منوّعات

جبارة يتحدث عن ثلاثة عناصر أساسيّة لحل أزمة الدواء

توجّه موقع “ليبانون ديبايت” إلى نقيب مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات في لبنان السيّد كريم جبارة بأسئلةٍ تتعلّق بأزمة الدواء، كما وطلب منه طرح الحلول الممكنة للجم تفاقم هذه الأزمة الحادة. في ما يلي الأسئلة الموجّهة إلى السيّد كريم جبارة وأجوبته.

1- حسب الوقائع الراهنة، لا تزال أزمة الدواء مُستعِرة بين انقطاعٍ لبعض الأدوية المزمنة وارتفاعٍ جنوني لأسعار الدواء. برأيكم، أين تكمن المشكلة الأساسية؟ هل في رفع الدعم التدريجي عن الأدوية أم في تهريب الأدوية أو احتكارها؟

نعم، وللأسف، لا تزال أزمة الدواء قائمة. فحتّى الآن، هناك انقطاع في بعض الأحيان لعدد من أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية. برأينا، وبحسب الوقائع، تكمن المشكلة الأساسية في الدعم، إذ إنّ المبلغ المتوفّر من أجل دعم الأدوية المستوردة غير كافٍ، ولا يسمح بتأمين احتياجات جميع المرضى، ممّا ينتج عن انقطاعات للأدوية من وقتٍ إلى آخر. وتجدر الإشارة إلى أنّه يتم تحديد الكميّات المستورَدَة من قبل وزارة الصحة العامّة، بالتنسيق مع المصرف المركزي. كما وأنّ المستورِد يتلقّى أذونات مسبقة تحدّد الكميات والأنواع التي يُسمَح استيرادها. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الوزارة والمصرف المركزي جاهدين على تأمين معظم الأدوية ضمن ميزانية الوزارة المحدودة، والجميع يعلم أن هذا المبلغ لا يكفي. وبالتالي، سنشهد وللأسف انقطاعات في بعض الأدوية من وقتٍ إلى آخر.

أما في ما يخصّ موضوع الاحتكار، فلقد ذكرنا مرارًا في السابق، ونحن نؤكّد اليوم انعدام الاحتكار كليًا، وذلك لثلاثة أسباب. أولًا، لتعدد البدائل الجنيسية (generic) لكل دواء، ثانيًا، لعدم تأمين الدولة الحماية لوكالات الأدوية الحصرية، وثالثًا، لأن الدولة هي من يحدد الأسعار وهوامش الربح وليس الشركات المستوردة. إذًا، التطرّق إلى الاحتكار هو وسيلة يلجأ إليها البعض لرفع المسؤولية عنهم وتحميلها للأسف إلى القطاع الخاص. وأودّ أن أشير أيضًا أن النقابة أصدرت بتاريخ 25 كانون الثاني، 2022، بيانًا أعلنت فيه بَدء وصول شحنات أدوية للأمراض المستعصية تِباعًا إلى لبنان، مرفِقَة الجدول الذي يضمّ تواريخ وصول هذه الشّحنات إلى بيروت.

2- حسنًا، ولكنني أودّ أن ألفت نظركم إلى أنه مع هبوط سعر صرف الدولار الى حدود الـ23000، لم يتلمّس المواطن أي انخفاض في سعر الدواء، بل على العكس، فإن أسعار معظم الأدوية قد ارتفعت. هل يمكنكم عرض الأسباب وراء هذا الارتفاع؟

أولًا، كما ذكرنا مرارًا في السابق، إن كل الأدوية في لبنان، أكانت مدعومة كليًا أو جزئيًا أو غير مدعومة، تُسعَّر من قبل وزارة الصحة العامة بالعملة الأجنبية، ويُحوَّل بعدها إلى الليرة اللبنانية. ولقد أصبح معروفًا لدى الجميع أن الوزارة تنطلق في آلية التسعير من أسعار الاستيراد المعتمدة في 15 دولة في العالم، لتحدّد بعدها السعر الأرخص بين كل هذه الأسعار مجتمعة، ليصبح بدوره سعر استيراد هذا الدواء إلى لبنان. ولذلك، أنا أؤكّد لكم أن هذا الاتهام باطلٌ؛ إذ إن وزارة الصحة العامة قد قامت الأسبوع الماضي بتغيير سعر الصرف مرّتَين في الأسبوع، وقد خفّضته من 30000 إلى 23000، وذلك تماشيًا مع سعر صرف الدولار في السوق السوداء. وبالتالي، هذه المعلومات غير صحيحة، فسعر الدواء قد انخفض والأسعار منشورة على الموقع الالكتروني لوزارة الصحة، وندعو جميع المواطنين إلى اتّباع الأسعار على هذا الموقع ليتأكّدوا أنهم يشترون الأدوية بحسب الأسعار المحدّدَة من قِبَل وزارة الصحة العامة. علاوةً على ذلك، يتم تحديث هذا السعر أسبوعيًا من قبل وزارة الصحة العامة، ويتم تعديله في منتصف الأسبوع في حال ارتفع سعر الصرف في السوق السوداء أو انخفض بشكلٍ ملحوظ.

3- نشكركم على هذا الإيضاح، ونأمل أن يكون قد أجاب على تساؤلات المواطنين في هذا الصّدد. إلّا أننا نودّ أن نعلمكم حضرة النقيب عن وفاة سيّدة هذا الأسبوع من جرّاء فقدان الدواء الذي تتناوله بانتظام. في حالةٍ مأساويّة كهذه، من برأيكم يتحمّل مسؤولية هدر حياة المواطن بهذه الطريقة؟

إنني متأسُفٌ للغاية على المأساة التي حصلت مع هذه السيّدة، التي كانت ضحيّةً لسوء الإدارة كما ولنفاذ الأموال من بلدٍ تآكلته الأزمات. أضمّ حزني العميق إلى حزن أفراد عائلتها وأصدقائها وأحبّائها. أمّا في ما يتعلّق بمن يتحمّل المسؤولية، أؤكّد لكم وللجميع أنها لا تقع قطّ على عاتق الموزِّع الذي تُقيّد عمليّة الاستيراد وقوانينها يدَيه. يتم دعم هذا النوع من الأدوية إما كليًا أو جزئيًا، وبالتالي، فإن المستورد مُلزَم بكميات تحدّدها وزارة الصحة حسب الأولويات والميزانية، والتي قد لا تعكس احتياجات السوق بالكامل. وأكرّر أنّ المشكلة الحقيقية هي محدوديّة الميزانية المتوفّرة للدّعم لأدوية الأمراض المستعصية أو المزمنة. إذًا، المستورد يقوم باستيراد الدواء فور حصوله على الموافقات المسبقة، وذلك بحسب الكميّات التي تحدّدها الوزارة والمصرف المركزي، حتّى لو كانت هذه الكميّات أقلّ من حاجة السّوق حسب تقديرات المستورد. والجميع يعلم أن السبب الأساسي لفقدان هذه الأدوية وما لها من تأثير على المواطنين اللبنانيين، هو أن المبلغ المالي المخصَّص لتأمين الأدوية، أي 25 مليون دولار شهريًا فقط، غير كافٍ لتأمين الأدوية لجميع المواطنين اللبنانيين، ولا بدّ من أن يبحث المسؤولون عن تمويل إضافي من أجل جلب كميّة كافية من الأدوية إلى لبنان لتفادي حوادثٍ مؤلمة كهذه.

ما رأيكم بالبطاقة الدوائية التي تعمل عليها نقابة الصيادلة؟ وهل لكم أي علاقة في تنظيمها؟

لقد سبق وطلَبَت النقابة مِرارًا ومنذ أكثر من سنة ونصف السنة وضع نظام لتتبّع الدواء لكي يسلك الدواء المدعوم طريقه مباشرةً إلى المريض المحتاج، وليس إلى أي أحدٍ آخر بما فيهم المخزّنين أو المهرّبين أو المتاجرين أو المضاربين وغيرهم. وقد لمسنا الحاجة لذلك خلال العام 2020 حيث طلبنا وضع نظام تتبّع متطوّر، وطبعًا، أي نظام مماثل يتطلّب بطاقة دوائية تُعرّف عن كل مريض. لذا، نعم، نحن ندعم تطبيق نظام تتبّع مع بطاقة دوائية، كما وندعم توجّه نقيب الصيادلة إلى أن تشمل هذه البطاقة أيضًا تمويل شراء الدواء للمريض اللبناني.

سيّدي النقيب، مع استمرار ارتفاع تكلفة الدواء كما ذكرنا آنقًا، هل هناك أي اتجاه لدى المستوردين نحو بلدان جديدة لاستيراد أدوية ذات كلفة أقل؟

في الحقيقة، يستورد المستوردون كل أنواع الأدوية، بما فيها تلك ذات العلامات التجارية والأدوية الجنيسية (generic)، ومن مصادر مختلفة وبأسعارٍ مختلفة أيضًا. وبالتالي، تتنوّع الأسعار المتوفّرة لكل دواء، خاصةً الأدوية التي تنتهي حماية براءة الاختراع التابعة لها، وبالتالي تظهر الأدوية الجنيسية (generic) الخاصّة بها في الأسواق اللبنانية. وفي الوقت الحالي، يتوجّه المستوردون إلى تأمين أدوية ذات جودة عالية ومن مصادر جديدة وبأسعار أرخص، لكي تتماشى مع قدرة المواطنين اللبنانيين الشرائية.

6- أتوجّه إليكم بسؤالٍ أخير، برأيكم، ما هي الحلول الممكنة للخروج من أزمة الدواء؟

إن الحلّ يرتبط بثلاثة عناصر أساسيّة، أولًا، أن يتم تأمين تمويل لتوفير الأدوية للمواطنين اللبنانيين، وبالدعم هنا نقصد أيضًا دعم المريض مباشرةً، وليس فقط دعم الأدوية، من قِبَل الدولة أو الجهات الضامنة أو غيرها. ثانيًا، يجب وضع نظام تتبّع للدّواء من أجل التأكّد من أن الدواء المدعوم يصل إلى المريض المحتاج، وليس إلى مخزّن أو محتكر أو مهرّب. أمّا الدواء غير المدعوم، فلا داعي لتتبّعه لأنه أصلًا غير مدعوم. ثالثًا، يجب إيجاد طريقة مُحكمَة تسمح باستيراد نفس الدواء بشكلٍ مدعوم وغير مدعوم، كي يبقى متوفّرًا في الأسواق اللبنانية ولا يبقى مرتبطًا فقط بتوفّر آليّة الدعم، فالدواء المدعوم يتم تتبّعه بواسطة نظام تتبّع الدّواء الذي ذكرناه سابقًا، والدواء غير المدعوم يتم تتبّعه في مرحلةٍ مقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى