أبرز الأخبار

صبّ القوى المسيحية “التفضيلي” على مقاعد غير مارونية… نقلة نوعية!

تعتبر الدوائر ذات الأغلبية المسيحية من أكثر الدوائر إشتعالاً نظراً إلى التعددية الموجودة فيها والتنافس الحزبي والسياسي على الحضور.

تختلف التركيبة الحزبية السياسية للمسيحيين عن المسلمين في بلد تغيب عنه الأحزاب والتيارات العابرة للطوائف، فعند المسلمين في لبنان هناك فرز مذهبي حادّ، إذ يوجد قوى سنّية وأخرى شيعية وكذلك درزية، ولا يوجد حزب أو تيار عابر للإصطفافات المذهبية.
أما عند المسيحيين فالوضع مختلف كلياً، فعند نشوء الأحزاب والتيارات والزعامات، كانت بأغلبيتها الساحقة بقيادة مارونية، لكن المناصرين كانوا يتوزّعون بين الموارنة والأرثوذكس والكاثوليك والأقلّيات، في حين حافظ السواد الأعظم من الأرمن على خصوصيتهم الحزبية، لكنهم، وعلى رأسهم حزب «الطاشناق»، كانوا ينضمّون إلى تكتّلات الزعامات المارونية.

إذاً، كان التنافس المسيحي بين الزعامات المارونية ولم يتّخذ طابعاً مذهبياً، أي لا وجود لزعيم أرثوذكسي أو كاثوليكي أو أرمني، على رغم وجود بعض الخصوصية في بعض البلدات شبيهة بحالة زحلة.

وعلى رغم غياب المذهبية عن الساحة المسيحية، إلا أن غالبية الأحزاب والتيارات والقوى المسيحية كانت تفضّل الفوز بأكبر عدد من النواب الموارنة كي تقول إنها الأكثر تمثيلاً وتستطيع إيصال رئيس للجمهورية.

وافتضح أمر أهمية المقاعد النيابية بعد إقرار قانون النسبية، إذ بات على القوى السياسية التركيز على مقعد محدد لأنها لا تستطيع ضمان مقاعد كل الدائرة أو حتى الأقضية، باستثناء قضاء بشري الذي تستطيع «القوات اللبنانية» تقسيم أصوات الناخبين المؤيدين لها فيه.

 

وفي السياق، فإن المعارك الأكبر بين القوى المسيحية، وعلى رأسها «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» تتركّز على مقاعد غير مارونية، فإما يتصادمان، أو أن أحد الأفرقاء يختار مقعداً من الكاثوليك أو الأرثوذكس على رغم أنه قادر على إيصال مرشح ماروني.

وفي التفاصيل، فإن دائرة عكار تضمّ مقعدين أرثوذكسيين ومقعداً مارونياً، ولم تعطِ القوى الأساسية الأهمية للمقعد الماروني بل إن «القوات» رشحت أرثوذكسياً هو زياد منصور و»التيار» سيصبّ أصواته التفضيلية على مرشحه الأرثوذكسي أسعد ضرغام. وفي حين يوجد 7 مقاعد مارونية و3 أرثوذكس في دائرة الشمال الثالثة، فإن «القوات» تضع كل ثقلها لفوز مرشحها فادي كرم في الكورة إضافةً إلى المقاعد المارونية، في حين يعمل تيار «المردة» لفوز مرشحه فادي غصن في الكورة إذا تأمّن ذلك. والمعركة الأشرس ستدور في المتن، ففي هذا القضاء الأكبر مسيحياً هناك 4 نواب موارنة و2 أرثوذكس ومقعد لكل من الأرمن والكاثوليك، وكان باستطاعة «القوات» أن تضمن فوز أي مرشح ماروني إذا صبّت عليه أصواتها التفضيلية مثلما حصل في انتخابات 2018 مع النائب إيدي أبي اللمع، لكنها رشّحت الوزير السابق ملحم رياشي عن المقعد الكاثوليكي، في حين لم تحسم خطة «التيار الوطني الحرّ» في توزيع أصواته وما إذا كان سيعطي أصواته التفضيلية لمرشحه الكاثوليكي إدي معلوف، عندها تكون وقعت معركة «داحس والغبراء» على المقعد الكاثوليكي في المتن ولم تحظَ المقاعد المارونية الأربعة بالإهتمام نفسه.

وبالنسبة إلى دائرة الشوف – عاليه، فإن الشوف كان يُعتبر عرين حزب «الوطنيين الأحرار» ومنطلقاً لزعامة الرئيس كميل شمعون المارونية، لكن الحزب التاريخي فضّل ترشيح فادي المعلوف عن المقعد الكاثوليكي بدل نيل مرشح عن أحد المقاعد المارونية، في حين أن المفاجأة كانت بتخلّي «التيار الوطني الحرّ» عن ترشيح إبن بلدة الدامور المارونية النائب ماريو عون وصبّ أصواته التفضيلية على المرشّح عن المقعد الكاثوليكي غسان عطالله، في حين أن «القوات اللبنانية» ستمنح أصواتها التفضيلية في عاليه للمرشح عن المقعد الأرثوذكسي نزيه متى.

ولا يختلف الوضع كثيراً في جزين، فبعد انهيار قوة «التيار الوطني الحرّ» باتت «القوات» قادرة على الفوز بمقعد ماروني إذا ضمنت الحاصل بالتحالف مع إحدى القوى الصيداوية، لكنها اختارت أيضاً هذه المرة دعم المرشحة عن المقعد الكاثوليكي الدكتورة غادة أيوب بعدما صبّت أصواتها التفضيلية في الدورة الماضية على المرشح الكاثوليكي عجاج حداد.

وفي دائرة بيروت الأولى، فإن «القوات» أو «التيار» قادران على الفوز بالمقعد الماروني، لكن «القوات» التي فازت بالمقعد الأرثوذكسي المرة الماضية عبر النائب عماد واكيم رشّحت هذه الدورة نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني، بينما يريد «التيار» الإحتفاظ بالمقعد الكاثوليكي عبر إعادة ترشيح النائب نقولا الصحناوي.

وعلى رغم رمزية المقعد الماروني في زحلة، إلا أن هدف «القوات» في هذه الدائرة الإحتفاظ بالمقعد الكاثوليكي الذي يشغله النائب جورج عقيص، حتى أن ثاني أولوية لديها في زحلة هي الفوز بالمقعد الأرثوذكسي عبر ترشيح المحامي إيلي إسطفان، مع العلم أنها تستطيع ان تربح المقعد الماروني بسهولة إذا صبّت قسماً من أصواتها التفضيلية عليه.

الكاتب: ألان سركيس

المصدر: نداء الوطن اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى