أبرز الأخبار

هل يقلب “طوفان الاقصى” الطاولة ويدفع نحو التطبيع؟

مع طي حرب اسرائيل على غزة اسبوعها الاول وما تبعها من تطورات ميدانية تُنذر بتصعيد خطير على طول الجبهات مع فلسطين المحتلة، بدأ الكلام عن سيناريوهات ما بعد يوم “طوفان الاقصى” الاول وفق أي أجندة سترد الفصائل في غزة وماذا عن دور حزب الله المحوري على الجبهة الجنوبية، واستطرادا هل من جدول اعمال أُعدَّ مسَبَّقا على المستويين العربي والدولي لانهاء الحالة الموجودة في غزة كما في لبنان؟

انطلاقا من تصريح وزير الدفاع الاسرائيلي والذي اعتبر فيه ان لا مصلحة لبلاده بفتح جبهة الشمال مع لبنان واشارته في الوقت نفسه الى أن هذه الحرب ستُغير وجه المنطقة الى الابد، وعطفا على ما يتردد همسا في الاروقة الدبلوماسية بعد استيعاب المحاور ما حصل يوم السابع من تشرين الاول، يبدو أن الجغرافيا السياسية تفرض نفسها وبقوة على دول المنطقة لاعادة ترتيب أولوياتها وعلاقاتها مع دخولنا زمن التحولات الكبرى على المستويين الاقتصادي والتكنولوجي وما تفرزه من اصطفافات جديدة تتهيأ لاستقبال “الشرق الاوسط الجديد”.

ففي فلسطين ومع ارتفاع اسهم حماس عسكريا وامتداد نفوذها على القرار الفلسطيني في دول الشتات، تقلص نفوذ حركة فتح الى حد كبير وهذا ما عبَّرت عنه الاحداث الاخيرة في مخيم عين الحلوة وما تبعها من مواقف هجومية من قبل مسؤولين من حركة فتح على قيادات حماس التي تعمل على حصر القرار الفلسطيني بيدها. قوة حماس التي ظهرت في السنوات العشر الاخيرة ونتائجها المدمرة بالنسبة للاسرائيليين، تستغلها حركة فتح الداعمة في السر، لأي قرار دولي يُطيح بالحركة على المستوى العسكري. من هنا يأتي الحاح القيادة الفتحاوية على ضرورة طرح فكرة الدولتين وحصر القرار الفلسطيني بيد منظمة التحرير التي يربطها تفاهم طويل مع المسؤولين الاسرائيليين وأثبتت قدرتها على ضبط شارعها في الضفة الغربية قبل تغلغل حماس وتجنيدها شبان هناك. هذا التمدد الكبير لحماس يقرأه بعض المحللين السياسيين على أنه بداية نهاية الحركة خصوصا وأن هناك من دفعها الى تطبيق سيناريو السبت الاسود داخل غلاف غزة لاعطاء حجة لاسرائيل بـ “سحقها” كما يردد المسؤولون في تل أبيب، وهو الذي رفع الغطاء الانساني عن أهالي القطاع وسمح للاسرائيليين بممارسة بطشهم ضد الاهالي واستعمال القنابل المحرمة دوليا بمباركة ودعم اميركي وغربي، ووسط صمت عربي ظهر وكأنه “قبة باط” لسحق غزة قبل حماس.

اما في لبنان فترتفع المخاوف من فتح الجبهة الجنوبية، لأن ما هو قادم أخطر بكثير من حرب الـ 2006 وما أبلغته اسرائيل للوسطاء يؤكد ان هناك دماء ستسيل في كل المناطق اللبنانية من دون استثناء، كما أن فكرة اقتحام المستوطنات شمالا باتت ساقطة عسكريا بعد أن كشفتها حماس في غلاف غزة، وعنصر المفاجأة لم يعد موجودا، وبالتالي فإن الاعتماد أكثر على الصواريخ قد يتم ابطاله من قبل الاميركيين الذين يفعلون منظومة اسرائيل الدفاعية.

يقول خبير عسكري في معرض حديثه عن الحرب الاسرائيلية: إن من يستحضر آلاف عناصر الاحتياط من الخارج ويتكبد عليهم الكثير من الاموال ويقود اساطيل العالم لحمايته، فهذا يعني أنه يريد الحرب على أكثر من جبهة، مشيرا الى أن عدد القتلى غير المتوقع دفع باسرائيل الى اتخاذ القرار الصعب وهو انهاء حالة حماس في غزة وحزب الله في لبنان.

اما عن نتائج هذا القرار فيؤكد الخبير العسكري أن ذلك مرهون بعوامل عدة ابرزها قدرة الحزب على المناورة وتحمل تبعات سياسة الارض المحروقة في لبنان وما اذا كان قادرا على ضمان البيئة اللبنانية الحاضنة له، أم أن هناك اطرافا سيواجهونه في الداخل؟. اما في غزة فالوضع قد يكون أسهل للاسرائيلي لاسيما وأن حماس لن تتمكن من الصمود كثيرا لأن أكثر من دولة عربية مع فكرة انهائها، وتلعب منظمة التحرير دورا ايجابيا مع اسرائيل لتبقى منفردة بالقرار الفلسطيني.

قد تستغرق الحرب شهورا ولكن مع دخولنا زمن التطبيع يبدو أن قطاره سيمر على سكة ضحايا بالالاف، والحرب العالمية التي نشهدها اليوم قد تكون بداية تحولات كبيرة على مستوى المنطقة. تحولات قد تطيح بـ “الطقم القديم” من اسرائيل الى فلسطين وصولا الى لبنان، لصالح طبقة سياسية جديدة قادرة على ملاقاة التغيرات الكبيرة وما نشهده اليوم بداية مسار تطبيع بكلفة باهظة على مستوى الانسانية.

خاص ليبانون فايلز – علاء الخوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى