أبرز الأخبار

شاحنة الكحّالة.. تحمل أسلحة أميركية

بالتزامن مع التحرّكات اللافتة التي تقوم بها القوات الأميركية في مياه الخليج والبحر الأحمر، وإرسال نحو 3,000 جندي وحاملة طائرات وقطع عسكرية أخرى، والتنقّلات التي تجريها بين قواعدها على الأراضي العراقية، سرّبت جهات عراقية نقلاً عن مصادر دبلوماسية عربية بأنّ الأسلحة التي حملتها شاحنة الحزب التي انقلبت على “كوع الكحّالة” شرق بيروت، مصدرها مخازن القوات المسلّحة العراقية التي تحتوي أسلحة ذات منشأ أميركي، وأنّ جهات من فصائل الحشد الشعبي هي التي هرّبت هذه الأسلحة إلى الحزب اللبناني، الأمر الذي قد يستدعي تحرّكا أميركياً لتفعيل خطة إقفال الحدود بين العراق وسوريا وقطع خطوط نقل السلاح من إيران والعراق باتجاه سوريا ولبنان.

في المقابل، يدور جدل كبير داخل الساحة العراقية حول أبعاد وأهداف هذه التحرّكات الأميركية. وتتوقّف هذه الأوساط عند تطوّرين أساسيَّين حصلا في حين كانت تجري هذه التحشيدات والمناقلات للقوات الأميركية. يرتبط التطوّر الأوّل بالاجتماع الأمني الموسّع الذي قام به الوفد العسكري والأمني العراقي برئاسة وزير الدفاع ثابت العباسي في واشنطن لبحث آليّات تعزيز التعاون بين البلدين وتفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي بينهما الموقّعة عام 2008. أمّا التطوّر الثاني فيتمثّل في اتفاقية تبادل سجناء بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وما تضمّنته من إطلاق جزء من الأموال الإيرانية المجمّدة في بنوك كوريا الجنوبية والعراق واليابان.

في سياق هذين التطوّرين، تشهد المناطق الحدودية بين سوريا والعراق استهدافات تقوم بها بعض الفصائل العراقية الطابع للقواعد الأميركية في حقول النفط السورية (العمر وكونيكو..)، وهي عمليات على الأرجح تأتي من خارج التفاهمات التي جرت بين واشنطن وبغداد من جهة، ولا تنسجم مع مؤشّرات التفاهم والتفاوض بين واشنطن وطهران التي برزت في ملفّ التبادل من جهة أخرى.

ربّما من أهمّ مخرجات الحوار الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد أنّ الطرف الأميركي وضع الإطار العمليّاتي لطبيعة عمل قوّاته في العراق واصفاً بأنّه استشاري وتدريبي ومساعد في عمليات الحرب ضدّ الإرهاب. وقد أشار إلى أنّ عديد هذه القوات هو 2,500 خبير ومدرّب، بناء على تفاهمات مع الحكومات العراقية السابقة. وهي تفاهمات لم تكن بعيدة عن موافقة قيادة النظام الإيراني بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني، وأيضاً القانون الذي أقرّه البرلمان العراقي في 5 كانون الثاني 2020 بعد أربعة أيام على اغتيال سليماني والذي ألزم الحكومة العراقية بالعمل على إخراج القوات الأميركية من العراق.

حشود أميركا لا تستهدف العراق
مصادر من داخل الوفد العراقي العسكري والأمني الذي زار العاصمة الأميركية تؤكّد أنّ التحشيدات الأميركية في المنطقة لا تستهدف العراق، وأنّ الوفد العراقي طالب الجانب الأميركي بالفصل بين الساحة العراقية والساحة السورية، وأنّ الكلام عن وجود أكثر من 7 آلاف عنصر من تنظيم داعش في المنطقة لا يشمل العراق الذي تراجعت فيه أعداد هذا التنظيم إلى أقلّ من ألف موزّعين ومتفرّقين ولا يشكّلون تهديداً حقيقياً للاستقرار الأمنيّ في العراق.

تؤكّد هذه المصادر أنّ التحشيد الأميركي وإرسال قوات بحرية و3,000 جندي، وأنّ المناقلات والتحرّكات التي تقوم بها القوات الأميركية داخل الأراضي العراقية وبين قواعدها المنتشرة من غرب العراق إلى الشمال لا تخرج عن البعد التكتيكي ضمن اتفاقية الإطار للتعاون الاستراتيجي. خاصة أنّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أشار خلال اجتماعه مع نظيره العراقي العباسي إلى أنّ مهامّ قوات بلاده في العراق “ستتغيّر وستعزّز العمل على بناء قدرات القوات العراقية وتطويرها”. بالاضافة الى تفعيل البنود الاخرى من اتفاقية الاطار المتعلّق بالتعاون الاقتصادي والزراعي والتجاري والتنموي. وتضيف هذه المصادر ان لا علاقة لما يجري في العراق بالدعم العسكري الذي ارسلته واشنطن الى المنطقة، باعتبار ان الهدف الاساس لهذه القوات، وحسب التصريحات الاميركية، يصب في اطار تعزيز امن الممرات المائية ومنع القوات الايرانية من التعرض لناقلات النفط في مياه الخليج ومضيق هرمز.

حالة التصعيد التي تقوم بها بعض الفصائل التي تطلق على نفسها “المقاومة” والعودة الى لغة التهديد للقوات الاميركية ترتبط بالصراع العراقي الداخلي وعلاقة هذه الفصائل مع الحكومة واتهامها بمحاولة التملص من التزاماتها المالية العائدة لعناصر هيئة الحشد الشعبي ومخصصاته في الموازنة العامة للحكومة. وبالتالي لا تنسجم مع الاتفاقية الاستراتيجية التي وقعتها ايران مع العراق اواخر شهر اذار الماضي خلال الزيارة التي قام بها الأمين العام للمجلس الاعلى للامن القومي علي شمخاني قبل اقالته ولقائه نظيره العراقي قاسم الاعرجي والاتفاق على تحييد اراضي البلدين وعدم استخدامها للاعتداء او تسهيل الاعتداء على اي منهما. وبالتالي فان المواجهة او التصعيد الاميركي الايراني لن يكون داخل الاراضي العراقية، بل سيكون محصورا اذا ما حصل داخل الاراضي السورية، لان الصراع بين الطرفين يدور على مستقبل سورية ونظامها وسيطرته على كامل اراضيه. خاصة وان منطقة التوتر بين هذين الطرفين محصورة في الشرق السوري ومنطقة دير الزور امتدادا إلى الحدود العراقية، حيث تعتبر هذه المنطقة خالصة للقوات الايرانية وبعض الفصائل السورية والجيش السوري من دون شراكة من حزب الله اللبناني الذي حُصر دوره في منطقة حلب ومحيطها.

ويدخل التركيز الايراني على الشريط الحدودي السوري العراقي في اطار العمل على تثبيت قواعد الاشتباك مع القوات الاميركية ومصالح كل منهما فيها والمرتبطة بتداعيات وتطورات الوضع على الجبهة الروسية الاوكرانية وما يمكن ان تقدم عليه روسيا في حال تحسن شروطها في هذه الحرب من خطوات على الساحة السورية يكون لها تأثيرها على الوجود الاميركي. وهو ما يعزز مخاوف المحور الايراني من تداعيات هذه المواجهة على الدور والوجود والنفوذ الايراني وقدرة طهران على السيطرة على هذا الممرّ الاستراتيجي الحيوي باعتباره شرياناً رئيسياً للمحور الذي تقوده ايران ويربط طهران بلبنان وساحل البحر الابيض المتوسط.

فلاح الحسن- بعداد- أساس ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى