أبرز الأخبار

حزب الله يستغل الضياع السنّي لفوزه وحلفائه بمعظم الدوائر

فيما ينجز فيه حزب الله حساباته الانتخابية وتحالفاته، لا يزال الضياع مسيطرًا على خصومه. إنها الفرصة التي يستعيد فيها الحزب عينه الأوراق كلها. ولا تنفصل الانتخابات عنده عن أي ملف سياسي أو مالي أو اقتصادي، ولا عن حساباته في السياسة الخارجية وفي توازن مواقفه من تطورات الحرب الروسية على أوكرانيا، في ظل ترقّب صدور نتائج سريعة لمفاوضات الاتفاق النووي.
وموقف حزب الله من الموازنة، هو نفسه من ترسيم الحدود، الذي أعاد النائب محمد رعد تجميع كل خيوط الملف في يد حزبه، فطوى صفحة التأويلات والتحليلات التي تتحدث عن اقتراب عقد الصفقة.

بيروت: نائبان للأحباش؟
يستفيد حزب الله من هذه الوقائع لإعادة فرض شروطه على الجميع. فهو حين يرفع سقف موقفه في ملف ترسيم الحدود، يعلم أن لا أحد يعارضه أو يعترض على ما يريد، خصوصًا التيار العوني، الذي في أمس الحاجة للتحالف مع حزب الله انتخابيًا. وحزب إياه بأمس الحاجة إلى رفع المعنويات برفضه التنازل في ملف الترسيم، وإبقاء آفاق الصراع واسعة، فيحشد عليها انتخابيًا.
وتحت هذا السقف عمل حزب الله طوال الأيام الماضية على إنجاز استعداداته الكاملة لخوض المعركة الانتخابية. ونجح في أماكن ودوائر كثيرة في إعادة تجميع حلفائه على لوائح مشتركة. أما الدوائر التي تترشح فيها أكثر من لائحة، فذلك لزوم المعركة وتأمين الحواصل وتوفير مقومات فوز حلفائه، كما هي الحال في دائرة بيروت الثانية مثلًا. إذ هناك اتفاق بين حزب الله والأحباش على تشكيل لائحتين، ما يمكن الأحباش من تحصل حاصلين، والحصول على نائبين. وبذلك يتعزز وضع حزب الله.

تحالفات جزين والشمال
أما في جزين فقد يكون هناك تكرار للسيناريو نفسه، في حال لم يتم التوافق على تشكيل لائحة واحدة تضم أمل أبو زيد عن التيار العوني، وابراهيم عازار المتحالف مع حركة أمل والرئيس نبيه بري، مع ترشيح كاثوليكي للتيار، وعبد الرحمن البزري في صيدا. وفي حال عدم القدرة على توفير مقومات تشكيل هذه اللائحة، تتشكل لائحتان، لتتوزع أصوات الشيعة عليهما، فيوفر حزب الله الفوز لحليفيه.

انطلاقًا من هذا المسار، يأتي التحالف والتفاهم في دائرة كسروان- جبيل، وتوفير الدعم للتيار العوني عبر حلفاء آخرين في دائرة الشمال الثالثة، والسعي إلى توفير فوز حلفاء حزب الله السنة في الشمال، وتحديدًا في طرابلس والمنية -الضنية. والأمر نفسه ينطبق على دائرة البقاع الشمالي. وبذلك يصبح حزب الله قادرًا على تأمين الفوز، وضرب خصومه الذين لم يتمكنوا من إنجاز تحالفاتهم بعد، ولا يمتلكون تصورًا واضحًا حول آلية الترشح وتشكيل اللوائح.

الضياع السني مستمر
فعلى ضفة السنّة لا تزال الحسابات متضاربة بين الجميع. حسابات تيار المستقبل، والذي لا يزال جمهوره يطالب بالمقاطعة، فيما كرر التيار موقفه: من يريد أن يكون له نشاط انتخابي عليه الاستقالة من التيار. ويعمل أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري ورئيس جمعية بيروت للتنمية أحمد هاشمية، على تشكيل لوائح في بيروت بلا استخدام اسم التيار. وينسق الأحمدان في ما بينهما ويتنافسان أيضًا.

وتشير معلومات إلى أنهما ذهبا إلى الرئيس سعد الحريري في دولة الإمارات للقائه والبحث في اتخاذ القرار. وبعض المقربين من الحريري يقولون إنه استدعاهما لوقف نشاطهما. لكن مصادر أخرى تنفي ذلك، وتقول إن هدف الاستدعاء تنسيق الترشيح من دون استخدام اسم المستقبل علنًا.

السنيورة وميقاتي ونواف سلام
وهذا التحرك من شأنه أن يستهدف حركة الرئيس فؤاد السنيورة، والذي تقول مصادر قريبة منه إنه لا يطلب شيئًا لنفسه، إنما يريد تشكيل جبهة تمنع اختراق حزب الله للبيئة السنية. ولا يبدو السنيورة مصرًا ولا متمسكًا بالترشح، لكنه يسعى إلى المساهمة في تشكيل لائحة في بيروت.

وفي هذا السياق عقد اجتماع بين السنيورة ونجيب ميقاتي، فتوافقا على أن الخيار الأمثل في هذه المرحلة: إقناع نواف سلام بالترشح وحده، لجمع البيوتات البيروتية، واحتواء أي هجوم مستقبلي، وتنفيس مكائد المستقبل، واحتواء مجموعات الثورة والمجتمع المدني. لكن سلام لم يحسم أمره بعد، على الرغم من حماسة كثيرين لدخوله إلى الميدان.

وفي هذه المعادلة يستمر السنة في تبادل الضربات عن قصد أو عن غير قصد، أو عن حسابات شخصية ومصلحية. والمستفيد الأكبر هو نجيب ميقاتي. فبحال عدم موافقة سلام على الترشح، وعدم قدرة السنيورة على خوض المعركة في ظل محاولات من تيار المستقبل لإجهاض تحركه أو تعطيله أو التأثير عليه سلبًا، يفوز ميقاتي بنقطتين أساسيتين: الأولى أنه ينجح في إعادة فرض نفسه مرشحًا في طرابلس، والثانية أنه يفوز ويكون الممثل الوحيد للسنة. وبذلك يضمن مرحلة جديدة من رئاسته الحكومة بعد الانتخابات، مستفيدًا من تخبط الآخرين وتناحراتهم، ومن عدم دخول نواف سلام إلى المعترك.

كل هذه الحسابات المتضاربة تقود حزب الله إلى الفوز في الانتخابات. وهو فوز تترتب عليه نتائج صعبة في المجالات الاقتصادية والمالية، وفي ملف ترسيم الحدود وسواه.

فوز حزب الله
صحيح أن الحزب يحقق نصرًا سياسيًا وانتخابيًا انطلاقًا من ضعف الآخرين وتشتتهم، لكنه سيجد نفسه أمام مسؤوليات كبيرة في حال صار زمام السلطة في يده، خصوصًا على وقع تطورات كبيرة في المنطقة والعالم، وتنعكس على الساحة اللبنانية في ظل استمرار كل مقومات الانهيار.

المصدر: جريدة المدن الألكترونيّة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى