بأقلامهم

مؤتمر “التّجدد للوطن”: مقاطعة كاثوليكيّة وحزبيّة… وإرضاء لحزب الله

يبدو واضحاً أنّ دائرة مقاطعي المؤتمر الذي دعا اليه رئيس “التجدد للوطن” شارل عربيد تزداد كلّ يوم، وباتت تشمل الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة.
وذكرت مصادر مطلعة أنّ النوّاب والوزراء الحاليّين والسابقين من القوات اللبنانيّة والتيّار الوطني الحر اتّخذوا قرار المقاطعة الذي شمل أيضاً الأقطاب الأساسيّة في الطائفة، ما يعني غياب جميع نوّاب الطائفة والمرجعيّات عن المؤتمر في رسالةٍ واضحة لمنظّميه.
وأشارت المصادر الى أنّ قوى التغيير اتّخذت أيضاً قرار المقاطعة، بسبب علامات استفهام تُطرح حول عربيد، في حين ترك حزب الكتائب حريّة الخيار، علماً أنّ نوّابه غير منتمين إلى طائفة الروم الكاثوليك بل جميعهم من الموارنة.

وتشير المعلومات الى أنّ أجواء المقاطعة وصلت إلى الصرح البطريركي في بكركي، وهي أدّت إلى مراجعة لإمكانيّة حضور البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أو تمثيله بمطران.
أمّا البطريرك يوسف العبسي، فلن يحسم قراره بالمشاركة قبل التأكّد من مشاركة الوزير السابق وليد جنبلاط، بعد اعتذار الوزيرين السابقين نعمة طعمة ومروان حماده، اللذين أبلغا غيابهما وعدم تمثيلهما في المؤتمر، ممّا يطرح علامة استفهام حول قرار جنبلاط.

كما هناك بلبلة وامتعاض في أوساط طائفة الروم الكاثوليك، وعند شخصيّة مشاركة في المؤتمر قريبة من تيّار المستقبل، حول عنوان إحدى الطاولات المستديرة في المؤتمر، والتي يشارك فيها نائب من حزب الله، وتساؤل حول من أوحى بتغيير تسمية هذه الجلسة من “لبنان والنظام العربي الجديد” إلى “لبنان والنظام الإقليمي الجديد”.

ويطرح الكثير علامات استفهام حول هذا الموضوع، والذي يذكّر بمرحلة محاولة اعتماد مفرد “الانتماء والهوية المشرقيّة” للطائفة بدل “العربية”، التي سوّق لها الوزير السابق سليم جريصاتي لسنوات من دون نجاح، نظراً للاعتراض الواسع لمواقع ثقل اكليريكية وسياسية ومدنيّة في الطّائفة وفي مجلسها الأعلى، حيث تمسّكت الأكثريّة السّاحقة بكلمة البطريرك غريغوريوس الثّالث لحّام الأساسيّة، التي أكّد فيها أنّ كنيسة الروم الملكيّين الكاثوليك هي كنيسة العرب.

وتدور الشكوك والهمس حول دور جريصاتي اليوم، وما إذا كان طلب من عربيد طرح الجلسة بالعنوان “الاقليمي” بدل “العربي”، في محاولة لتبسيط الحوار حول التدخل الخطير الإقليميّ في العالم العربي كأمر عادي وواقع، بدلاً من التأكيد على التّمسك بالانتماء والهويّة العربيّة ورفض هذا التدخل.

انطلاقاً ممّا سبق، تحوّل هذا المؤتمر الى عامل تفرقة وشرخ إضافيّين في طائفة الروم الكاثوليك، يذكّر بمرحلة سوء إدارة وخضوع لضغوطات، أدّت إلى تعليق العمل بدل الحفاظ على مؤسّسة المجلس الأعلى، الذي يجمع شخصيّات الطائفة الإكليريكية والسّياسيّة والمدنيّة الأساسيّة برئاسة البطريرك، بنموذج حضاري متقدم اعتمد عند طوائف أخرى.

كما تحوّل المؤتمر إلى محاولة إرضاء حزب الله وجمبلاط، وإلى سعي فاضح لتسلّل شخصيّة كاثوليكيّة الى منصب سياسي رسميّ، عبر استخدام اسم الطائفة.

مع العلم أنّ الاعتماد والرّهان على سياسات “الفرّق تسد” يمكن هذه الأيّام، أن يؤمن حصول جوائز ترضية تفوق قيمتها، كلفة الفشل أو التخلّي عن المبادئ والثّوابت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com