أبرز الأخبار

العملية بدأت قبل عامين وأن التدريبات حصلت في معسكرات بسوريا

طوني بولس

independentarabia.

لا تزال “الضبابية” تسيطر على القرار النهائي لـ “حزب الله” تجاه إمكانية انخراطه بحرب مفتوحة مع إسرائيل تضامناً مع استمرار عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها “كتائب القسام” الذراع العسكرية لحركة “حماس”، إذ يجمع المحللون العسكريون والاستراتيجيون أن المناوشات التي تشهدها منطقة مزارع شبعا لا تزال ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ اتفاق وقف الأعمال الحربية بعد حرب يوليو (تموز) 2006.

ووفق تصريحات لوزير الخارجية اللبنانية عبد الله بو حبيب، “تلقت الحكومة اللبنانية وعداً من الحزب بأنه لن يتدخل في حرب غزة إلا إذا (تحرشت) إسرائيل بلبنان”، كذلك كشفت معلومات عن تواصل حصل بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع قيادات “حزب الله” لحثه على ضبط النفس وقد نقل “الوعد” في اتصال هاتفي مع كل من رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلا أن التسريبات المصرية أفادت بأن وعد ضبط النفس مشروط بعدم تقدم إسرائيل برياً في قطاع غزة.

ساعة الصفر

وتتضارب المعلومات حول معرفة “حزب الله” المسبقة بالعملية العسكرية في غزة، إذ يكشف مصدر أمني لبناني أنه لم يرصد أي تحرك استثنائي للحزب في جنوب لبنان أو باقي المناطق قبيل العملية العسكرية، كاشفاً أن الاستنفار بدأ بعد ساعات على العملية، “ما يعطي انطباعاً أنه ربما كان الحزب على علم بالعملية لكنه لم يكن يعلم بساعة الصفر”.

وبرأيه فإن التحضيرات لتلك العملية بدأت قبل عامين وأن التدريبات حصلت خارج غزة، مرجحاً أن تكون في معسكرات بسوريا أو أيران، لافتاً إلى أن التدريبات قد تكون على مجموعات من 30 عنصراً بدون إبلاغهم عن الخطة أو الهدف الفعلي إلا قبيل التنفيذ، وبرأيه المجموعات مرتبطة بغرفة عمليات واحدة نسقت التحركات من دون أن تكون المجموعات على اطلاع بعمل بعضها.

ويشير إلى أنه في إسقاط على المناورات العسكرية التي أقامها “حزب الله” مؤخراً في لبنان، يمكن الاستنتاج أن الحزب قد يكون هو من درب الفرق الفلسطينية على اقتحام المواقع بواسطة الدراجات النارية والقيام بعمليات خطف جماعية، ومن غير المستبعد أن تكون قد حصلت على الأراضي اللبنانية.

سباق “حماس” والحزب

ويتابع المصدر نفسه بالقول إن الحزب بات بمأزق حقيقي، فهو من ناحية محط أنظار بالنسبة للفصائل التابعة لمحور “الممانعة” ومطالب من قبلها بالانخراط في “المعركة”، ومن ناحية أخرى يريد أن يظهر أمام المجتمع الدولي بمظهر “الدولة” التي تتحكم بالقرارات والالتزام بالتعهدات ولا سيما قضية الترسيم البحري وما نتج عنها من اتفاقات بعضها معلن وبعضها ضمني.

كذلك بات محرجاً أمام التفوق الكبير الذي أظهرته ميدانياً “كتائب القسام” بوجه الجيش الإسرائيلي، إذ بات أي تدخل عسكري بالنسبة له يحتاج إلى إنجاز ميداني يفوق ما أنجزته “حماس” للبقاء في صدارة ما يسمى قوى “الممانعة”.

ولفت إلى أن “حزب الله” يدرك أيضاً واقع تغير المزاج الشعبي تجاهه منذ حرب يوليو 2006، وشرائح واسعة في لبنان تعتبره نسخة عربية من “الحرس الثوري الإيراني”.

“تحرير شبعا”

وسط استنفارٍ لعناصر الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة الموقتة العاملة في لبنان “يونيفيل”، بعد سلسلة مناوشات حصلت خارج نطاق عملها وفق القرار الدولي 1701، قال النائب في كتلة “حزب الله” البرلمانية حسين جشي، إن “ما حصل اليوم يفهم بتوقيته أنه رسالة تضامن مع (…) الفلسطينيين، لكنه أيضاً ردّ فعل على احتلال العدو الإسرائيلي لأراض لبنانية، وهذا أمر طبيعي بأداء المقاومة، من هنا كان اختيار الحزب قصف أراض لبنانية محتلة لتأكيد حقنا بتحرير أرضنا”.

وكان رئيس المجلس التنفيذي لـ “حزب الله” هاشم صفي الدين، توجه للفصائل الفلسطينية بالقول “إن سلاحنا وصواريخنا معكم”، متابعاً حديثه في مناسبة أقامها الحزب في بيروت تضامناً مع الفلسطينيين: “نقول لهؤلاء: الأمة معكم. قلوبنا معكم، عقولنا معكم، أرواحنا معكم. تاريخنا وبنادقنا وصواريخنا معكم”.

رفض المبادرات الدولية

ويرى العميد في الجيش اللبناني جورج الصغير، أن “عملية طوفان الأقصى قد تكون فرصة المنطقة للسلام والاستقرار”، موضحاً أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ظل متعنتاً برفض المبادرات الدولية والشروط العربية لقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية”، معتبراً أن ما حدث سيسهل إقناعه بذلك ولا سيما ان الإدارة الأميركية الحالية لا تتوافق معه برفض مبادرات السلام ولا تستطيع الضغط عليها نظراً لوجود “لوبي” يهودي مؤثر بالقرار.

وبرأيه فإن الإشارات الأولية التي يمكن قراءتها في قصف “حزب الله” لمواقع إسرائيلية ضمن مزارع شبعا فهذا يعني في هذه المرحلة أنه لا يوجد نية جدية للانخراط في الحرب الشاملة طالما المناوشات محصورة في المنطقة المتنازع عليها والقصف المتبادل لا يطال المدن أو يتسبب بأضرار بشرية.

ويلفت إلى أن إيران تراقب مجريات الأمور في المنطقة وارتدادات الهجوم الفلسطيني في العمق الإسرائيلي، وقال “طهران لا تريد حلاً للقضية الفلسطينية وهي منذ الأساس تجهض مسار الدولتين وبالتالي في حال رأت أن هناك إمكانية لترتيب الوضع الداخلي وقيام تسوية في المنطقة على قاعدة إعطاء حق الفلسطينيين ستطلب حينها من الحزب الانخراط في الحرب”.

4 خسائر

من ناحيته يستبعد العميد في الجيش اللبناني يعرب صخر، انخراط “حزب الله” في الحرب الشاملة مع إسرائيل، معتبراً أن الاشتباك سيبقى ضمن نطاق المناوشات الحدودية المحدودة، وذلك بعد انتهاء عنصر المباغتة الذي استفادت منه “حماس” في الساعات الأولى لعملية طوفان الأقصى”، كذلك عامل آخر يساهم بعدم انخراط الحزب هو التعاطف الدولي الغربي مع إسرائيل إضافة إلى التأهب الأميركي ومد جسر دعم مادي وعسكري.

وأضاف، “تعرضت غزة في السابق لأربع هجمات إسرائيلية ولم يتدخل الحزب بأي منها”، كاشفاً أنه على المستوى العسكري لم يعد يحدث تدخل “حزب الله” أي فارق في المعركة بعد انتهاء مفعول المباغتة الذي كان يمكن أن يحقق نتائج ميدانية كبيرة لو حصل بالتزامن مع هجوم “حماس”.

وبرأيه شهدت المنطقة خلال الأشهر الماضية تراجعاً للدور الإيراني، بدءاً من أذربيجان حيث قطعت تركيا وروسيا الطريق على إيران في عمق القوقاز، وأيضاً شكّل الإعلان عن الممر الاقتصادي “الهندي” عبر الخليج وصولاً إلى أوروبا عبر إسرائيل منافسة حقيقية لطريق “الحرير” الصيني الذي تعتبر إيران مركزه الاستراتيجي، إضافة إلى الخسارة الثالثة وهي البحث الجدي في الاتفاق العربي – الإسرائيلي وهو متكامل مع هذا الخط الاقتصادي “الهندي”، وصولاً إلى الخسارة الرابعة عبر التضييق الأميركي على الحدود العراقية – السورية، الأمر الذي دفع محور “الممانعة” لتوجيه ضربة كبيرة قادرة على تغيير التوازنات.

لبنان في قلب المعركة

في المقابل يؤكد الكاتب السياسي قاسم قصير، أن لبنان لن يكون بعيداً عن التطورات الميدانية وتداعياتها، معتبراً أن “حزب الله” ينسق منذ البداية مع الفصائل في قطاع غزة، كاشفاً أن العمليات العسكرية لن تتوقف عند حدود استهداف المواقع في مزارع شبعا، “بل هناك تصعيد للعمليات العسكرية في الساعات المقبلة وذلك على ضوء التطورات الميدانية في قطاع غزة”.

وحول تأثر لبنان بالتطورات الفلسطينية، أوضح أنه على الصعيد العسكري والميداني بات لبنان في قلب المواجهة المباشرة وان كانت المواجهات حتى الآن محدودة، إلا أنها قد تتوسع إلى حرب شاملة وربما حرب إقليمية كبرى.

ورأى أنه على الصعيد السياسي، التصعيد سيدفع المؤيدين لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للاستمرار بالدعم وقد يكون له تأثير على مواقف قوى محلية وعربية ودولية، وقال “لاحظنا تغيير المواقف لدى الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وعدد من النواب المستقلين وقد نشهد المزيد من التغييرات في الايام المقبلة”، لافتاً إلى أن التحالفات السياسية قد تتغير وستصبح الأولوية كيفية مواجهة إسرائيل على بقية الملفات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى