أبرز الأخبار

نازحون في قرى عكارية “مكتومو القيد” بختم مختار.. و”شبكات” تتاجر بالبشر والحجر!

جوانا فرحات / المركزية

المركزية – بعيدا من عصا تهمتي اللاإنسانية والعنصرية ومن دون مواربة وتلطّي وراء شعارات أممية زائفة، هل ثمة عنوان يطرح أمام جداول رقمية تشير إلى وجود مليونين ونصف نازح سوري، وأن عدد الولادات تناهز الـ250 ألفا سنوياً في مقابل 54 ألف ولادة لبنانية؟ كل المؤشرات المباشرة وغير المباشرة تؤكد أن استمرار إبقاء النازحين السوريين ومنتحلي هذه الصفة على الأراضي اللبنانية يعني أننا سنكون شهودا على احتلال من نوع جديد عنوانه التغيير الديمغرافي.
نترك الأرقام تتكلم ونغوص في تداعيات هذا الإحتلال الذي يساهم فيه بعض المخاتير في قرى عكارية، من خلال منح وثيقة ولادة لأطفال نازحين سوريين وتسجيلها لدى دوائر النفوس في عكار مستغلين بذلك غياب الموظفين.
حتى اللحظة لا شيء موثقا، لكن مرجع حقوقي أكد على ذلك بناء على شهادات حية من مواطنين باتوا على قناعة بأن البشر والحجر سيزحلان من تحت أقدامهم في حال استمر واقع النزوح السوري في لبنان على حاله. واللافت أنه مع حصول الطفل السوري جنسية مكتوم القيد يصبح بعد الثامنة عشرة من عمره مواطنا لبنانيا ويحق له ممارسة حقوقه المدنية والتوجه نحو صناديق الإقتراع لانتخاب نائب يكون بمثابة صوته الصارخ في البرلمان، أو رئيس بلدية ومختار…وبذلك تكون تمخضت الأزمة لتلد احتلالا وإذا مش اليوم فبعد أعوام !.
” الحكي مش متل النظر”. يقول مختار إحدى القرى العكارية على الحدود اللبنانية السورية. ويضيف بحزم:”نعم هناك مخاتير فقدوا ضميرهم المهني والحس الوطني وباتوا مرتهنين لحفنة من الدولارات. هؤلاء وحدهم يقومون بتسجيل أولاد نازحين سوريين في دوائر سجلات النفوس بصفة مكتوم القيد ومنهم من قام بذلك لنازحين بالغين بهدف استعمالها على الحواجز الأمنية. بس أنا لو بيقطعولي إيديي ما بعملا”.
هو لا يفعلها. لكن آخرين فعلوها وباعوا الأرض والتاريخ من خلال منحهم نازحين سوريين بطاقات هوية مكتوم القيد علما أنها غير شرعية وبعد التحقيق والملاحقة تم توقيف أحد المخاتير وسُحِبَ منه الختم الرسمي وما لبث أن أطلق سراحه بعد ثلاثة أيام وحرم من مزاولة مهنته لكن النازحين ما زالوا يجتازون الحواجز ببطاقات مكتومي القيد ويضاربون على اللبناني في المهن الحرة والتجارة وسرقة الماء والكهرباء وصولا إلى…الزواج من لبنانيين ولبنانيات،وهنا المصيبة. يقول المختار “هناك عدد كبير من الزيجات المختلطة التي تمت بين نازحين ولبنانيين لا سيما في منطقة وادي خالد وسواها وهذا حتما سيصعب من عملية عودة أعداد كبيرة من النازحين.
المؤسف، يضيف أن الخطر لم يعد يقتصر على التمدد والتغيير الديمغرافي إنما تعدّاه إلى الواقع الأمني “امس وقع اشتباك مسلح بين شبان لبنانيين وآخرين من النازحين السوريين، وقبله بأسبوع وقع خلاف بين شاب عكاري وأحد النازحين وبعد دقائق وصلت مجموعة من النازحين كان استدعاها النازح المعتدي من إحدى المخيمات والجميع مدجج بالعصي والسلاح واعتدوا على اللبناني بالضرب المبرح وخربوا محله التجاري…ما منقول إلا الله يحمي لبنان لأنو راح ياخدو أرضنا ونسواننا”.
حال أبناء عكار والقرى المتاخمة للحدود السورية قد تفوق في مأساويتها مناطق لبنانية أخرى بسبب النزوح السوري ” ما خلوا مصلحة إلا وسرقوا من ابن الأرض..فتحوا محلات وأسسوا شركات واللبناني عم بيهرب بالبحر ويموت لأنو فقد الأمل”، يقول مختار آخر في إحدى القرى العكارية.ويشير إلى أن عملية منح بطاقات هوية مكتوم القيد انتشرت بداية النزوح ووصل عدد المستفيدين منها إلى حوالى الـ2000 شخص.
وبتاريخ 11/ 2012 صدرت مذكرة من قيادة الجيش ومديرية الأمن العام منعت بموجبها أي مختار من منح بطاقة تعريف إلا للبنانيين مكتومي القيد شرط أن يكون معروفا من المختار. أما بالنسبة إلى أولاد النازحين، فيؤكد أن هناك قرارا بمنح المواليد الجدد وثيقة ولادة بعد حضور الأب والأم ومعهما بطاقتي هوية وشاهدين إضافة إلى ورقة من المستشفى تثبت إجراء عملية الولادة فيها مع إسم الطبيب.ولا يتم منح أي مولود نازح سوري أي بطاقة هوية كما لا يتم تسجيله في دوائر النفوس اللبنانية.
إستثناء وحيد فرضته وزارة التربية على التلاميذ السوريين الذين يحملون وثيقة ولادة، إذ تعمد إلى الطلب من المختار إفادة تعريف تؤكد أن التلميذ من النازحين المقيمين في إطار حدوده الجغرافية وقد منحه وثيقة ولادة”.
وكما في كل البقع الجغرافية التي تغلغل فيها النازحون، يبقى الوضع الأمني هو الأساس وعلى المحك. وفي السياق، يؤكد مختار من قرية مشتي حمود أن الوضع في القرية أقل توترا من باقي القرى إذ أن غالبية النازحين هم من مناطق حمص والعريضة وتل كلخ “والناس هون بتعرف بعضا قبل ما تندلع الحرب بسوريا ويبلش النزوح”. لكن يحصل أن ينقطع الوصال أحيانا سيما وأن هناك عددا كبيرا من السوريين الذين يدخلون الحدود بطريقة غير شرعية عدا عن عمليات المتاجرة بالبشر بحيث يتم إرسال عدد من النازحين الوافدين إلى القرى بطريقة غير شرعية إلى مخيمات للتدريب وتحويلهم إلى مرتزقة .هذا بالنسبة إلى الرجال، أما السيدات فيتم استغلالهن لأعمال غير شرعية بعد بيعهن لشبكات متخصصة بتجارة البشر.
“الدني فلتانة والحامي ربنا”. فعلى رغم توقيف الجيش اللبناني عددا من السوريين الذين يدخلون بطريقة غير شرعية، إلا أن عمليات التهريب قائمة وعلى عين الجدولة وعلم عدد كبير من الرؤوس الكبيرة التي لها موقع قرار ونفوذ في الدولة. أما على الأرض فالأمور على رغم انضباطيتها “بس ما فينا نأمن لأي سوري…تعوّدوا ع الدم وإذا صرلن فرصة ما بيوفروا يقتلوا…” يختم المختار، متمنيا أن لا تتحول القرى العكارية المتاخمة للحدود إلى بقع جغرافية سورية مقطوعة الأوصال بحيث يتنعم فيها النازح السوري بالأرض والماء والكهرباء وكل الخدمات واللبناني إذا بقي من يخبِّر مجرد ضيف عابر في أرضه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى