أبرز الأخبار

جرائم الخطف وسرقة السيارات في مربعات الدويلة بالعشرات…الشكوى لله والأمن ذاتي!

حتى في شبكة الأمان والأمن، يبقى لبنان بلد التناقضات بامتياز . ففي حين لا يكاد يمر أسبوع إلا وتنتشر على صفحات قوى الأمن الداخلي ومنصات التواصل الاجتماعي صورة لشخص مخطوف، سواء كان لبنانيا أو من المقيمين على الأراضي اللبنانية، وفي وقت يكاد لا يخلو يوم من تعميم صورة مفقود أو مفقودة قاصر على منصات التواصل الاجتماعي في لبنان، مع بعض المعلومات المرفقة ودعوة للمساعدة في البحث عنها، على رغم تصنيفها أمنيا في خانة “مشاكل شخصية”، ومع ارتفاع نسبة جرائم سرقة السيارات استنادا إلى البيانات الصادرة عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ، صدر بيان عـن المديريّـة العامّـة لقـوى الأمـن الدّاخلـي ـ شعبة العلاقات العامّة يوضح تراجعًا ملحوظًا في معدل الجريمة مُقارنةً مع الأشهر ذاتها من العام الماضي على رغم الظّروف الصّعبة التي يمر فيها لبنان، مع التأكيد على جهوزية عناصرها للقيام بواجباتهم الأمنيّة لتأمين حماية اللّبنانيين والسيّاح والمقيمين على مختلف الأراضي اللّبنانية، وذلك بالتّعاون والتّنسيق مع مختلف الأجهزة العسكرية والأمنيّة…”فالأمن مسؤوليّة مشتركة”.

بعد أقل من ساعة على نشر البيان ورد خبر عن إقدام مجهولين ملثمين على محاولة خطف المواطن شاكر عساكر من بلدة المجدل في جرود جبيل من داخل متجره. الا ان الاهالي تصدوا لهم مع تسجيل اطلاق نار في المحلة. فورا ً كتب عضو كتلة الكتائب النائب سليم الصايغ عبر منصة “اكس”: “‏لا يكفي اليوم استنكار محاولة خطف مواطن في المجدل في جرد جبيل فالمطلوب من الجيش والأجهزة الأمنية كشف الفاعلين ومحاسبتهم واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار هذه الإعتداءات لأنه “مش كل مرّة بتسلم الجرة”! لا تدفعوا الناس باتجاه الأمن الذاتي فلا مصلحة لأحد إلا بسيادة الدولة. والقانون!”

فهل المطلوب العودة إلى الأمن الذاتي؟ المسألة سهلة. لكن من يضمن أن لا تكون كل هذه المؤشرات التي يفتعلها الفريق المسيطر بسلاحه على مؤسسات الدولة الرسمية والقضائية والأمنية لتحفيز المواطنين الذين يعيشون ضمن أسوار”الدويلة” وحتى خارجها في حمى الدولة، على العودة إلى الأمن الذاتي لتبرير وجود سلاحه غير الشرعي؟

ما ليس خافيا على أحد وباعتراف القاصي والداني أن القوى الأمنية لا تألو جهدا في الكشف عن جرائم القتل والسرقة وصولا إلى الخطف وإن كان يسجل عليها ملاحظة بعدم الإعلان أمام الرأي العام ولو لمرة واحدة عن الجهة أو أسماء الخاطفين .المهم عودة المخطوف سالما إلى كنف أهله وعائلته والتصريح عبر الإعلام عن الأجواء “شبه العادية” التي عاشها خلال مرحلة الخطف. لكن لا يمكن الرهان على أن تسلم الجرة في كل مرة تماما كما حصل مع المواطن عساكر الذي تعرض لمحاولة خطف اليوم في بلدة المجدل في جرود جبيل حيث أنقذه الأهالي وعاد إلى أهله سالما.

العميد المتقاعد جورج نادر يوضح لـ”المركزية” أن تحلل السلطة المركزية وراء انتشار ظاهرة جرائم السرقة والخطف وصولا إلى القتل ومن الطبيعي أن ينتج عن ذلك سقوط هيبة القوات المسلحة.ويسأل: “كيف يمكن لعناصر قوى الأمن الداخلي أن يلبوا نداء في المداهمة وهم خارج دائرة الطبابة العسكرية؟. ماذا لو أصيب عنصر أمني؟ من يتولى تغطية التكاليف سواء داخل المستشفى أو بعد خروجه منها؟. أكثر من ذلك كيف يمكن ضبط الأمن وعنصر الجيش يعتاش من مساهمة مالية من هنا وصندوق إعاشة من هناك ويعمل خارج المناوبة سائق تاكسي أو عامل خدمة في المطاعم؟”.

الشغل مش عيب، وهذا ليس المقصود أساسا أيا كان نوع العمل لكن ولاء العسكري يجب أن يكون لقسمه ووطنه فقط وليس لرب عمل آخر.

وإلى تحلل السلطة المركزية يلفت نادر إلى ارتفاع أعداد النازحين السوريين وتجولهم من دون حسيب ورقيب في المناطق عدا عن دخول أفواج منهم تباعا عبر المعابر غير الشرعية.

في ظل هذا الواقع لا بد من الإعتراف بالقاعدة التي تتحكم باللبنانيين والمقيمين بأننا ” كلنا معرضون للخطف”. فالعصابات عابرة للحدود والمناطق وتضم أفرادا من جنسيات لبنانية وسورية امتهنوا العنف والإكراه والابتزاز والفرار من العدالة وتحدي السلطات، وكأنهم سلطة فوق السلطة وفوق القانون. “لكن المؤكد أن غالبية عمليات الخطف حتى لا نقول كلها تحصل في المناطق أو على الطرقات الخاضعة لحزب الله والمؤسف أنه بعد إطلاق سراح المخطوف لا يتم الإعلان عن توقيف الخاطف لأنه يكون حتما بين أيدي “حماة السلاح والفساد والفوضى”. ويتابع نادر”لست من محبذي الأمن الذاتي لكن ربما التهديد بالعودة إليه في ظل سيطرة الحزب على كل مفاصل الدولة وعلى المؤسسات القضائية والأمنية وحتى على مواقع القرار في الدولة ضروري وهذا أخطر مكان نصل إليه ولو مرغمين وأتمنى أن لا نصل إلى تلك اللحظة”.

بين أمن ممسوك باللحم الحي بواسطة القوى الأمنية والجيش اللبناني، وسلطة قرار ممسوكة من حزب السلاح وقضاء مرتهن للفوضى والفساد امن اللبنانيين ليس في خطر والفضل يعود إلى القيم والمثل العليا وأخلاقيات أبناء المجتمع اللبناني المتجذر الذي يسعى إلى تحصين شبكة الأمان لعيشه. “لكن إذا جد الجد فالشكوى تكون أولا لله وتاليا للأمن الذاتي علّ صدى التهديد الجدي يصل إلى آذان المسؤولين” يختم نادر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى