أخبار محلية

ردّ وديعة الـ 100 ألف دولار من المصرف للمودع يستغرق 10 سنوات

تحوّل نمط عيش شريحة من الطبقة الميسورة، أو بالاحرى التي كانت ميسورة قبل احتجاز ودائعها، من نمطٍ كان مبنيّا على استهلاك مختلف المواد الاساسية، الثانوية والفاخرة، والانفاق على السياحة والسفر والاستجمام والتسوّق، الى نمط يقتصر على استهلاك الحاجات الاساسية فقط، بعدما سلبتها السلطة الحاكمة والمصارف مدّخراتها وجنى عمرها!

وتلك الطبقة لا تشمل بالطبع كلّ من هرّب أمواله بعد الازمة الى الخارج وكلّ من لا يزال ينتج ويتقاضى مدخولاً شهرياً يكفيه للحفاظ على نمط عيشه القديم. وبين صفوفها من كان يصر منذ اندلاع الازمة المالية على عدم المساس بودائعه او الاستسهال في سحب جزء منها بقيمة تقلّ عن قيمتها الفعلية، اعتقاداً منه انه سيسترجعها في زمن قريب أو بانتظار ايجاد حلّ لأزمة الودائع لكن بدأ صبره ينفد.

وهناك ايضاً من فقد الامل بالشيء الكثير بعدما تم اذلاله لـسنوات بـ400 دولار شهرياً لا تكفيه لسداد فواتير الكهرباء والمولدات والمحروقات. وباتت تلك الطبقة التي تشمل عموماً المودعين من متقاعدين في القطاعين العام والخاص وأصحاب الدخل المحدود والمتوسط، لا تأبه لكيفية حلّ ازمة الودائع ولا لنسب الاقتطاع منها ولا لتاريخ استردادها، بل تسعى فقط الى رفع الحدّ الاقصى للسحوبات النقدية المسموح بها شهرياً من اجل تأمين أبسط حاجاتها من غذاء ودواء.

بعد اندلاع الازمة المصرفية والاحتجاز القسري للودائع، كانت شرائح من المودعين ترفض سحب دولار واحد من وديعتها بقيمة أقلّ من قيمتها الفعلية، لكنّ السلطة الحاكمة بالتعاون مع البنك المركزي وجمعية المصارف نجحت بعد 4 سنوات في التسبّب باصابتها باليأس، واستسلمت لدرجة ان البعض صار لا يطالب باسترداد ودائعه بل فقط بحفنة دولارات اضافية شهرياً على قاعدة: أعطنا دولاراتنا كفاف يومنا!

مقترحات الـ 151 والكابيتال كونترول

وبما ان جميع الأبواب والوسائل سُدّت امام البعض من أجل تأمين مدخول مادي يسنده، إن كان من خلال بيع عقار مثلاً، فهو ينتظر إما رفع سعر صرف السحوبات، وهناك من ينتظر تعديل التعميم 151 بحيث يتوقف الهيركات بعد الغاء سعر 15 الف ليرة للدولار مع امكان ان يقر مصرف لبنان لهؤلاء امكانية سحب 150 دولاراً شهرياً، او زيادة الحدّ الاقصى للسحوبات الشهرية عموماً وفق مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي يلزم المصارف تسديد 800 دولار شهرياً. إلا ان لا الاحتمال الاول ولا الثاني يشفي غليل اليائسين. لان الاول، سيؤّمن لهم فقط حقهم في تثبيت قيمة وديعتهم في حال حصوله لدى اقرار الموازنة واعتماد سعر صرف 89500 ليرة للدولار، وسيقيّد في المقابل السحوبات ويُبقي على سقوف متدنية من اجل الحفاظ على حجم الكتلة النقدية المتداولة بالليرة في السوق وعدم زيادة التضخم. اما الاحتمال الثاني (سحوبات وفق الكابيتال كونترول) فهو صعب المنال وسط المعركة التي يشنّها مصرفيون وموالون لهم في السلطة التشريعية ضدّه، بسبب عدم قدرتهم على تأمين كلفة تمويله، وبسبب ما يعني اقرار هذا القانون والزامهم بالسداد لجهة شبه اعلان افلاس مصارف، خصوصا ان تلك المصارف لم تطبق لغاية اليوم التعميم 682 الذي يوّسع شريحة المستفيدين من التعميم 158! علماً بأن الالتزام بمبلغ 800 دولار شهرياً يعني ان وديعة الـ 100 الف دولار سيستغرق ردها نحو 10 سنوات وفق المعطيات القائمة اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى