أخبار محلية

شبان من طرابلس يلتحقون بداعش والجيش يقدّم ضمانات للراغبين بالعودة

كتبت لارا الهاشم

عاد داعش ليستغلّ شبان طرابلس بالتعاون مع غرفٍ سوداء لا تزال أذرعُها مجهولة.
في أحياء طرابلس وتحديداً في القبة وباب التبانة والمنكوبين وأبي سمراء عاد الحديث عن عشرات الشبان الذين فُقدوا من منازلهم، ليتأكد لاحقاً لعددٍ من الأهالي أن أولادَهم التحقوا بداعش في العراق.

جميع هؤلاء الشبان هم ما دون العشرين من العمر وبعضٌ منهم قُصَّر. بعد وصولهم إلى العراق اتصلوا بأهاليهم، يَبكون ويُعرِبون عن رغبتهم بالعودة إلى لبنان بعدما تم التغرير بهم.
قصةُ الالتحاق بداعش بدأت منذ حوالى الثلاثة أشهر وتقول أوساطٌ طرابلسية أن معابر التهريب بين العراق وسوريا فُتحت بعد خسارة حلفاء إيران في الانتخابات العراقية وهو ما سهّل عملية تهريب الشبّان إلى البادية العراقية عبر البقاع الشمالي أو عكار بحسب مصادر أمنية. شعبة المعلومات كانت قد أوققت منذ فترة مهرّباً قام بتهريب ١٥ شاباً لبنانياً ومخابرات الجيش أوقفت مجموعة من خمسة شباب سلّمتهم إلى مفتي طرابلس والشمال في حضور أهاليهم والشيخين سالم الرافعي ونبيل رحيم.

أما تضليل الشبان وغسل دماغهم فيعود إلى أشهرٍ عندما تم إرسال أشرطة فيديو عبر واتساب يُعتقد أنها مضلِّله لنساءٍ يتحدّثن عن التعرّض لشرفهنّ في شمال سوريا ومخيمات الاحتجاز وذلك بهدف جرّهم للدفاع عن أعراضهنّ. هذه الفيديوهات أرسلت إلى شبان طرابلسيين ذات نزعة عقائدية متشدّدة من أرقام كندية وبلجيكية واسترالية بحسب معلومات Mediafactorynews. بعد ذلك تم الاتصال مجدّداً بالشبان من أرقام أجنبية لتخويفهم عبر القول لهم أن تواصلهم مع داعش قد انكشف وأنهم بالنتيجة سيلاحقون بملفات إرهاب مركّبة. مديرُ مركز حقوق السجناء في نقابة محامي طرابلس المحامي محمد صبلوح يقول ل Mediafactorynews إن قاصراً هرب وقرّر الالتحاق بداعش نتيجة تخويفه من إمكانية تركيب ملف ارهاب بحقّه بسبب تواصله مع أحد السجناء في روميه وأن القاصر قد صدّق ذلك لأن رفيقاً له سبق أن سُجن ظلماً بتهمة الإرهاب بسبب تصويره لصديقه مرتدياً عباءة.

وقائعُ تطرح أكثر من علامة استفهام حول الجهات التي اختارت هؤلاء الشبان تحديداً؟ من يقف خلف الجهات المبتزّة ومن قال لها أن هؤلاء الشبان يقبلون داعش فكرياً؟ هذا عدا عن السؤال الذي يُطرح حول نشاط المجموعات الإرهابية خلفَ قضبان السّجون ومن يحرّكها.

أوساط إسلامية تلفت عبر mediafactorynews إلى أن المهرّبين يتقاضون ما بين الخمسة إلى السبعة آلاف دولار مقابل تهريب الفرد الواحد وأن تسهيلَ المرور عبر الحواجز الواقعة داخل الأراضي السورية يتم مقابل بدل مادي. أما الشبان الطرابلسيين فمعظمهم يلتحق بداعش لأسباب عقائدية أو اجتماعية لا مادية.

عضو هيئة العلماء المسلمين الشيخ نبيل رحيم يؤكد ل Mediafactorynews أنّ ما يدفع بالشبّان للهروب من واقعهم هو أن كثراً منهم يشعرون بالظلم بسبب صدور أحكامٍ قاسية بحقّهم عن المحكمة العسكرية لا تتلاءم والأخطاء التي ارتكبوها. سببٌ آخر يدفع بالشبان الطرابلسيين إلى الالتحاق بداعش وهو شعورهم بالإحباط نتيجة الإبقاء على وثائق الاتصال الأمنية نافذة بحقّهم رغم صدور مرسوم عن مجلس الوزراء قضى بإلغائها. هذه الوثائق تمنعهم من إنجاز جوازات سفرٍ أو الاستحصال على سجلٍّ عدليٍّ نظيفٍ حتى ولو قضوا محكوميتهم وتحول دون تمكُّنهم من مزاولة أي مهنة أو تأسيس عائلة، ما يوقعهم في حالة إحباط. السبب الثالث لنجاح داعش الإرهابي بتضليل الشبان والتغرير بهم هو أن غَسل الدماغ أوصل بعضهم إلى سوء فَهم الدّين فبات بعتبر أن ترك “أرض الكفر” أي لبنان باتجاه “أرض الجهاد” التي تسيطر عليها داعش هو فرضٌ، بحسب الشيخ نبيل رحيم.

وفيما يتساءل المحامي محمد صبلوح كيف تمّ اختراق الشبان الذين وصلوا إلى العراق عبر حمص، للنظام الامني اللبناني_ السوري من دون أن يتم توقيفهم ولماذا لم يتم تحذير الأهالي من قَبل من خطر تعرّض أبنائهم لخطَر الابتزاز والإرهاب، تشير معلومات mediafactorynews في المقابل إلى أن مخابرات الجيش سبق أن فتحت جسر تواصلٍ مع مشايخ في الشمال للعمل على منع تمدّد الإرهابيين منذ اكتشاف أول خلية إرهابية.

هذه المساعي استُكملت في اجتماعٍ عُقِد قبل يومين في دار الفتوى حضره ممثلون عن مخابرات الجيش ومشايخ من الشمال. وبحسب أوساط المجتمعين فقد طمأنت مخابرات الجيش المشايخ إلى أنه في حال قرر أيٌّ من الشبان العودة إلى لبنان وتسليم نفسه للجيش فسيتم تركُه فوراً بعد التحقيق معه، ما لم يتبيّن أنه ملاحق بأي جرمٍ في لبنان. هذه الخطوة يرى فيها رحيم مبادرة غير مسبوقة قد أراحت الشارع الطرابلسي وهي تدحض رسائل داعش الذي يبتز الشبان عبر إيهامهم بأنهم سيتعرّضون للتوقيف في حال عادوا إلى لبنان.
لكن مقابل هذه المبادرة الأمنية والاجتماعية الانقاذية، يدقّ الواقع المستجد ناقوس الخطر ويحذّر من سقوط طرابلس مرة جديدة ضحية التهميش والحرمان الذي يهدّد حياة شبّانها وصغارها. طرابلس التي افترستها سابقاً الحروب العبثية، ترفع الصوت اليوم وتحذّر من وقوع شبّانها تحت خطر الابتزاز العاطفي والعقائدي، ومن له أذنان فليسمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى