بأقلامهم

مصالحة عقيمة / لوسيان عون

بقلم المحامي لوسيان عون

كان لا بد من التوقف عند محاولة رأب الصدع ان جاز التعبير التي قام بها السيد حسن نصرالله للتوفيق بين كل من رئيس التيار جبران باسيل وزعيم المردة سليمان فرنجيه.
الا ان هذه المحاولة لم تؤت بثمارها المرجوة ولم تتخط عتبة الهدنة الظرفية حتى تاريخ ١٥ ايار المقبل.
ولان هذه المبادرة جاءت بعد ٤ نيسان تاريخ اقفال اللوائح الانتخابية وتسجيلها لدى وزارة الداخلية ،فقد بات لكل من الزعيمين لوائحه ومرشحيه في المناطق المختلفة ،ولا يمكن ان تكون المصالحة مثمرة الا اذا انسحب احد الاثنين للآخر ام خرج من المعركة، وهذا لم يحصل بحيث ان الخصومة بقيت مستعرة بين الفريقين والمنازلة قائمة حتى ١٥ ايار موعد اقفال صناديق الاقتراع وحتى ان هذا التاريخ قد يشكل موعد السباق الكبير ان كان الفائزون من كلي الطرفين وقد ينطلق الصراع الى اسفل قبة البرلمان بانتظار المنازلة السياسية الكبرى عنينا بها المعركة الرئاسية، بانتظار ( ترياق آخر) من حارة حريك وربما من دمشق او ايران يشبه كلمة سر تفصل بين المرشحين لرئاسة الجمهورية ،ولكم رددتها اكثر من جهة ممانعة : ” هذه عيني وتلك عيني”….
وبين المرشح المسيحي الايراني – السوري الهوى الطامح الى كرسي الرئاسي الداعم لحزب الله واستراتيجيته ومقاومته ، والآخر الذي يدين نفس الولاء للمحور نفسه، ازمة سياسية خانقة تضج باروقة الحزب وجمهوره،
لقد اجاد الاخير توليف المعركة الانتخابية النيابية، فهو مرتاح البال من المحافظة على مقاعد الثنائي في المناطق المختلفة ،كما أنقذ بعض ( حواصل) التيار من السقوط المدوي ورتب هدنة مع الزعيم الشمالي سليمان فرنجيه اقله وقف الحملات العنيفة ضد جبران باسيل لتمرير استحقاق أيار باقل قدر من الخسائر، وان بات مكشوفاَ للعيان بان خمس دوائر انتخابية مسيحية على الاقل سيفوز التيار ببعض مقاعدها بفضل الرافعة الشيعية و ( التكليف الشرعي) مع تدبير رقم ١ وضغوط كبيرة غير مسبوقة، لكن تبقى ( معركة العلمين) بانتظار الطامحين لها، وان كان فرنجيه قد أجبر في تشرين الاول عام ٢٠١٦ على التنازل عن طموحه وتمرير السنوات الست المنصرمة للتيار ،فان من المستحيل اليوم المونة عليه بست اخرى بعدما سقط التيار في التجربة وقاد عهده البلاد الى الافلاس، وهذه ابرز ورقة يواجه بها خصمه اليوم، ولهذا لم يستطع السيد نصرالله انتزاع من فرنجيه أكثر من هدنة لشهر ونيف قبل ظهور نتائج، وهو يدرك تماماً في قرارة نفسه أن زخم شعارات ٢٠١٦ ودعمها الدولي لم تعد قائمة عام ٢٠٢٢ ، وقد أكلها دهر هذه السنوات وشرب يضاف اليها تقهقهر سوف تفرزها صناديق ايار ،هذا ان لم يتمكن الغارقون بشعارات جوفاء من تأجيل الانتخابات وتمرير تمديد رئاسي ،حتى وسائل انقاذ السقوط ستشكل فوضى وتوترات ومواجهات سياسية وربما أمنية لن تحمد عقباها.
وبين حليف مسيحي للحزب لم يخوض تجارب ممارسة الحكم ومحاربة الفساد وآخر غرق حتى اذنيه بفشل الفساد والصفقات والسمسرات، يبقى حزب الله مرتاحاً بممارسة خياراته التكتيكية، فعذره قائم، وقد أعطى فرصة لست سنوات لحليف ،ومنحه مكافأة لوقوفه لجانبه في حرب تموز ٢٠٠٦، وها هو يستعد اليوم لحفلة منح فرصة لست سنوات أخرى لحليف آخر بنظره – لن يطعن المقاومة بظهرها – ولا يلام بترك التيار بمنتصف الطريق، أكثر ما زوده به مرحلياً، بطاقة هدنة الى حين اعلان نتائج ١٥ أيار ،اذ ذاك، يوم خسارة زعامة جبل لبنان المسيحية، لن يلام في دعم زعامة أخرى لستة أعوام، في مسيرة طويلة مرتبطة بولاية الفقيه غير محدودة في الزمان والمكان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى