أبرز الأخبار

أسرارٌ مثيرة عن مناورة “حزب الله”.. 3 رسائل لم تُكشف في العلن!

محمد الجنون / لبنان 24

كثيرٌ هو الكلامُ الذي قيلَ عن المناورة العسكريَّة التي أقامها “حزب الله” في بلدة عرمتى، يوم الأحد الماضي. فمن الرسائل التي حملها العرض العسكريّ مروراً بالمشهديّة الميدانيّة التي عكسها، وصولاً إلى سيناريوهات المواجهة التي طرحها، تبقى هناك خفايا وإشارات لا بُدّ من تفكيك رموزها عما حصل، لأن الأبعاد غير عاديّة حالياً ومستقبلاً.
 
من يدخُلُ قليلاً في عُمق المناورة، سيجدُ أنَّ هناك 3 أمور أساسيّة لم يُحكَ عنها: الأمر الأول وهو “القائد” الذي أشرف على العرض ورفع السلاح عالياً تتويجاً له، الأمر الثاني وهو إرتباطُ المشهدية العسكريّة بنظرية “وحدة ساحات محور الممانعة” التي يخشاها العدو الإسرائيلي. فيما يتعلق الأمر الثالث بحكايةٍ عسكريّة أخرى لم تُظهرها مناورة عرمتى.
على صعيد الأمر الأول، كان لافتاً أنَّ رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين هو الرجلُ الأول الذي أشرفَ على المناورة. كان الرجلُ حاضراً وسطَ جموعٍ عسكريي الحزب وكأنه يديرُ الدفَّة بالنيابة عن غيره من المسؤولين. حقاً، المشهدية التي ارتبطت بصفي الدّين ليست عادية أبداً، خصوصاً أن هناك لقطةً له أظهرته وهو يتسلّم بندقية من أحد مقاتلي “حزب الله” ليرفعها عالياً أمام الجموع. هُنا، فإنّ ما حصل أعاد الذاكرة إلى لحظة لا ينساها الجنوبيون، حينما رفع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بندقيّة حربية خلال تجمّع شعبي بين نهاية التعسينيات وبداية الألفية الثانيّة. حقاً، صورة نصرالله آنذاك لا تُنتسى، فهي باتت أيقونة لدى مؤيدي “حزب الله”، ومن خلالها يتم التأكيد على التمسّك بـ”سلاح المقاومة”. حقاً، هذا ما تكرّر يوم الأحد مع صفي الدين، إذ أعاد المشهد نفسه وجدّد الأمر ذاته ليؤكد أن التمسّك بـ”سلاح حزب الله” قائمٌ ومستمر. إلا أنّ الرسالة الأهم هنا فكانت بالإشارة إلى أنّ صفي الدين هو الرجل الذي يُجدّد العهد باستكمال المسيرة تحت قيادة نصرالله،  وفي الوقت نفسه يأتي في طليعة الشخصيات التي ستكونُ في سُلّم قيادة الحزب لاحقاً، وهذا الأمرُ كان وارداً بقوة سابقاً وحُكِي عنه كثيراً.
في ما خصّ الأمر الثاني، كانَ الأساس في المشهد هي الرسالة التي أعطاها “حزب الله” عن أنه التنظيم “الأقوى” في المنطقة بين مختلف “حركات المقاومة”، فهو الذي يمكنه إجراء المناورات أمام أعين العالم ومن دون أي رادع، وصورته ستُنقل عبر الكثيرين، سواء أكانوا معه أم ضدّه. الرسالةُ هنا جاءت قاسية جداً على الإسرائيليين الذين وجدوا في ما حصل إستفزازاً لهم بدرجة عالية، خصوصاً أن تغطية المناورة جاءت من جانب أجنبي أيضاً، وهنا المُفارقة الأساس. ففي غزّة، لا يمكن لهذا الأمر أن يتحقّق، وفي سوريا الأمر كذلك. أما في لبنان، فقد حصل هذا الأمر. بالنسبة لتل أبيب، فإنّ الحزب أكّد أنه الأساس في “الساحات المتعددة”، ومن خلاله يُمكن أن تُخاض المعارك الكبرى. أما النقطة الأبرز فهي أنّ الحزب، وبخطوته في عرمتى، أرادَ أن يكسر إستعراض إسرائيل لنوعية الأسلحة التي استخدمتها في حربها الأخيرة ضدّ غزة، كما أراد أن يؤكّد أنَّ أي حربٍ برية ستُخاض ضدّ لبنان ستخسرها إسرائيل لا محالَ. حقاً، تمكن نصرالله من إرساء مُعادلة الردع من جديد، والسؤال الأساس هنا: لماذا لم يُقدم حزب الله على مناورته في وقتٍ سابق؟ لماذا اختار هذا التوقيت بالذات؟ أقلّ إجابة هنا هي على النحو التالي: أراد “حزب الله” الإشارة إلى أنه وبعد إنقضاء الحرب في سوريا، ها هي بنيته العسكرية أقوى من السابق، فلا ضعف في الجهوزية والعتاد العسكري والصواريخ النوعية. كذلك، أراد “حزب الله” القول إنّ المواجهة قائمة في أيّ وقت، وقد تنتقلُ حقاً إلى داخل فلسطين المحتلة، ما يعني أنّ أي مواجهة مُقبلة لن تبقى محصورة في ساحة واحدة.
على صعيد الأمر الثالث، يمكن القول إنّ مناورة “حزب الله” لم تكشف عن جانبٍ مُهم تخشاه تل أبيب، ويرتبطُ حتماً بالحرب البحرية التي عمِل “حزب الله” على تطويرها. ففي عرمتى، قد لا يتمكن الحزبُ من كشف كل أوراقه، ففي البحر حكاية قد تكون أقوى من حكاية البرّ، فيما حرب المُسيرات كانت حاضرة ولو بجزءٍ محدود، لكنه فعّال بقوّة. في الواقع، فإنّ قوات الكومندوس البحرية التابعة لـ”حزب الله” قد تكون أكثر ما يجعل “إسرائيل” متوترة نوعاً ما، خصوصاً أن الحزب وعبر وحداته المتخصصة في الهجوم البحري، قادرٌ على التوغل إلى فلسطين المحتلة عبر شواطئها. لهذا، قد تكونُ المناورة التي حصلت بمثابة إشارة إلى ما يمكن “حزب الله” فعله ضدّ “إسرائيل” لاحقاً، وقد لا يكون الهدف من المناورة هو إعلان حربٍ أكثر من تثبيتِ قوة جديدة بنوعية سلاحٍ متطور لم يُكشف عنه أبداً.
في الخلاصة، ما يمكن قوله إن أسرارَ مناورة الحزب كثيرة، وأبعادها كبيرة، وآثارها قد تظهرُ عبر الكثير من المحطات.. فهل ما فعله الحزب خلالها سيتحقق حقاً في وقتٍ قريب؟ هل ستتجلى مقولة “سنعبر” واقعياً خلال الفترات المقبلة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى