أبرز الأخبار

مواقف نصرالله ستفتح “شهية” معارضيه

ليس من الطبيعي ألا تردّ إيران على الاعتداء الذي تعرّض له مبنى قنصليتها في دمشق. هذا ما أكدّه الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله في “يوم القدس”.

وهذا ما يقوله منطق الأشياء. وهذا ما توقعته تل أبيب عندما قرّرت توجيه ضربتها الموجعة عسكريًا وسياسيًا. ومن الطبيعي أيضًا أن تردّ إسرائيل على ردّ إيران.
وهذا ما أرادته منذ البداية. ولهذا قامت بما قامت به من عمل عدواني غير مسبوق في تاريخ الحروب.

فالقيادتان السياسية والعسكرية في إسرائيل تعرفان مسبقًا أن الردّ الإسرائيلي آت لا محال، وإن تأخر. وهم لم يكونوا في حاجة إلى تأكيدات نصرالله، على حسب ما تنقله عنهم الصحف الإسرائيلية. ولكن لا أحد يعرف كيف سيكون شكل هذا الردّ وحجمه وتوقيته. وهذا الأمر يربك الإسرائيليين، الذين يعيشون في هذه الأيام، التي تسبق هذا الردّ حالًا من الترقب والحذر، إن لم نقل حالًا من الخوف الشديد. وهذا ما هدف إليه نصرالله عندما أشار إلى أن الإيرانيين يأخذون وقتهم في ردّات فعلهم، وهم عادة لا تكون ردّات فعلهم إلا على البارد، وبعد أن تُتلف أعصاب العدو، خصوصًا أنهم من صنّاع السجاد اليدوي، الذي يتطلب إنهاء حياكة سجادة واحدة سنوات طويلة، والكثير من الصبر.

أمّا لماذا جاء تأكيد الردّ الإيراني الحتمي على لسان نصرالله فإن لهذا الأمر أكثر من تفسير، الأول له علاقة، كما تراه أوساط قريبة من محور “الممانعة، بـ “وحدة الساحات”، وأن “حزب الله” معني بأي تطور عسكري، سواء أكان هذا التطور يتعلق بقطاع غزة أو بتوجيه ضربة إلى أي موقع إيراني، أو حتى عندما يكون الحوثيون هدفًا للضربات الأميركية والغربية. وهذا ما تقوم به “المقاومة الإسلامية” في حربها الاسنادية انطلاقًا من الجنوب.

أمّا التفسير الذي يرد على لسان أكثر من معني في محور “المعارضة” فيذهب إلى حدّ التأكيد بأن تنصيب الأمين العام لـ “حزب الله” نفسه محامي الدفاع عن إيران وإعلان افتخاره بالوفاء لها انما يؤكد المؤكد، وهو أن ما يُتهم به “حزب الله” بربط مصير لبنان بمصير إيران وغزة والعراق واليمن ليس تجنيًا أو افتراء من قِبل “المعارضة”، وانما هو حقيقة لا يُستحى بها.

وفي رأي هذه الأوساط أن هذا التأكيد لم يأت بجديد لأن ارتباط “حزب الله” بإيران ليس ابن ساعته، بل هو من عمر “الحزب”، أي ما يقارب الـ 42 سنة. وانما ما هو جديد في تأكيد المؤكد هو توقيته في هذا الظرف الدقيق والخطير، الذي يمرّ به لبنان حاليًا، وهو المهدّد بوجوده وهويته على ما جاء في الرسالة الفصحية للبطريرك الراعي، وهو المهدّد أيضًا كل يوم من قِبل الإسرائيليين بردّه إلى العصر الحجري. وما يتعرّض له الجنوب يوميًا ليس سوى عيّنة عمّا يمكن أن يتعرّض له كل لبنان، وما سيتكبده اللبنانيون من خسائر في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.

في المقابل تعتبر أوساط سياسية مراقبة أن قول السيد نصرالله بأنهم “إذا أرادوا الحرب فنقول لهم يا هلا ويا مرحبا، والعدو يعرف ما الذي تعنيه الحرب مع لبنان”، ليس سوى أداة من أدوات الحرب النفسية، التي هي واحدة من بين السيناريوهات، التي يمكن أن تتجه إليها المنطقة بعد الردّ الإيراني، وما يستتبعه من ردّ إسرائيلي لا محال. ومن ضمن هذه السيناريوهات إمكانية التصعيد الذي ستكون له تداعيات على مجمل الوضع في المنطقة وعلى مستقبل الحرب الدائرة في غزة والجنوب.

فإعلان السيد نصرالله ولاءه التام والحاسم والصريح لإيران قد يعطي المزيد من الحجج لعدد كبير من الأفرقاء اللبنانيين، الذين ينتقدون سياسة “حزب الله” الداخلية والإقليمية، كمادة دسمة لاستكمال الحملات التي تّشن عليه انطلاقًا من قناعة مشتركة من قِبل هؤلاء بأن فتح الجبهة الجنوبية تحت ستار دعم الشعب الفلسطيني في غزة هو بهدف تحقيق المشروع الإيراني في المنطقة ليس إلا، على حدّ ما تتهمه به “المعارضة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى