أبرز الأخبار

نصب عليهم وجمع الأموال من مغتربين جنوبيين في إفريقيا الذي يُقدّر بأربعة ملايين

المصدر: المدن

منذ أيام فاحت رائحة سرقة كبيرة في الجنوب، بطلها -حسب الإعلام- أحد العاملين على خط تحويل الأموال من إفريقيا . فقد قيل إن أحد الشبان من آل قعفراني جمع الأموال من مغتربين جنوبيين في إفريقيا ، متعهداً بنقلها لذويهم في لبنان. وما أن وصل إلى لبنان حتى اختفى ومعه المبلغ الذي يُقدّر بأربعة ملايين دولار أميركي.

تفتح هذه القضية الباب على عملية تحويل الأموال من إفريقيا إلى لبنان عن طريق وسطاء “غير قانونيين”، والأسباب التي تدفع إلى اعتمادها، والخطر الكبير الذي يرافقها، حيث تكثر السرقات في هذا المجال، ولو أن أغلبها لا يتم كشفه عبر الإعلام لأسباب سنتحدث عنها بالتفصيل. فبعد حادثة سرقة حوالى مليون ونصف المليون دولار الربيع الماضي من قبل أحد الشبان الذي هرب إلى تركيا، تأتي الحوادث الجديدة اليوم.

البداية من الحادثة الأخيرة
قبل الغوص بهذه الحادثة، تكشف معلومات خاصة عبر “المدن” عن وجود بوادر “سرقة جديدة” كبيرة حصلت بالطريقة نفسها منذ فترة قصيرة جداً أيضاً، بطلها أحد اللبنانيين في أبيدجان، يعمل في مجال التزيين الرجالي. إذ غادر البلد بعد جمعه حوالى 2 مليون دولار، كان يُفترض أن يُدفعوا للبنانيين في لبنان، ولم يفعل بعد.

بالعودة إلى القضية التي ذاع صيتها مؤخراً، تكشف مصادر خاصة عبر “المدن” أن الشاب الموجود في لبنان حالياً يعمل في مجال تحويل الأموال من إفريقيا إلى لبنان منذ سنوات، وكانت تعاملاته تتسم بالثقة المطلقة، حتى أنه في إحدى المرات وقعت مشكلة بالتحويل، فقام بتغطية الخسائر من ماله الخاص. لذلك كان محل ثقة من قبل المحولين. وهو ما خلق بلبلة وقلقاً في صفوف اللبنانيين بإفريقيا حيث باتوا يعتقدون أنه يمكن لأي أحد أن يسرق الأموال، في أي وقت من الأوقات.

لقضية هذا الشاب أبعاد أكبر من المسألة المالية. تُشير المصادر إلى أن الحادثة رافقها أخبار عن اعتراف الشاب بأسماء الذين أرسلوا معه الأموال إلى لبنان إلى السلطات الإيفوارية، كونهم “يهربون” الأموال بطريقة غير قانونية. وهو ما جعل عدداً كبيراً منهم يسافرون إلى لبنان، حيث هم اليوم يخشون العودة بحال كان الرجل قد أبلغ عنهم فعلاً، مع العلم أن الشاب ينكر بشكل كامل أن يكون قد أبلغ السلطات عن أي إسم.

تقول المعلومات أن المبلغ “المفقود” يزيد عن 4 ملايين دولار، بينما تقول مصادر متابعة عبر “المدن” أنه أقل من مليونين ونصف المليون دولار، يخص عشرة أشخاص، (وليس لمئات الاشخاص كما يُقال هنا وهناك). مشيرة إلى أن ما حصل ليس سرقة بقدر ما هو “مشكلة” وقعت بعملية التحويل التي كانت تمر عبر إحدى الدول الخليجية، حيث علقت الأموال، وأن قسماً من الأموال دُفع لأصحابه، وهذا ما يُفترض أن يحسمه القضاء اللبناني حيث أصبحت المسألة بعهدته، بعدما اشتكى أحد أصحاب أموال على الشاب المتهم بالسرقة.

عملية التحويل وأسبابها
كثيرة هي الأسباب التي تدفع هؤلاء اللبنانيين إلى تحويل أموالهم عبر هذه الطريقة، من دون اعتماد الوسائل التقليدية المصرفية، أو من خلال شركات تحويل الأموال. أبرز هذه الأسباب، خصوصاً بالنسبة إلى المتمولين الكبار، هي الانتماء الطائفي، فالعين مفتوحة على المتمولين الشيعة. وكثُر منهم وُضعوا على لوائح العقوبات، وغيرهم تم ضرب أعمالهم في إفريقيا. وذلك في سياق الصراع مع العدو الاسرائيلي، والملاحقة الأميركية لحزب الله ومؤيديه، والذي يتخذ أكثر من منحى.

وأيضاً هناك أسباب أخرى تخص كل اللبنانيين من كل الطوائف، تتعلق بكيفية التحويل والتصريح عن الأرباح والضرائب والمعاملات الرسمية. إذ يكشف أحد العاملين في إفريقيا أن التحويل عن طريق الوسطاء يوفّر ما بين 12 إلى 16 بالمئة للمحوّل، مشيراً عبر “المدن” إلى أن التوفير يبدأ من خلال عملية تحويل العملة المحلية إلى دولار. فبحال التحويل عبر المصارف لا يتم احتساب سعر الصرف كما هو بحال كان التحويل عبر وسطاء. كذلك فإن نسبة الوسيط لا تتجاوز بشكل عام 8 بالمئة، بينما هي أعلى من ذلك بكثير في المصارف وفي شركات التحويل.

كذلك هناك مسألة “الأوراق الرسمية” التي يحتاجها المصرف لإجراء عملية التحويل، التي عادة ما تكون صعبة للغاية في تلك الدول، وقد لا تكون متطابقة الأوراق الرسمية المصرح عنها مع حجم الأموال التي يتم تحويلها. وبالنسبة إلى شركات التحويل التقليدية فهي تُستخدم للمبالغ الصغيرة جداً بسبب تحديد سقوف التحويلات وارتفاع كلفة التحويل.

في منطقة الجنوب على سبيل المثال، يعمل عشرات الأشخاص في التحويل، حيث يتم استلام المبالغ، بالعملات المحلية أحياناً في إفريقيا، ويتم تسليم المال بالدولار في لبنان. ولدى المحولين وسائل نقلهم الخاصة للأموال، سواء نقداً أو من خلال التجارة.

يخشى اللبنانيون في إفريقيا من أمرين، الأول هو ازدياد هذه السرقات، لأن السارق يُدرك بأن لا أوراق رسمية تُثبت عملية التحويل أو الحصول على الأموال، ولأنه يُدرك أيضاً أن الذين يتعرضون للسرقة نادراً ما يتحدثون عنها، خشية من اكتشاف السلطات لأسمائهم. والثاني هو خسارة هذا النوع من التحويلات، لأنه يشكل لهم حلاً مثالياً بظل كل الوضع الصعب القائم في إفريقيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى