أخبار محلية

الموفد الفرنسي يستمهل الكتل شهراً وإلّا..

بعد ما يزيد على شهر، أي في أيلول المقبل، يعود الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان في زيارة ستكون الثالثة. أعطى الموفد الفرنسي، الذي حضر كموفد عن اللجنة الخماسية التي اجتمعت في الدوحة، فرصة للكتل النيابية لتخرج بتصوّر عن مسألتَي برنامج الرئيس وشخصه، ويحدّد بعدها شكل التشاور الذي سيجريه معها، فيكون إمّا مع ممثّلها مجتمعة أو مع كلّ كتلة على انفراد.

جاء في تقرير دبلوماسي صدر قبل وصول لودريان إلى لبنان أنّ الموفد الرئاسي لا يحمل أيّ اقتراح جديد، بل هو يصبو إلى عقد حوار بين القوى المختلفة للتوصّل إلى صيغة متّفق عليها، لكنّ الحوار كفكرة لم توافق عليه السعودية ولا أميركا، وقد عبّرتا عن موقفهما هذا في اجتماع اللجنة الخماسية مؤكّدتين ضرورة أن يبادر اللبنانيون إلى انتخاب رئيسهم.

خلال جولته على المسؤولين استعان لودريان على قضاء حوائجه بالصمت. لم يفصح عن نقاشاته ولم يُطلع أيّ فريق على مضمون ما سمعه من الفريق الآخر. في جولته طرح الموفد الفرنسي فكرةً قال إنّها مدعومة من الدول الخمس التي اجتمعت أخيراً في الدوحة، ومفادها إجراء مشاورات للاتفاق على البرنامج الذي يحتاج إليه لبنان، وعلى اسم المرشّح المؤهّل لحمل هذا البرنامج، على أن يلي ذلك عقد جلسات برلمانية متتالية لانتخاب رئيس الجمهورية.

لذلك لم تبشّر الساعات القليلة التي أمضاها الموفد الفرنسي في الربوع اللبنانية بالكثير، إذ تضمّنت دفعاً معنوياً وحراكاً على شكل مسعى رئاسي لم يؤتِ أكله. حضر جان إيف لودريان موفداً من اللجنة الخماسية باحثاً عن صيغة حلّ جديدة يحملها إلى موفدي الدول المعنيّة. وليستفتي المسؤولين في الصيغة التي يمكن أن يجتمعوا عليها، فوجد أنّ كلمة حوار لم تعد مجدية وعنوان ترفضه غالبية القوى، فاستعاض عنها بتعبير أقلّ وقعاً، وهو التشاور. اتُّفق على المصطلح، لكن لم يتمّ الاتفاق على الآليّة. فقد اقترح التيار الوطني الحرّ أن يكون حواراً ثنائياً، بينما يريده الثنائي الشيعي جلسة حوار جامعة، وأمّا مكان الانعقاد فبقي محور نقاش، إذ قال برّي إنّ مكانه مجلس النواب، لكنّ قوى أخرى رفضت.

الحزب باقٍ على موقفه

إلى حارة حريك قصد لودريان الحزب ليحاوره في عقر داره، لكن لم يلمس تحوّلاً في موقفه. سمع منه تجديد تمسّكه بترشيح سليمان فرنجية، وأنّ الحوار بشأن الرئاسة يسير بوتيرة جيّدة مع التيار الوطني الحر، والخروج بنتيجة من هذا الحوار يتطلّب وقتاً، ولذا يفضّل الحزب التريّث في أيّ خطوة قبيل نضوح مشاوراته.

تقول المعلومات إنّ لودريان الذي أودع برّي حصيلة مشاوراته في نهاية زيارته للبنان كان كرّر عبارة “إيجابية” أكثر من مرّة في ملخّص الأجواء التي لمسها من القوى التي التقاها، وهو ما دفع برئيس المجلس إلى الحديث عن إيجابية وفتح كوّة في الموضوع الرئاسي. وهو قال للموفد الفرنسي في ختام جولته ما مفاده: إنّي تحدّثت عن فتح كوّة بناء على سمعته منك في المرّة الأولى، وها أنا سأعاود تأكيد هذا الكلام بناء على ما سمعته منك اليوم أيضاً. مصادر أخرى تقول إنّ حديث برّي عن الإيجابية مردّه إلى ما تبلّغه عن تفاصيل الحوار الذي يسير بوتيرة بالغة الإيحابية بين الحزب والتيار والذي دفعه هو أيضاً إلى اقتراح التشاور في أيلول ريثما تكون الأمور قد نضجت.

يمكن أن تكون خلاصة زيارة لودريان على الشكل التالي: فشلت مهمّة الفرنسي كدولة ولم يعد بمقدوره تأمين انتخاب سليمان فرنجية. وكان بحاجة إلى فكرة الحوار لتقطيع الوقت، وكذلك الأمر بالنسبة للثنائي الشيعي. التطوّر الذي طرأ أنّ الاجتماع الذي عُقد في الدوحة أعاد تسلُّم القرار الفعليّ في الملف من الفرنسيين، وترك لهم دور الوسيط، لكن وفقاً للقواعد الجديدة التي حدّدتها القوّتان الأساسيّتان الأميركيون والسعوديون في الدوحة.

جلسات مفتوحة لمجلس النواب وإلاّ

إذاً حمل لودريان الدعوة إلى لقاء لا حوار، وتركّز البحث على المواصفات أوّلاً، والاتفاق على البرنامج ثمّ على الاسم. وهذه صيغة دونها التباس وخلاف في وجهات النظر بين من يرى وجوب الاتفاق على الاسم قبل البرنامج وأن يكون أيّ حوار بُعيد انتخاب الرئيس وبرعايته، وبين من يرى وجوب الحوار في الاسم والبرنامج بحيث يتكلّل بانتخاب رئيس. هذا الالتباس ليس معلوماً هل ينجح لودريان في الحدّ منه في زيارته المقبلة بعد أن يكون قد فرغ من إجازته الصيفية الممتدّة طوال شهر آب، ويكون شيء ما طرأ إقليمياً أو دولياً، وتكون المشاورات التي تعتزم فرنسا متابعتها مع السعودية قد خرجت بالنتائج المرجوّة.

الأهم في محادثات لودريان إصراره ومعه الدول التي شاركت في اجتماع الدوحة، أنّه في حال فشل الحوار في الوصول إلى نتائج جديّة على رئيس مجلس النواب نبيه برّي أن يفتح المجلس النيابي حتماً ولا يعاود إقفاله إلى أن يُنتخب رئيس الجمهورية، فإذا كان هناك توافق على اسم فحسناً يفعلون، وإذا لم يتمّ الاتفاق على اسم فليذهب النواب إلى انتخابات رئاسية في مجلس النواب والويل لمن يقاطع أو يعطّل عمل مجلس النواب أو يمنع عقد جلسات.

منى الحسن- أساس ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى