أبرز الأخبار

ميقاتي يزج بالجيش في حساباته الضيقة

“ليبانون ديبايت”

ينتهج رئيس الحكومة أسلوباً مغايراً للأعراف والقوانين في مقاربة ملفات خاصة بالمؤسسة العسكرية، مستنداً إلى هرطقات قانونية لا سند لها في النصوص، ويمعن بالتدخل في شؤونها من دون مبرر منطقي سوى إلحاق الضرر بها في ظروف يمكن وصفها بالحساسة جداً.

فقد أرسل رئيس حكومة تصريف الأعمال، عبر الأمانة العامّة لرئاسة الحكومة، كتاباً إلى هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل، لإبداء رأيها في قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية الذين يشملهم القانون الرقم 317 الصادر عن مجلس النواب، والذي قضى “بتمديد سن التقاعد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، الذين يُمارسون مهامهم بالأصالة أو بالوكالة أو بالإنابة، ويحملون رتبة عماد أو لواء”.


وأتى هذا الكتاب بعد أيّام من إصدار وزير الدّفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، قراراً بتمديد سن التقاعد لعضوَي المجلس العسكري اللواء ركن بيار صعب واللواء الركن محمّد مصطفى.

هذه الإسستشارة التي طلبها رئيس الحكومة من الهيئة لا تقع في مكانها الصحيح، إذ لا يجوز لرئيس الحكومة استشارة الهيئة كما يؤكد الخبير الدستوري والقانوني عادل يمين في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، فالإستشارة تعود إلى الوزير المختص كما جاء في المادة التاسعة: “تتولى هيئة التشريع والإستشارات أيضاً بناءً على طلب من الوزير المختص” وفقاً لأحكام القانون 126 (تنظيم وزارة العدل) والمرسوم الإشتراعي 151 ، المعدل بالمرسوم الإشتراعي 23/85.”

وبحسب الأحكام، طلب الإستشارة يعود إلى الوزير المختص، أي وزير الدفاع وليس رئيس الحكومة، وقرار الهيئة غير ملزم إطلاقاً وأساساً هو ليس في أوانه لأن قرار وزير الدفاع سبق وصدر.

كما يؤكد يمين أنه لا يحق لرئيس الحكومة أن يلجأ إلى الهيئة الإستشارية العليا وحيداً كما تنص المادة 13 من المرسوم الإشتراعي عينه، حيث “يمكن لمجلس الوزراء في القضايا البالغة الأهمية أن يطلب صدور الرأي الإستشاري عن الهيئة الإستشارية العليا التي ينضم إليها رئيس مجلس شورى الدولة وإثنان من رجال القانون، يعينهم مجلس الوزراء ويترأس الهيئة عندئذ وزير العدل”.

أي أن القانون حصر طلب الإستشارة بالوزير المختص في هيئة التشريع والإستشارات فيما منح مجلس الوزراء، وليس رئيس الحكومة، اللجوء إلى الهيئة الإستشارية العليا في القضايا الهامة، ممّا يؤكد أن الرئيس ميقاتي يمارس أعرافاً جديدة لا تمت إلى القانون بصلة ويمكن تصنيفها بالهرطقة القانونية المستندة إلى رأي قانوني شخصي بحت.

إلاّ أن ما يتوجّب الوقوف عنده، أن هذه الهرطقة ليست الأولى في سجّل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث شهدنا على سابقة في تعيين رئيس للأركان بدون العودة إلى الوزير المختص أي وزير الدفاع، والذي لم يصدر مرسوم تعيينه إلى اليوم لأنه بحاجة إلى توقيع الوزير المختصّ، في دلالة واضحة على حجم المخالفة التي يقوم بها رئيس الحكومة.

وتبقى العين على جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل حيث توضح مصادر السراي لـ “ليبانون ديبايت”، أنه حتى الساعة لم يُحسم موضوع الكلية الحربية، وما إذا كان سيدرج على جدول أعمال الجلسة أم لا، ولكنها تكشف عن أجواء إيجابية لا توحي أبداً بأن وزير الدفاع من جهة ورئيس الحكومة وقائد الجيش من جهة أخرى، سيذهبون إلى “مشكل”، وأن المشاورات مستمرة للوصول إلى حلول ترضي الأطراف.

وفي حال أدرج ملف الكلية الحربية وتمّ اتخاذ القرار بشأنه فإننا نكون أمام هرطقة ثالثة بالغة الخطورة.

وذلك يشرّع السؤال عن أسباب زجّ المؤسسة العسكرية في التجاذبات القانونية والسياسية دون غيرها من المؤسسات في البلد. فهل الهدف ضربها وإدخالها في الزواريب السياسية الضيقة في زمن تحتاج فيه إلى التفرّغ التام لمهامها الدفاعية في ظل العدوان الإسرائيلي؟ ومن هنا الدعوة الملحّة لميقاتي بأن يترك الجيش بعيداً عن حساباته الضيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com