أخبار محلية

هكذا تخلَّص القذافي من الإمام الصدر

كتب جان الفغالي

مَن عاش وعايش الحرب اللبنانية ، منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي ، يذكر جيدًا إسم عبد السلام جلود ، وكيف أن هذا الإسم لم يغب عن الصفحات الأولى للصحف اللبنانية ، إلى درجة ان البعض اعتبره، للوهلة الأولى، أحد أركان ” الحركة الوطنية اللبنانية.”

جلود الذي كان الرجل الثاني في ليبيا ، بعد العقيد معمر القذافي ، يكشف في كتاب مذكَّراته الذي صدر حديثًا تحت عنوان ” الملحمة ” ، كيف دعا القذافي الإمام موسى الصدر لزيارة ليبيا ، وكيف ” اختفى ” في هذه الزيارة .

يقول عبد السلام جلود تحت عنوان : ” لغز اختفاء موسى الصدر” : في احتفالات الفاتح من سبتمبر 1978، كان الإمام موسى الصدر من بين الشخصيات التي دعاها القذافي. وفي الواقع لم أكن أعرف أن القذافي دعا الصدر لزيارة ليبيا، إلا بعد أن أعلنت وكالات الأنباء اختفاءه.

ما إن سمعت بالنبأ، حتى اتصلت هاتفيًّا بأحمد رمضان مدير مكتب القذافي وطلبت منه أن يوصلني هاتفيًّا بالأخ معمّر لأتحدث معه، وكنت في حالة غضب شديد. قلت له: “ما هذه الجريمة الشنعاء التي ارتكبتها؟ هل من المعقول أن تدعو شخصًا وهو في ضيافتك وفي بيتك، باعتبار ليبيا هي بيتنا الكبير، ثم ترتكب هذه الجريمة؟ هذا ليس من الشهامة والمروءة والرجولة. إنه عمل خسيس وغير أخلاقي ومدمر”، فقال لي بغضب: “أنت تتهمني بقتل موسى الصدر؟ برّا دوّر عليه (اذهب وابحث عنه) أنا لا أعرف عنه أي شيء”، ثم أغلق سماعة الهاتف في وجهي. وهذه الواقعة ذكرها أحمد رمضان عند التحقيق معه بعد سقوط النظام.”

الخطير في ما كشفه جلود ، تاكيده رسميًا رواية ان احد الشبيهِيِن بالإمام الصدر ، تمَّ تسفيره إلى روما ، في هذا السياق يكشف جلود : ” علمت أن القذافي طلب من أجهزة الأمن أن يختاروا له شخصًا بحجم وطول الإمام الصدر، ليتقمص شخصيته ويلبس ملابسه ليغادر إلى روما. وبالفعل رشحوا له أحد الضباط وهو برتبة عقيد في الأمن الداخلي اسمه محمد علي المبروك الرحيبي.”

أما لماذا ” تخلَّص ” الفذافي من الإمام الصدر ، فيقول جلود : ” أذكر أنّ الأخ معمّر، خلال لقاءاتي معه، كان يقول لي دائمًا إنه يرفض ويعارض بشدة أن تتولى شخصية شيعية إيرانية زعامة الشيعة العرب في لبنان أو العراق، وكان يقول: “الإمام الصدر هذا إيراني ومدسوس في الطائفة الشيعية، وقيادة الشيعة في العالم العربي يجب أن تكون قيادة عربية”.

كتاب جلود الذي صدر حديثًا جدًا ، هو الأبرز في باكورة المذكرات لمسؤولين عرب في استهلال السنة الجديدة ، ويتوقَّع له أن يثير ردات فعل عنيفة لدى البيئة الشيعية ولاسيما لدى بيئة حركة أمل .

قضية الإمام موسى الصدر هي من أكثر القضايا غموضًا في العالم العربي ، وقد بات عمرها 44 عامًا ، من تاريخ اختفاء الإمام في أيلول 1978 . هذا الملف من الجانب اللبناني، في يد رئيس مجلس النواب نبيه بري ، ولا يساوم فيه مع أحد ، حتى ان قضية توقيف نجل القذافي ، هنيبعل ، يُمنَع على أحد التدخل فيها .
Twitter
WhatsApp
Email
Copy Link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى