أبرز الأخبار

بشري – الضنية… أكبر من رصاصة قنص!

“ليبانون ديبايت” – المحرر الامني

القصّة في “القرنة السوداء”، بدأت من نزاعٍ عقاري على “الثلّاجات” عمره أعوام، بين نقطتين متجاورتين: بشرّي وبقاعصفرين. و”الثلاجات” محور الخلاف، عبارة عن أعمدة ثلج تبدأ بالذوبان تدريجياً خلال فصل الصيف، ويجدها أهالي المنطقتين مصدراً غنياً للمياه فيقومون بجرّها من خلال قساطل وخراطيم.

وبالتالي، يمكن اختصار ما جرى في محيط “القرنة السوداء” خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، بأنه حلقة جديدة من مسلسل الصراع بين الطرفين. والفصل الجديد من القصة بدأ مطلع شهر حزيران المنصرم، حين حصلت مواجهة بين رُعاة من الضنية وأشخاص من بشري بسبب خلاف على رعي الماشية، نفق على إثرها عدد من رؤوس الماشية نتيجة إطلاق النار عليهم. وقد أصدر الجيش اللبناني بياناً أعلن خلاله أنه اتّخذ من المنطقة المحيطة بالقرنة السوداء “منطقة عسكرية” جاعلاً منها منطقة تدريب، محذِّراً من وجود المدنيين، ثم قام لاحقاً بإبلاغ البلديات مضمون قراره.

خطوة الجيش جاءت كتدبيرٍ إحترازي ولوضع حدٍ لما يجري.

غير أن ما حصل خالف الهدف الأساس من جعلها منطقة عسكرية. وهنا يجري التداول بروايتين: الأولى تتحدث عن تردد مجموعات من المنطقتين بشكل منتظم إلى تخوم “القرنة السوداء” وقيامها بحراسات شبه دورية لتأمين ممرات المياه، وما لبث أن وقع خلاف بينهما سرعان ما تطور إلى إطلاق نار.

الرواية الثانية، تتحدث عن تواجد مجموعتين صدفةً في نفس المنطقة ونفس الوقت لغرض جرّ المياه أو تأمين جرّها، وقد حصلت مواجهة بينهما أسفرت عن سقوط إصابات. الثابت في الروايتين تواجد المجموعتين مسلّحتين، وحصول إطلاق نار أدى إلى وفاة الشاب هيثم طوق.

إلى ذلك، تستبعد مصادر أمنية وأخرى طبية، فرضية إصابة المغدور هيثم طوق بطلقة قنص مصدرها قنّاص يتمركز في إحدى المناطق القريبة المواجهة للقرنة السوداء. واستدلّت على ذلك من خلال اتساع اختراق الطلقة النارية لجسده، وهي من النوع غير المتفجِّر. ويظهر التقرير الطبي الموافق عليه من قبل طبيبين شرعيين عسكري ومدني، أن الطلقة اخترقت جسد المغدور من جهة الخلف ناحية الكتف، وعبرت في محيط الرئة ومن موضع البطن، وإستقرّت عند الفخذ.

ويستخلص أن الطلقة النارية الوحيدة انطلقت من مكان قريب جداً، قدّرته المصادر بين 100م إلى 200م، وهو ما يؤكد فرضية حصول مواجهة. مصادر ميدانية أخرى أكدت لـ “ليبانون ديبايت”، حصول اشتباك (أو مواجهة) بين مجموعتين، بدليل ما جرى تداوله بين معنيين في بشرّي، أكدوا أن أشخاصاً كانوا يتواجدون في محيط القرنة السوداء “لغرض إجراء نشاط قيل إنه رياضي”، سمعوا إطلاقاً للنيران، وإن الشخص المصاب بطلق ناري جرى نقله من قبل مجموعة من الأشخاص ادّعوا أنهم وجدوه مرمياً عند الطريق.

أمّا بالنسبة للشخص الثاني المتوفي من بشري أيضاً، فأجمعت التقارير أنه سقط نتيجة تبادل للنيران بين أفراد مجموعة، ومروحية للجيش اللبناني على إثر تعرّضها لاطلاق نار فردت بالمثل، ما يؤكد في الأساس فرضية تواجد مسلحين في المنطقة بمخالفة واضحة لتعليمات الجيش. يبقى الثابت في الموضوع إجهاز المصادر كافة على سيناريو “رصاصة القنص”، وهو ما يدحض روايات جرى تسويقها من خلال وسائل إعلام وأطراف سياسية عملت على تكبير الموضوع ومحاولة استثماره في السياسة.

عملياً، ما يجري الآن هو محاولات لاحتواء ما حصل أمنياً وسياسياً وقضائياً.

سياسياً، استمر التواصل بين عدة أطراف وقوى منذ حصول الحادثة من أجل إخماد النيران بين المنطقتين، خصوصاً وأن ما بلغه الموضوع خلال نهاية الأسبوع الماضي، وضع المنطقة على صفيح فتنة طائفية حاولت قوى سياسية تغذيتها. قضائياً تُستكمل التحقيقات لمعرفة مصدر الطلقة التي أصابت هيثم طوق. في الطريق إلى ذلك، إرتفعَ عدد الموقوفين من الجهتين ليبلغ بحسب معلومات “ليبانون ديبايت” 30 موقوفاً.

أمنياً، تؤكد معلومات “ليبانون ديبايت”، أن الجيش اللبناني وضع خطةً لاحتواء ما جرى هي أقرب إلى “حالة طوارئ”، وقد باشر بتنفيذها، وكُلِّف فوج المغاوير مهمة مراقبة المنطقة وتسيير دوريات بشكل دوري. وحذّرت المصادر من أي تواجد في المنطقة لغير الجيش اللبناني، على أن يجري التعامل مع أي حالة بوصفها “خرقاً للقانون”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى