أبرز الأخبار

الجريمة ليست سياسية لكنّ القوات مصرّة: “ما بتِقطَع”.

فصل جديد من الخطر دخل فيه لبنان ليل الأحد بعد الإعلان عن خطف منسّق القوات اللبنانية في مدينة جبيل باسكال سليمان ثمّ الإعلان عن قتله على يد عصابة سرقة سيارات. المعنيون بالتحقيقات أكّدوا لـ”أساس” أنّ الجريمة ليست سياسية. لكنّ القوات مصرّة: “ما بتِقطَع”… والاحتقان الطائفي في أوجه. على أعتاب حرب أكبر قد تقتلع لبنان كلّه.

أربع وعشرون ساعة كانت كفيلة بجعل البلد قنبلة موقوتة. وكانت كفيلة بإظهار ما لا يزال شبه مكتوم في النفوس. لم ينتشر الجيش اللبناني في كلّ زاوية من شوارع مدينة جبيل فقط. بل انتشر في المناطق حيث ذاكرة الحرب الأهلية لا تزال عالقة. الشوارع الفاصلة بين الشيّاح وعين الرمّانة أصبحت أشبه بثكنة عسكرية منعاً لأيّ تطوّر في الأحداث. ومناطق كثيرة أخرى مرشّحة لتكون “خطوط تماسّ”.

هو قطوع لن ينتهي قبل اعتراف الجميع بأنّ سبب هشاشة السلم الأهلي يتخطّى هذه الحادثة. بل هو تراكم لأحداث بلغ فيها الخطاب الطائفي حدّه الأقصى. وبلغت فيها الأحداث الأمنيّة حدّاً لم يعد يُحتَمل. فذاكرة اللبنانيين لا تزال تعدّد فصولاً من الأحداث الأمنيّة التي بقي التحقيق فيها غامضاً، والتي سقط فيها ضحايا لم تُشفَ نفوس عائلاتهم بعد منها.

حتى يومنا هذا، لا تزال القوى السياسية تعتاش على الخطاب الجماهيري لشدّ عصبها. بين غضب القوات الذي قد يكون مبرّراً في هذه الحالة، وبين الخطاب العالي السقف في السياسة من القوات ومن الحزب على حدّ سواء، والذي كاد أن يشعل حرباً أهلية.

جعجع في ساحل جبيل… مجدّداً

في جبل لبنان، على كلّ قمّة صليب. مرّ على هذه الجبال أحداث كبيرة تاريخية. ليس أكبرها قتل باسكال سليمان. وها هي اليوم تعيش فصلاً جديداً من الأزمة اللبنانية بعد أكثر من ثلاثين عاماً على إعلان وقف الاقتتال الأهلي.

بعد خروج قائد القوات سمير جعجع من السجن عملت القوات كمؤسّسة. فأصبحت منتظمة ونجحت في العمل على رفع تمثيلها لتتحوّل إلى كتلة كبيرة من 18 نائباً تمثّل 15% من مجلس النواب اللبناني. وهي نسبة كبيرة.

المعروف عن القوات اللبنانية شراستها في التعامل مع أحداث أمنيّة مماثلة إذا ما ثبت أنّ الخطف سياسي. فهي ابنة الحرب الأهلية وزواريبها. وربّما القدر اليوم أعاد سمير جعجع إلى ساحل جبيل، واضعاً إيّاه في لحظة مفصليّة.

لافتة جدّاً كانت زيارة جعجع لمركز القوات ليلاً في مستيتا. فلا بدّ أنّ ذاكرته أعادته إلى القضاء الذي كان يعني له الكثير في أيام الحرب. ولا بدّ أنّها أعادته إلى الانتفاضتين اللتين أطلقهما من هناك:

  • في 12 آذار 1985 بدأ انتفاضته على فؤاد أبو ناضر من هناك.
  • وفي 15 كانون الثاني 1986، بدأ انتفاضته على إيلي حبيقة من هناك أيضاً. حينها كانت الانتفاضة قوّاتية داخلية.

فهل تذكّر جعجع في طريقه إلى ساحل جبيل ليلاً تلك الأيام؟ وهل يفكّر أنّ مستيتا اليوم قد تكون عنوان انتفاضة ثالثة هذه المرّة بطابع ووجه آخَرين

القوّات.. والأمن الذاتيّ

تقول مصادر القوات اللبنانية لـ”أساس” إنّها حريصة على السلم الأهلي، لكنّها لن تتهاون ما لم تظهر الحقيقة واضحة. فالقوات جاهزة للتصعيد متى تدعو الحاجة. وبلغ الأمر بنوّابها حدّ الحديث عن الأمن الذاتي. هذا الخطاب القوّاتي قابلته رسائل بضرورة التهدئة. ففي معلومات “أساس” أنّ تواصلاً حصل بين الأجهزة الأمنيّة المعنيّة وبين جعجع، لشرح تفاصيل الحادثة وإقناعه بأنّها ليست جريمة سياسية بل ارتكبت على يد عصابة سرقة.

في المقابل كثيرة هي الأسئلة التي لا تزال تطرحها القوات حول تفاصيل الحادثة. فهي ترى أنّ نتيجة التحقيقات غير مقنعة، وأطلقت حملة “ما بتِقطَع” على مواقع التواصل الاجتماعي.

بانتظار انتهاء مراسم دفن باسكال سليمان الذي يُحضّر له ليكون مأتماً ضخماً في مدينة جبيل، ستبقى الأجهزة متأهّبة تخوّفاً من أيّ ردود فعل غاضبة محتملة.

زار قائد الجيش العماد جوزف عون بكركي في زيارة معايدة بالفصح. هذه الزيارة التي كانت مقرّرة مسبقاً كانت مناسبة أيضاً بحسب معلومات “أساس”، لكي يتناول اللقاء التحقيق الذي أعلنه الجيش اللبناني.

في المعلومات أنّ عون تحدّث مع البطريرك عن خطورة العصابات التي اشتهرت بسرقة السيّارات. وهي صاحبة سوابق، وقد سُجّلت أكثر من سرقة في المنطقة نفسها. وفي التحقيقات التي أجرتها مخابرات الجيش مع الموقوفين السوريين المتورّطين لم يتّضح أيّ دليل على أنّ الجريمة سياسية. بل إنّ المتورّطين اعترفوا بأنّ هدفهم كان سرقة السيارة.

 

جوزفين ديب

اساس ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى