أبرز الأخبار

هكذا قرأت الصحافة والأوساط الأمنية الإسرائيلية خطاب نصرالله

المصدر: المدن

وجد كثيرون في الداخل اللبناني بخطاب أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، الأخير، بادرة أمل بتجنب توسيع نطاق الاشتباك في الجبهة مع إسرائيل، على الأقل في المرحلة الحالية، لا سيما وأن أي حربٍ واسعة النطاق ستدمّر لبنان لا محالة. وعلى الجانب الإسرائيلي، رأت الصحافة والأوساط الأمنية بهذا الخطاب تفادياً للانزلاق إلى وضعٍ قد يخرج في أي لحظةٍ عن السيطرة ويمتدّ ليشمل المنطقة بأسرِها.

رسالة تهديد جوية
موقف الأوساط الأمنية الإسرائيلية من خطاب نصرالله الأخير، نقله موقع “مونيتور” الأميركي، إذ توجه مصدر أمني إسرائيلي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لنصرالله، حتى قبل الغوص في تفاصيل الخطاب، متوعداً إياه بالقول “الجميع يتحدث عن كثافة هجمات القوات الجوية على غزة. حقيقة الأمر أن قوتنا الجوية تعمل بنسبة 40 في المئة من قدراتها وحسب، لأن كل الأنظار شاخصةً على نصرالله في الشمال. وإذا اشتعلت الساحة الشمالية، سيشعر حزب الله بقدرة القوة الجوية الإسرائيلية الكاملة”.
أضاف “يجب أن يعلم حزب الله بأن قدرات إسرائيل قد تم تطويرها بشكلٍ كبير منذ حرب لبنان الثانية في عام 2006”.

التذكير ب “عقيدة الضاحية”
قبيل خطاب نصرالله، اتخذت السلطات الإسرائيلية قراراً غير معتاد، بحيث طلبت من جميع القنوات التلفزيونية الكبرى عدم بث الخطاب على الهواء مباشرةً حتى لا يحقق نصرالله غايته، وهو الذي اعتاد على إبقاء إسرائيل في حالةٍ من الترقب عندما يخاطب أتباعه.

ويشير الموقع الأميركي بأن المسؤولين الإسرائيليين يأخذون تهديدات نصرالله على محمل الجد. وهذا ما دفع الفريق المتقاعد غادي آيزنكوت، العضو الحالي في مجلس الحرب الإسرائيلي، للقيام بجولةٍ على الحدود الشمالية لإسرائيل يوم الخميس الماضي وتوجيه رسالة واضحة إلى حزب الله، جاء فيها “رسالتنا إلى كل من يفكر في تقليد الهجوم الدموي الذي نفذته حماس في الجنوب، والمساس بالسيادة الإسرائيلية، بأن إسرائيل ستدمر قدراته العسكرية، وتقضي على قادته، وتلحق ضرراً شديداً بالدولة التي تسمح أو تدعم مثل هذه المحاولات”.

ويوضح الموقع بأن آيزنكوت، الذي أمضى أربعة عقود في الجيش الإسرائيلي، نادراً ما اعتاد أن يهدد. ولم يقل الكثير علناً منذ بدء الحرب على غزة. وقد شغل هذا الأخير منصب رئيس عمليات الجيش الإسرائيلي خلال حرب عام 2006 مع حزب الله وكان مؤيداً قوياً لما يُسمى بـ “عقيدة الضاحية” المتمثلة في استخدام المدفعية والغارات الجوية ضد البنية التحتية المدنية لتثبيت الردع. واتُبع هذا المبدأ لتدمير مقر نصرالله في ضاحية بيروت عام 2006. ووفق الموقع، كان هذا الردع فعّالاً لأكثر من ستة عشر عاماً، ولكن مع تقدم الحرب في غزة، يخشى كثيرون في إسرائيل أن تكون هذه المعادلة قد انتهت بالنسبة لنصرالله.

استبعاد التصعيد الكبير
أما عن مضمون الخطاب، فوجد فيه مصدر عسكري إسرائيلي كبير، تحدث للموقع شريطة عدم الكشف عن هويته، بأنه “عدم استعداد لرفع مستوى الرهان بشكلٍ كبير على الرغم من تصاعد هجمات حزب الله الصاروخية على أهدافٍ إسرائيلية في الأيام الأخيرة”.

وتابع شارحاً “يبدو أن نصرالله فهم أن المشهد الكامل أكبر من قدراته. وكان للوجود الأميركي في البحر دورٌ كبير في تكوين موقفه”، في إشارةٍ إلى مجموعتيّ حاملات الطائرات الضاربتين اللتين نشرتهما الولايات المتحدة في البحر الأبيض المتوسط.

اتصالات مستمرة لمنع الكارثة
من جهتها، قالت صحيفة “التايمز” الإسرائيلية، بأنه في أول خطابٍ له منذ أن أعلنت إسرائيل الحرب على حماس بعد عملية “طوفان الأقصى”، وجه أمين عام حزب الله تهديداتٍ للدولة اليهودية وأعرب عن تضامنه مع الفلسطينيين وشهدائهم. لكنه لم يعلن عن خططٍ واضحة لتوسيع صراع حزبه مع إسرائيل، كما كان البعض يخشى أن يفعل.

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مسؤولٍ كبير في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قوله إنّ خطاب نصرالله لا يبدو أنه يشير إلى استعداد حزبه لتوسيع صراعه مع إسرائيل. مضيفاً “نحن على تواصلٍ منتظم مع الحكومة اللبنانية ومع آخرين في لبنان للتأكد من عدم امتداد هذه الحرب إلى لبنان. توسع هذه الحرب سيكون بمثابة كارثة مطلقة على لبنان”.

قدرات الحزب والعمليات الحالية
توازياً، اعتبر آفي ميلاميد، وهو مسؤولٌ سابق في المخابرات الإسرائيلية، عمل أيضاً كمستشار للشؤون العربية لرؤساء بلديات القدس، في مقابلةٍ مع مجلة “نيوزويك” الأميركية، أن موقف نصرالله وإستراتيجيته أكدا أن حزبه سيستمر بتحركاته كما فعل منذ بداية الحرب على غزة، وأنه لن يوسع الصراع ولن ينشط جبهة جنوب لبنان بالكامل.
وأكمل ميلاميد قائلاً “ما قاله نصرالله عن مشاركة حزبه في الحرب غير مقنع، لأن ما رأيناه بعيد كل البعد عن القدرات العسكرية الكاملة لحزب الله”.

إبقاء الأمور على وتيرتها الحالية
في الأثناء، وضعت صحيفة “إسرائيل هيوم”، خطاب أمين عام حزب الله، في خانة المحاولة لثني إسرائيل عن توجيه ضربة استباقية إلى الحزب، مشددةً على صعوبة تحقيق هذا الأمر الآن لا سيما وأن الحزب إياه في حالة تأهبٍ قصوى.
ولفتت الصحيفة بأن تصريحات نصرالله جمعت بين الحذر والتهديد، حيث أكد أن كل الخيارات مطروحةً على الطاولة. مركزةً على كلماتٍ قالها عن المواجهات مع إسرائيل على طول الحدود كإجبار الجيش الإسرائيلي على تقليص القوات المهاجمة في غزة من أجل نقل جزء منها إلى الشمال، لتشير بأن نصرالله يفضل الاستمرار في هذا المسار وعدم التصعيد ما دامت النيران أقل حدة من تلك التي تؤدي إلى حربٍ شاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى