر مختلفة أغلبها مواد مخدرة معروفة سواء كانت طبيعية أو صناعية أو خليط من أعشاب ومواد كيماوية مصنعة”.

تأثيرات مدمرة

يؤكد الباحث في حديثه لـ “العربية نت” أن إقدام التجار على هذه التجارب مرده ضعف المراقبة الأمنية لأوكار المخدرات، وتأثير فترة الحجر الصحي خلال جائحة كورونا حين أصبحت بعض المواد شحيحة في السوق تم تعويضها بأخرى متوفرة محليا.

وعن تركيبته يقول “يوجد القنب الهندي المزروع على نطاق واسع في سيراليون والذي يشكل أساس الخليط إضافة الى الفنتانيل الذي يتم تصنيعه وجلبه من مختبرات سرية في الصين، والترامادول والمتوفر في السوق السوداء المزدهرة بغرب أفريقيا، ثم الفورمالديهايد، وهي مادة خطرة وأكثر إثارة للقلق بسبب آثاره على الجهاز التنفسي والعصبي”.

ويشير الى إضافة مسحوق العظام البشرية تثير أسئلة أخلاقية وصحية، فلا يمكن لهذه العصابات ان تُقبل على مسحوق العظام الا إن كان تأثيره جد فعال، وهذا ما تؤكده الأرقام المتزايدة لاستقبال المدمنين في المستشفيات ومراكز معالجة الإدمان.

وعن تأثيرات هذا المخدر يقول الباحث “يحدث تأثيرًا مبتهجًا يغري المدمن أكثر، ويسبب إدمانا تامًا، وتختلف تأثيراته بحسب تركيز المواد به، ما بين تأثير مهدئ والشعور بالنشوة والاسترخاء وفقدان الوعي والنعاس والغياب عن الواقع”.

وتحذر وسائل إعلام محلية من إهمال السلطات لانتشار هذا المخدر والتساهل مع لصوص القبور الذين يوفرون عظام الموتى التي لم يعرف بعد مدى تأثيرها، فيما يؤكد الأطباء والمتخصصون الذين يتواصلون يوميا مع المدمنين على خطورة مخدر كوش وانتشاره السريع.

ويطالبون بتدخلات فعالة وتعاون دولي لوقف انتشار هذا المخدر وحماية الأجيال القادمة، والتخفيف من عواقبه القاتلة وتأثيرها الاجتماعي والاقتصادي على دول تعاني أصلا من ضعف النظام الصحي وتفاقم الأوضاع الاقتصادية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى