أخبار دولية

الرهائن والسجناء….. وقود الحرب المشتعلة في غزة

معتز خليل

نشرت عدد من الصحف ووسائل الإعلام الغربية الصادرة خلال الساعات الأخيرة تفاصيل المواجهة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جهة وعائلات الرهائن الإسرائيليين من جهة أخرى .
تحليل مضمون ما ذهبت إليه هذه الصحف يشير إلى أن الاجتماع أمتلئ بالكثير من الصراخ والجدال عقب اعتراف نتنياهو بأنه لا يستطيع ضمان سلامة الرهائن الإسرائيليين المعتقلين مع حركة حماس ، الأمر الذي يزيد من دقة وحساسية المشهد الآن.
غير أن ما يجري من تواصل للضربات الإسرائيلية في غزة ، وعمليات لا تتوقف في الضفة يدفعنا لطرح بعض من الأسئلة وهي :

1- هل تنجح خطة تجزئة عملية تبادل الأسرى في إنهاء الملف بأكمله بعودة كل الأسرى الإسرائيليين مقابل الإفراج عن كافة المسجونين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أو ما يعرف بتبييض السجون الإسرائيلية وتصفيرها من عناصر المقاومة؟
2- كيف ستؤثر عملية تبادل الأسرى على مسار الحرب الدائرة في قطاع غزة؟
4- هل ثمة إمكانية حقيقية لأن يؤدي تصفية ملف الأسرى إلى وقف إطلاق النار في غزة؟
5- هل ستنسحب القوات الإسرائيلية من غزة عقب انتهاء كل هذه الدراما المآساوية؟
من الصعب حاليا طرح فرضية واقعية للإجابة عن هذه الأسئلة ، غير أن هناك الكثير من الحقائق التي يمكن ذكرها في مخاض ما يجري ومنها:
1- ظلت إسرائيل ومنذ الأيام الأولى لعملية الاجتياح البري لغزة تردد أن هدفها الأول هو إسقاط حكم حماس، وأنها لن تقبل بعملية تبادل الأسرى مع حماس، كون الأخيرة- حسب وصف نتنياهو- “منظمة إرهابية”، ولا يمكن لإسرائيل، وله هو شخصياً، القبول بعملية غير متكافئة أخلاقياً بمقتضاها تفرج دولة معترف بها دولياً عن سجناء فلسطينيين أدينوا بجرائم قتل وإرهاب وينتمون لتنظيم تصنفه العديد من دول العالم على أنه تنظيم إرهابي، مقابل تحرير رهائن مدنيين إسرائيليين، تم اختطافهم من منازلهم”.
2- بعد أقل من أسبوعين من بداية الغزو البري، بدا أن نتنياهو قد اضطر للتراجع عن موقفه السابق تحت ضغوط من عائلات الأسرى أو المخطوفين الإسرائيليين، وتحت ضغوط مكثفة من جانب الولايات المتحدة والرأي العام العالمي. هذا التراجع هو ما قاد إلى طرح التساؤلات الأربعة سالفة الذكر، والتي سنحاول البحث عن إجابات لها.
وتمارس كلا من حركة حماس والحكومة الإسرائيلية الكثير من الجهود من أجل الإعلان عن انتصار كلا منهما على الآخر ، وهو ما أدى إلى خروج عملية تبادل المحتجزين من الأطر السياسية أو القانونية الدولية التي تنظم حقوق أسرى الحروب، لتصبح لعبة ممارسة القوة بين طرفين لا يعترف أي منهما بحقوق قانونية للطرف الآخر.
وتتعمق الأزمة الحالية مع تحفظ حركة حماس والمنظمات الفلسطينية الأخرى لنحو ١٢٠ إسرائيلياً مصنفين على أنهم عسكريون أو أمنيون (بعضهم بالطبع من عناصر المخابرات) تم القبض عليهم من مواقع عسكرية إسرائيلية خلال هجوم 7 أكتوبر، وأن وضعهم وطريقة تبادلهم يجب أن تختلف عن الأسلوب الذي تم من خلاله إدارة ملف الأسرى المدنيين.
وتسعى حماس إلى مبادلة هؤلاء بكافة السجناء الفلسطينيين في إسرائيل وعددهم يزيد على 6 آلاف شخص (يٌعتقد أن العدد أصبح أكبر مع استمرار إسرائيل في اعتقال المئات من الفلسطينيين في الضفة الغربية بشكل يومي منذ بدء الحرب الأخيرة).
على الجانب الإسرائيلي، هناك اعتراضات قوية من قبل بعض وزراء حكومة نتنياهو على الإفراج عن الفلسطينيين المدانين بجرائم قتل، أو هؤلاء الذين تصنفهم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على أنهم عناصر خطرة، حيث سيشكل الإفراج عنهم، وفقاً لرؤيتهم، خطراً أمنياً داهماً على إسرائيل مستقبلاً.
من ناحية أخرى لا يزال نتنياهو وأركان أجهزته الأمنية والعسكرية يعتقدون أن تشديد الهجمات ضد حماس هو الذى سيدفعها إلى الإفراج عن كافة المحتجزين لديها حتى من الجنود الإسرائيليين. ومن جهة ثانية، إذا ما مضت عملية تبادل المحتجزين ووصلت إلى نهايتها بتصفية السجون الإسرائيلية من كافة المحتجزين فيها من الفلسطينيين كما تطالب حماس، مقابل عودة كافة المحتجزين المتبقين من الإسرائيليين لدى حماس، فإن تشديد الهجمات الإسرائيلية ضد حماس سيغدو أمراً متوقعاً، في ظل الهدف المعلن لنتنياهو وهو القضاء على حركة حماس وتصفية وجودها العسكري في القطاع، وسيكون الأمر أكثر سهولة بالنسبة له بعد تحرره من الضغوط الداخلية التي كانت تطالبه باستعادة المحتجزين حتى لو اقتضى الأمر القبول بوقف إطلاق النار.
تصعيد متواصل
في ذروة كل هذا تواصل إسرائيل ضرباتها على غزة ، وقام الجيش الإسرائيلي بتقسيم جهده الهجومي على منطقتَي شمال قطاع غزة وجنوبه.
وبات ميدان المعركة في غزة منقسما إلى ٣ عمليات توغل بري وهي:
1- واحدة قادمة من الشمال الغربي في اتجاه مخيم جباليا
2- الثانية من الشرق في اتجاه الشجاعية، وكلتاهما في الشمال
3- الثالثة من الشرق في اتجاه خان يونس، وهذه في الجنوب.
وفي ظل ذلك، تدور اشتباكات عنيفة ومتصاعدة بين المقاومة وقوات الاحتلال، مع ارتفاع واضح في درجة الاحتكاك الميداني المباشر، حيث باتت غالبية الاشتباكات، التحامات بالفعل، ومن مسافة صفر.
وبات واضحا أن أحد أسلحة المقاومة المركزية هو الأنفاق التي يخرج منها عناصر الجيش ليكبدوا الجيش الخسائر ، وهو ما دفع بالمتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إيلون ليفي، لوصف الأنفاق التي تستخدمها حركة «حماس»، بأنها «فريدة من نوعها».
بدورها نسبت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية تصريحا عن مسؤول إسرائيلي قال إن «تدمير أنفاق غزة أشبه بالخيال العلمي، رغم ما تنفقه الحكومة الإسرائيلية من موارد لإيجاد حلول لتحقيق هذا الهدف».
وكشف المسؤول أن بلاده «تلقّت مساعدة أميركية قدرها 320 مليون دولار مخصّصة لتقنيات مكافحة الأنفاق لكن من دون جدوى»، حسب تعبيره. كما قال المسؤول الذي رفض الإفصاح عن هويته إن «حماس تعلّمت من الهجمات والحروب السابقة»، واصفاً ما «أنشأته حماس تحت قطاع غزة بأنه يتعدّى وصف الأنفاق، وهو أشبه بمدن تحت الأرض».
في نفس الوقت نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «إسرائيل أقامت نظاماً كبيراً من المضخّات قد يُستخدم لغمر الأنفاق التي تستخدمها حركة حماس أسفل قطاع غزة».
من هنا بات واضحا تعقد العملية برمتها ، وهو التعقيد الذي سيزيد من دقة المشهد على الصعيد الأمني ، خاصة مع تواصل القتال دون تحقيق أهدافه حتى الآن ، ولعل أبرزها الإفراج عن الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين في قبضة حماس ، وهو ما سيجعل القتال يتواصل حتى مع تخلل أيامه بهدنة هشة يفرضها المجتمع الدولي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى