أبرز الأخبار

بديل فرنجية… هذا الرئيس

“ليبانون ديبايت” – محمد المدني

بعد استطلاع آراء غالبية السياسيين الذين التقوا الموفد الفرنسي جان ايف لودريان خلال زيارته لبنان، يصح القول أن الرجل تائه في زحمة الانقسامات السياسية غير المسبوقة في لبنان، لا بل يمكن القول أن لودريان أتى ليرحل، وكأن الزيارة لم تكن.

من المؤكد أن لودريان لم يخاطب جميع السياسيين باللهجة نفسها، تارة أراد طي صفحة ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وتارة حاول انتزاع التزام من قبل حزب الله بفضل مسار الحرب عن الرئاسة وتارة أخرى تقصد الإيحاء أنه يدعم ترؤس الرئيس نبيه بري للحوار مع تبنيه نظرية المرشح الثالث، لكن ذلك تزامن مع تلقي لودريان صفعة من فرنجية الذي قال له، “إذا اردنا الذهاب إلى مرشح ثالث يمكننا كفريق سياسي إنجاز هذا الأمر دون الحاجة إلى المعارضة”.

لكن ما قاله فرنجية للموفد الفرنسي ليس حقيقياً بالمعنى الحرفي للكلمة، بل جواب سياسي بامتياز هدفه ضرب “الخيار الثالث”. إذ أن ما قصده فرنحية في ردّه على إصرار لودريان على الخيار الثالث هو توجيه رسالة إلى الخماسية والى المعارضة، أنه في حال انسحابه، يمكن لقوى 8 آذار مع التيار الوطني الحر أن تأتي بأي رئيس من خيارها دون الحاجة إلى المعارضة، ولن يكون هذا الرئيس اقلّ التزاماً بحزب الله ممّأ يتّهم به فرنجية. وهو بذلك يقول للمعارضة أن إنسحابه لن يؤدي إلى خيار ثالث بالمواصفات التي تتوقعونها بل بالعكس فسيأتي برئيس من صلب 8 آذار، يضاف إليه وقوعه تحت تأثير التيار الوطني الحر.

ما قاله فرنجية يخفّف من وطئته رهان البعض على استحالة حصول اتفاقاً رئاسياً بين فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على مرشح ثالث، وفي مقابلته الأخيرة، تقصد فرنجية إظهار قربه من رئيس حزب القوات سمير جعجع اكثر من باسيل، وفي ذلك رسالة واضحة إلى باسيل أن قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال في المعادلة.

واذا كان الثنائي الشيعي وحلفاءه عاجزون عن إيصال مرشحهم أي فرنجية إلى سدة الرئاسة، فإنه من غير المنطقي أن يظن باسيل نفسه قادراً على إيصال أحد مرشحيه ذلك ان فرنجية سيكون ممرّاً إلزامياً وذو إمتياز في إختيار المرشح الثالث في حال انسحابه. لذلك يدخل محور الممانعة في دوامة رئاسية غير قادر على الخروج منه بفعل الخلاف القائم بين الطرفين المسيحيين، المردة والتيار الوطني الحر.

من جهة أخرى، تستفيد قوى المعارضة من خلاف فرنجية – باسيل لتواصل التصويب على الثنائي الشيعي أنه المعطل للانتخابات الرئاسية، في وقت تعجز المعارضة نفسها عن تقديم خيار جدي تخوض به الانتخابات الرئاسية، ومن المستغرب استمرار قوى المعارضة في ادعاء ترشيحها للوزير السابق جهاد أزعور وهي تعلم استحالة إيصال أزعور أو من مثله.

تتسابق المعارضة مع التيار الوطني الحر في رهانهما على أن يكونا شريكي الثنائي في حال انسحاب فرنجية، لكن كلى الفريقين مبالغين في حساباتهما. فإمكانية حصول تقاطع بين الثنائي وبعض مكوّنات المعارضة في حال أقدمت الأخيرة على خيار مطمئن للثنائي تضعف الحاجة إلى باسيل كشريك في التسوية، وإمكانية تمّكن الثنائي من جمع حلفائه بما فيهم التيار الوطني الحر على اسم واحد غير مستحيل وهو ما سيخرج المعارضة كلّياً من معادلة الرئاسة.

وحده الثنائي يستطيع أن يطمئن أنه مهما كانت وجهة التسوية فما هو أكيد هو أنه سيكون شريكاً فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com