أبرز الأخباربأقلامهم

بين جونية وحارة حريك… مفاهيم ملتبسة!

المحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي

أمس ، ظهر مسلح يدعى جاك الحاج في ساحة جونية مرتدياً زياً عسكرياً وهو يحمل رشاشاَ حربياً واطلق النار منه، فما لبث ان حضرت فرق عسكرية من الجيش اللبناني والمخابرات وامن الدولة عملت على تطويق المكان واعتقال الفاعل وتسليمه للشرطة العسكرية ومن ثم للقضاء العسكري.
اساساً تلك هي القاعدة وهذا هو المطلوب، فالتهم عديدة والمواد القانونية متعددة، بدءاً من اقتناء سلاح غير مرخص ربما واطلاق الرصاص وترويع الاهالي ولربما بلغت التهمة جرم محاولة القتل حيث تذهب النيابة العامة العسكرية للمطالبة باقسى عقوبة من هذا النوع سيما وقد وجد في حوذة الفاعل ١٦ رمانة يدوية…. ولكن
جاك الحاج لم يكن ” ابن ست ” بمفهوم دولة الممانعة وبياناتها الوزارية بثلاثيتها الذهبية، بل ” طلع ابن جارية” بل مسيحي ممن ينتمون الى اهل الذمة السياسية من المعارضين للنظام، ويستحق بالمعجم الممانع هدر دمائه لكونه اقتنى سلاحاً واطلق منه النار وحمل الاعلام : القوات والكتائب والاحرار ،تلك الاعلام الانعزالية والفاشية والصهيونية والرجعية!!
بعبارة اخرى لتوصيف المشهد بطريقة مختلفة نسأل :
لو كان مطلق النار في جونيه مسلما ينتمي الى المقاومة الاسلامية او الى حركة امل وينصب العلمين الاخضر والاصفر، هل كنا لنشاهد كتيبة من الجيش والمخابرات تداهم مكان اطلاق النار وتنقض عليه وتدعي عليه النيابة العامة العسكرية؟!
نعرض هذه الوقائع لاننا ما زلنا منذ العام ١٩٩٠ نشهد مكيالين مختلفين ونظرتين متناقضتين وصيفاً وشتاء على سقف واحد، وتعاملاً مع كل حدث وحادث على القطعة وفق طائفة الفاعل وانتمائه الحزبي والسياسي والعقائدي، وعلى هذا الاساس يتخذ القرار اما بتغطيته والوقوف الى جانبه كما حصل في الكحالة أخيراً، بل لانقاذه وحمايته ، او الاجهاز عليه وعلى فريقه السياسي ان كان منتمياً للفريق الآخر…..
هكذا نشهد يومياً جبهات قتال لا يحرك ازاءها ساكن كما يحصل اليوم في مخيم عين الحلوة، فيطلق ( الإخوة والأشقاء) الرصاص والقذائف والصواريخ باتجاه مدينة بكاملها فتستهدف المباني الامنية من بينها مبنى امن الدولة والامن العام والسرايا الحكومي والجامعة اللبنانية دون ان نسمع ان النيابات العامة ادعت على مجهول في وقت تعرف الجهات التي تطلق القذائف من المخيم باتجاه الادارات الرسمية اللبنانية…..
اما المظاهر العسكرية والمعارض العسكرية ونقل راجمات الصواريخ والمدافع واطلاق القذائف والرصاص في المناسبات ام بدونها والذي يودي بحياة الاطفال والنساء والشيوخ العزل الآمنين بعيداَ عن اي مسعى لردع هذه الظاهرة وهذا التفلت الأمني المخيف فحدّث ولا حرج.
” ناس بسمنة وناس بزيت” شعار ممانع ينام على وقعه الممانعون، فيسكرون من تداعياته التي تقوم على احلام تحرير لم ياتِ يوماً ،وفي المقابل تخويف لفريق آخر وتحريمه اقتناء السلاح، رغم كل ما يتعرض له من اضطهاد وتهجير وهجرة ومجازر وسرقة واختلاس وإذلال.. وان تجرأ فعلاً، فلا مكان لحجة اتخاذ لنفسه حق مقاومة طالما هي حكر للآخرين فقط……
ومن اليوم حتى تحرير القدس تبقى شروط اقتناء السلاح واطلاق النار منه حكراً على طائفة دون أخرى وحزب دون آخر وولاء دون آخر…. وبذلك يصبح شعار ” من هو ليس منا فهو ضدنا”،
سامح الله جاك الحاج الذي راودته لذة إطلاق النار في ساحة جونية لو فعلها بعد نصب اعلام حزب الله وحركة أمل والحزب القومي…. ، لما تجرأ أحد وداهم مكانه…..
إستعيدوا مئات أفلام العزاء والزفاف والاحزان والاتراح والافراح ونجاح الأقحاح، فتروي لكم الحكايات المبكية رصاصات الفلتان الأمني التي استقرت في رؤوس الابرياء وعظامهم وأحشائهم… وكذلك دموع امهاتهم واقاربهم.
حقيقة وإن مرّة استدعى الأمر سردها لتذكير من يعنيهم الأمر حيث لا عدالة في الارض، وإن كانت عدالة السماء لا يمحوها ظلم ولا اضطهاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى