أبرز الأخبار

أميركا والسعودية تستعجلان الاستثمار في الحرب لصالح القائد!

قبل وصول الموفد الرئاسي الأميركي، آموس هوكشتاين، إلى لبنان، تداعى عدد من النواب لزيارة قائد الجيش، العماد جوزف عون، عملاً بنصيحة زميل حضهم على ضرورة وضع أنفسهم بتصرف قائد الجيش، الذي سينتخب رئيساً بعد وصول الموفد الأميركي مباشرة. إلى هذا الحد وصلت رهانات البعض على المساعي الأميركية، في ما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية في لبنان. قبل هوكشتاين، ومعه وقبله، يستمر طرح قائد الجيش للرئاسة، عملاً بالعرف اللبناني السائد، وبالنظر لموقع جوزف عون لدى الأميركيين، وتصريحاتهم المتكررة حول تفضيل انتخابه.

لكن الموفد الرئاسي الأميركي غادر مثلما حضر، خالي الوفاض إلا من أمل جديد بثه للطبقة المحيطة بالجنرال في اليرزة وأرجائها. عاد إلى بلاده فيما بقيت آمال اللبنانيين معلقة على مساعيه لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. أمل لم يأت من فراغ. أميركياً، عززت حرب إسرائيل على لبنان حظوظ ترشيح قائد الجيش. هوكشتاين الذي لم يتحدث بالشأن الرئاسي مع رئيسي المجلس والحكومة، لم يفوت زيارة اليرزة. أوصى فريق عمله، قبل المغادرة، تحييد قائد الجيش عن التداول كي يبقى اسمه مطروحا لرئاسة الجمهورية.

رهان الأميركيين
يراهن الاميركيون ومعهم دولٌ غربية والسعودية على الميدان. يريدون استعجال الاستثمار السياسي بنتائج الحرب الإسرائيلية على لبنان، وتحديداً على حزب الله. وهذا استثمار لا يظهر إلا بعاملين اثنين: رئاسة الجمهورية، وتطبيق إلزامي للقرار 1701، وضمناً القرار 1559، أي تطويق سلاح حزب الله إن لم يكن بالامكان نزعه. مسألتان مترابطتان.
في هذا الوقت كان جوزف عون، من وجهة نظر البعض، يعمل على المراكمة في العلاقة مع الأميركيين. أداؤه منذ اندلاع ثورة 17 تشرين واتهامه بالامتناع عن فتح الطرقات التي أغلقها الثوار بطلب من القوات اللبنانية. ثم زادت محاولة الاستثمار حين اتخذت إسرائيل قرارها بالهجوم على حزب الله، بدءاً من تفجيرات البيجرز إلى استشهاد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، والطلب بسحب حواجز الجيش من مراكز انتشارها في القرى والبلدات الحدودية في الجنوب.

ميقاتي وتدخل طهران
في المواقف، كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأقرب إلى تأييد وصول قائد الجيش. قال نحتاج لما يقارب 10 آلاف جندي للانتشار في الجنوب، وشجّع رئيس مجلس النواب نبيه برّي والنائب السابق وليد جنبلاط على انتخاب رئيس للجمهورية، وفي خلفية رأسه اسم القائد. صدر البيان الثلاثي عقب اجتماعه معهما في عين التينة، متحدثاً عن انتخاب رئيس للجمهورية، وتطبيق القرار 1701. تدخلت طهران وعدلت بوصلة المطالب. أُربك برّي، سحبت الرئاسة من التداول. فجر رئيس الحكومة غضبه بمواجهة طهران. وجد في حديث رئيس مجلس شورى الدولة مناسبة لينصح “خففوا عاطفتكم”.

جاء هوكشتين يطالب بتطبيق القرار 1701 معدلاً، أي استبطان القرار1559، والبحث في نزع السلاح. عقد الموفد الأميركي اجتماعات مع قائد الجيش ثم أبلغ فريق العمل في السفارة تحييد موضوع الرئاسة، تجنباً لإحراق ورقة ترشيح جوزف عون، بانتظار أن يعدّل الميدان الإسرائيلي الأوضاع، بما يسمح لقائد الجيش بالوصول إلى الرئاسة وتثبيت الاستقرار ووضع حد لأي سلاح خارج سلاح الجيش اللبناني، وأن الأميركيين سيتولون موضوع الإعمار في عهده.

مصدر الترشيح وأساسه
يعود الحديث بترشيح قائد الجيش إلى نهاية عهد الرئيس ميشال عون. تحدثت بشأنه سفيرة الولايات المتحدة الأميركية، ثم تبناه ممثلو ثلاث دول من الخماسية، بينما نصحت دولتان بألا يكون ترشيحه خارج إطار التوافق مع الشيعة.. إلى أن وقعت حرب إسرائيل وصار ترشيحه ثابتا أميركياً.
وحديثاً، بدأت حكاية ترشيح قائد الجيش مع زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى السعودية بعيد استشهاد نصرالله. اقتراحه بانتخاب قائد الجيش لم ينل جواباً من المملكة التي كانت تعلم أن لا وقف لإطلاق النار ولا ظروف مهيأة لانتخاب الرئيس.

بانتظار ساعة الصفر
رهان القائد بانتظار ساعة الصفر للاستثمار، في ضوء التغيرات في الميدان. مرشح الخارج في الداخل، كما يصفه خصومه، لا يملك ضمانة أحد. على وقع الحرب وبعدما كان جعجع يشترط انتخاب جوزف عون بالتعرف إلى برنامجه، بدّل “الحكيم” رأيه ولم يعد يستحسن تأييده، مما فسر رغبة صريحة منه بالترشح شخصياً طالما الأجواء ستقود إلى ما يشبه العام 1982. يربط جنبلاط انتخاب عون بموافقة الثناني الشيعي. لكن فريقاً من هذا الثنائي منشغلٌ في الميدان، والثاني، أي برّي، لم تستقم بعد علاقته مع القائد، لدرجة تفضيله أن تتبنى الحكومة مسألة التمديد لولايته وليس من خلال مجلس النواب. وعلى قاعدة “النكاية بجبران” يؤيد سليمان فرنجية انتخابه متى تراجع الثنائي عن تبني ترشيحه هو. الكتائب والقوى السياسية الأخرى لم تظهر حماستها بعد. أما رئيس التيار الوطني الحر فموقفه ثابت. هو معارض حتى النهاية، ورفض عروضاً بقبول المقايضة: تأييد جوزف عون مقابل رفع العقوبات الأميركية عنه.

القصة لم تنته بعد. للحكاية بقية تقول إن القرار لم يحسم. سيبقى الرئيس رهن التسويات المقبلة في المنطقة. حظوظ جوزف عون معلقة على الميدان هي أيضاً. لكن العارفين يقولون أن جوزف عون لا يقبل أن يحصل انتخابه خلافًا لإرادة الثنائي.

غادة حلاوي – المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com