أبرز الأخباربأقلامهم

مجلس نيابي ” فخري” للتمديد والتعطيل وتغطية النهب!

Almarsadonline

المحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي

هكذا ،خلع المجلس النيابي اللبناني بعد العام ١٩٨٩ منذ تاريخ اقرار وثيقة الوفاق الوطني في الطائف ثوبه القديم، وتخلى عن شعار ” سيد نفسه” فتحول الى مجلس ” فخري” يختزل التسميتين : مجلس نواب ومجلس شيوخ، بل صح فيه القول مجلس لوردات طائفي مذهبي يحتكر خمس كتل نيابية تمعن في التعطيل والتمديد الى حد اصدار قوانين مبتورة وعرجاء ومفخخة غير قابلة للتطبيق، الى حد رسم سياسة هندسية تشريعية مالية تسببت بإفلاس البلاد وافقرت الشعب وتعمدت تعريته من امواله العامة والخاصة وصادرت ممتلكاته.
تفضلوا لنسرد مآثر مجالس النواب المتعاقبة منذ انتهاء الحرب الاهلية في لبنان لعل ذاكرتنا خانتنا بعض الشيء، ولكي لا نتهم هذه المجالس زوراً بالجرائم التي ارتكبت على ايديهم.
بداية المجالس النيابية المتعاقبة هي التي رفضت تطبيق الدستور لجهة الغاء الطائفية السياسية فكرسته نصاً وروحاَ حتى النخاع والعضم ،كما الخروج السوري التدريجي وفق وثيقة الوفاق الوطني ،وهي التي تلكأت مراراً في اجراء عملية قطع حساب الموازنات اعواماً طويلة ،وتخلت عن دور محاسبة ومساءلة الحكومات المتعاقبة رغم ضخامة عمليات الفساد التي ارتكبت حتى اليوم،
وهي التي شرعت المخالفات البرية، وعملت على تغطية المخالفات البحرية فشرعت وجودها لان قسماً من السياسيين والنواب بالذات هم المرتكبون وهم يمتلكون عقارات وأقساماً في غالبية المشاريع البحرية السياحية…
وهي تلكأت عن تشكيل لجان برلمانية لمحاسبة الرؤساء والوزراء ، بل تمنعت قصداَ عن اقرار قانون انشاد مجلس محاكمة الرؤساد والوزراء ،وهي بذلك كرست حصناً منيعاً يمنع محاكمة كل من ارتكب جرائم الخيانة العظمة والفساد واختلاس الاموال والنهب والسرقة ،وهي التي عطلت الاستحقاقات الدستورية كما يحصل اليوم وكما حصل قبل انتخاب العماد عون رئيساِ للجمهورية ،اذ استمر التعطيل حينذاك عامين، وهي التي شرّعت مئات القوانين العرجاء المغلوطة والمفخخة كقوانين الايجارات وقوانين السير الغير قابلة للتطبيق، وهي التي منحت للحكومات المتعاقبة صلاحيات التشريع في القضايا الحساسة والدقيقة كالقضايا المالية خلال السنوات الاخيرة حتى بات المواطن رهينة قرارات وتعاميم ومذكرات تعسفية يتحكم بها حاكم مصرف لبنان ووزير المال بعيداً عن اي خطط مالية انقاذية.
هذه المجالس تحولت الى مجموعات هزلية فولكلورية ( وفق توصيف بعض رجال الدين والسياسيين) فضربت ما اتسمت به المجالس القديمة من هيبة ووقار واحترام دولي وعربي، كما بات همّ النواب الاوحد مضاعفة رواتبهم ومخصصاتهم كل فترة على حساب شعب منكوب، وابتدعوا امتيازات جوّفت الخزينة وافرغتها لعقود مقبلة، لما شرعته من رواتب ومخصصات مدى الحياة ناهيك عن موازنات خيالية بدون حسيب أو رقيب
انه غيض من فيض مجالس نيابية لم ترحم يوماً الشعب في احلك الظروف والازمات المدمرة للوطن، يكفي ما جنته خلال الاشهر الاخيرة من اقرار زيادات نارية على الرسوم والضرائب ما لم يعد بامكان المواطن تحمل ضرباته الموجعة دون إقرار اي مدخول في المقابل،
اين لجان التحقيق البرلمانية ؟
اين المحاسبة الذاتية لتنقية جسم المجلس النيابي نفسه؟
اين العدل في قبول نواب ملاحقين جزائياَ بمذكرات توقيف في لجنة الادارة والعدل النيابية ،فباتوا هم اسياد المحاسبة، واهالي الشهداء هم الفاعلون والمرتكبون؟!

آخر فصول التعطيل اليوم مؤامرة وصفقات هدفها الاوحد تعطيل استحقاق دستوري هو الانتخابات البلدية، وما ادراك ما ستكون تبعة وتداعيات هذه المؤامرة التي تشرع الفلتان والتدمير والحروب الاهلية حتى داخل العائلة الواحدة!
رحم الله مجلس اوغست باخوس وادمون رزق وريمون اده وكميل شمعون وبيار الجميل وكمال جنبلاط وعبدالله اليافي وصبري حمادة والبر مخيبر وادوار حنين، وعشرات ممن تركوا بصمات لا تمحى في التشريع والمحاسبة ،
لم يعد لنا بعد الطائف مجلس نيابي ،بل معظم النواب الذين انتخبوا ،فرضوا لحماية الفساد والفاسدين، وهذه المجالس تتحمل جزءاَ من مسؤولية خراب لبنان وإفلاسه ،فلا تحرفون انظار الناس عن المرتكب الحقيقي، فليس وحدهم القضاة وحاكم مصرف لبنان والحكومات والرؤساء والزعماء والمافيات يتحملون تبعة الانهيار والافلاس والاهتراء، بل مجلس نيابي يستغل موقعه وصلاحياته لتمرير الصفقات والسرقات والنهب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى