أخبار محلية

القوات تضحي بالبترون لصالح بشري

رغم أن القوات اللبنانية تعيش حالة استنهاض حزبية وشعبية في الساحة المسيحية، إلا أن المعضلة أو المفارقة التي تواجهها تبقى في معقلها بشري. في انتخابات العام 2018 ارتفعت نسبة الاقتراع بنحو نقطتين عن العام 2009 في بشري، وتراجعت القوات بنحو ست نقاط، من 76 في المئة من المقترعين إلى نحو 70 بالمئة، لصالح القوى المعارضة لها. والخوف من ارتفاع النقمة الشعبية ونسبة المشاركة، ولو بشكل بسيط في بشري، أنها قد تغير معادلة توزيع مقاعد دائرة الشمال الثالثة بشكل جذري. ومرد ذلك إلى قانون الانتخاب الذي يحدد فوز المرشحين وفق نسبة الصوت التفضيلي في الدائرة الصغرى (الأصوات التفضيلية للمرشح يقسّم على مجموع الأصوات التفضيلية في الدائرة الصغرى).

البترون والكورة
هذه المعضلة التي بدأت تواجهها القوات تدفعها إلى تغيير استراتيجية اختيار المرشحين وتوزيع الأصوات التفضيلية عليهم. ففي دائرة الشمال الثالثة تراجعت شعبية التيار الوطني الحر من ناحية، وارتفعت حظوظ القوى المعارضة في تحالف “شمالنا” من ناحية ثانية، بما ينعكس على نسب المشاركة في الانتخابات.

في البترون والكورة، حيث يمتلك التيار رصيداً شعبياً، فإن أي مقاطعة ولو جزئية لجمهور التيار، تنعكس على انخفاض عدد الأصوات التفضيلية الكلية، الذي ينعكس بدوره على ارتفاع نسبة الصوت التفضيلي للمرشحين (العلاقة بين العدد الكلي والنسبة عكسية). وبالتالي، يحتل مرشحو البترون والكورة صدارة قائمة توزيع المقاعد على اللوائح الفائزة في الدائرة الكبرى.

بشري
أما في بشري فارتفاع نسبة الاقتراع ولو بنقطة واحدة (حضور التيار ضعيف، ونشاط المعارضة قوي جداً) يؤدي إلى ارتفاع عدد الأصوات التفضيلية، وبالتالي انخفاض نسبة الصوت التفضيلي للمرشحين. وعلى سبيل المثال: يكفي أن يرتفع عدد الأصوات التفضيلية بأقل من ألف صوت وتراجع أصوات أحد مرشحي القوات بأقل من خمسمئة صوت، حتى تتراجع بشري إلى ثالث أو حتى رابع دائرة في قائمة توزيع المقاعد، بينما كانت الثانية في العام 2018.

بالتفصيل، نالت ستريدا جعجع 6677 صوتاً وجوزيف إسحاق 5990 صوتاً من أصل 18529 صوتاً تفضيلياً، بنسبة 36 بالمئة من الأصوات التفضيلية لجعجع و32 بالمئة لاسحاق. فحلت جعجع ثانية في قائمة توزيع المقاعد بعد جبران باسيل واسحاق رابعاً بعد طوني فرنجية. بينما بحال ارتفاع عدد الأصوات التفضيلية في بشري وتراجع أصوات إسحاق التفضيلية بأقل من خمسمئة صوت لصالح جعجع (الترجيحات بأن تكون لصالح المعارضة) تجعله سابعاً على القائمة، بنسبة أصوات تفضيلية تقل عن 28 بالمئة. فتستنفذ القوات حصتها من المقاعد (الإحصاءات تشير إلى أن القوات تحافظ على مقاعدها الثلاثة الحالية) في بشري (أول مقعد) والبترون والكورة، ويسقط إسحاق.

التضحية بالبترون
في البترون، انخفاض نسبة المشاركة ولو جزئياً، بسبب امتعاض العونيين من باسيل، يؤدي إلى انخفاض عدد الأصوات التفضيلية وارتفاع نسبتها للمرشحين. وهذا السيناريو السهل التحقق والواقعي جداً في الانتخابات المقبلة، يدفع القوات إلى التضحية بمقعد البترون كي لا تخسر في معقلها بشري. إذ يشاع أن القوات عازمة على ترشيح شخصين في البترون هذه المرة (يحكى عن ترشيح غياث يزبك وبول حرب)، وذلك بعدما تقرر تغيير النائب فادي سعد الذي حل خامساً بنسبة 31 بالمئة من الأصوات تفضيلية. فترشيح شخصين وتوزيع الأصوات التفضيلية عليهما تخفض نسبة أصواتهم التفضيلية إلى نحو 15 بالمئة، فتحل بشري قبلهما وتفوز القوات بمقعدي بشري ومقعد في الكورة (نال فادي كرم 7822 صوتاً، بنسبة 30 بالمئة من الأصوات، وخسر الانتخابات بعد استنفاد القوات حصتها من المقاعد في بشري والبترون).

مركز السلطة
تشكل بشري تحدياً كبيراً للقوات. فهي بخلاف كل المناطق التي تشهد فيها القوات استنهاضاً شعبياً، هي بمثابة مقر السلطة. وغالباً تعاني الأحزاب في مركز السلطة، خصوصاً في منطقة مثل بشري، حيث الصراع بين علية القوم والعامّة، وبروز مطالب كثيرة يصعب تحقيقها (بعض القرى تطالب بأن يكون المرشح الثاني من أبناء البلدة).
وبمعزل عن ما يشاع عن وجود نقمة بين السكان على ستريدا جعجع، ويستغل أخصامها من آل طوق هذا الأمر، والذي قد لا يترجم بتراجع أصوات القوات، إلا أن نشاط المعارضة في بشري تحديداً، وفي الدائرة الكبرى بشكل عام (آخر الإحصاءات أعطت تحالف شمالنا 1.6 من الحاصل الانتخابي، أي مقعدين)، سيرفع نسبة المشاركة في معقل القوات. وتكون نسبة الصوت التفضيلي، التي هندسها باسيل في العام 2018 لضمان تفوقه، شبيهة بـ”النقلة الذكية” في لعبة الشطرنج، وتواجه القوات نقلة “كش ملك” في بشري. وهذا يدفعها إلى التضحية بالبترون، لضمان مقعدي بشري.

انتخابات تمهيدية
من بين كل مجموعات المعارضة في لبنان لم ينجح أي ائتلاف معارض نابع من 17 تشرين مثل تحالف شمالنا. فهذا التحالف يتحرك بذكاء في المنطقة ويدرس خطواته، ومعظم المنضوين فيه نشطاء بين السكان ومنفتحون على كل الشخصيات التي خرجت من أحزابها. وسيطلقون بعد نحو أسبوع الانتخابات التمهيدية في الأقضية الأربعة لاختيار المرشحين على اللائحة. وستكون المشاركة لجميع السكان، باستثناء المنضوين بالأحزاب. فسيخصص منصة لدعوة السكان إلى تسجيل أسمائهم عليها، وبعدها يحدد يوم للاقتراع. وتكون اللائحة مشكلة من الفائزين، وتتجنب المجموعات أي انقسامات قد تحصل عادة لحظة انتقاء المرشحين.

ووفق المعلومات، ثمة مفاوضات جدية يجريها التحالف مع بعض الشخصيات في أكثر من دائرة لاقناعها بتجيير أصواتها للتحالف. وفي حال نجحت هذه المفاوضات، قد يحل هذا التحالف أول الرابحين في الدائرة.

المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى