أخبار محلية

أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الجمعة ١٣ / ٩ / ٢٠٢٤ 

 

ذلك أن الانفجار الاجتماعي في لبنان صار ظاهرة لا تشبهها أي حالة مماثلة في دول الانهيارات والأزمات إذ هو غالباً منفجر وكتوم صامت إلا لماماً، كما لو أن اللبنانيين أصابهم مقتل اليأس التعبيري، مهما تكن طبيعة التعبير ومنحاه، سياسياً وطنياً كان أو اجتماعياً اقتصادياً. ولا يعني ذلك اعتبار تحرك مئات العسكريين في شوارع بيروت بين كر وفر لمحاصرة حكومة متعبة وهرمة و”نصفية” بفعل المقاطعة السياسية من أبرز مكون مسيحي فيها، أو مصابة أساساً بعلة العجز لكونها حكومة تصريف أعمال، غاية المنى والطلب.

فهذه الأنماط استنفدت يوم سقطت ثورة 17 تشرين الأول 2019 في “دمائها” وذهبت أضغاث الخيبة والإحباط حين “استنقعت” في حفرة تخريب وسط بيروت فحسب ولم يتقن عقلها الجماعي العبور الى إسقاط واقع تحالف سلطوي مرتبط بمحور إقليمي معروف ومهيمن على البلاد والطبقة المركبة السياسية – الاقتصادية – المصرفية المسؤولة عن انفجار الفساد والتسبب بالانهيار. ومع ذلك يتعيّن على أي اتجاه احتجاجي من الآن فصاعداً، وبعد هذا التعفن القاتل في الداخل اللبناني وترك الطبقات الأشد عوزاً تحت وطأة استفحال الفجور السياسي الذي يطبق على لبنان، أن يتقونن وفق بوصلة دقيقة لا تعرف الزوغان وعدم الدوران في الحلقات العقيمة.

والحال أن تراكم السنين بهذه الأرقام القياسية لمؤسسات دستورية صارت هياكل، وأزمات تتعاظم تداعياتها وأرقامها وأعدادها القياسية العملاقة كما ضحاياها، لا يترك أدنى مجال للتفاجؤ يوماً ما بنوع مختلف من الانفجارات الاجتماعية التي من شأنها أن تجعل لبنان أمام فوضى غير مسبوقة قد تغدو أشد خطراً من أي حرب أهلية. قبل انفجار انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 كان اللغو الإعلامي والصحافي والسياسي في البلد الزاهي بمقاييس خيالية للفوائد على الودائع بما جعله جنة الودائع في العالم قاطبة، كان ذاك اللغو غائباً تماماً عن احتقانات وتداعيات الفساد السياسي والسلطوي فانفجرت ثورة اجتماعية لم يعرف لبنان في تاريخه مثيلاً لها عابراً للطوائف والمناطق، ولو أنها أخفقت وفشلت في إقامة البديل الإصلاحي والسيادي في البلاد.

الآن ثمة ما هو أخطر من اللغو الإعلامي والسياسي نفسه… ثمة ما يثبت معالم مؤامرة كاملة ناجزة لإطاحة الدولة وكل بقايا الحمايات للفئات المهمشة والضعيفة والمفتقرة والفقيرة فيما تصعد طبقات بل فئات مستفيدة من كل بركان الانفجارات والانهيارات السابقة. لن نضيف على ذلك واقعاً مخيفاً لأكثر من مليوني نازح سوري صاروا مقيمين راسخين فيما ينزف شلال هجرة اللبنانيين ولا سيما شبابهم وما يرتبه ذلك من رعب التغيير الديموغرافي للبنان بأسره.

لذا، وفي معزل عن طبيعة أي احتجاج محق، ولن يكون الاحتجاج إلا محقاً حتماً، من العبث إضاعة الوقت إن لم يذهب التعبير الصارخ الى محرّك الأزمة الوجودية في لبنان اليوم وهو “برلمان الفراغ” فحسب، فلا تخطئوا العنوان…

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com