أبرز الأخبار

“حزب الله” أمام مأزق.. أدلّة تؤكّدُ “إنكشاف” الجنوب أمنياً!

بشكلٍ لافت وبارز، فتحت حادثة إطلاق صواريخ من جنوب لبنان بإتجاه الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة قبل يومين، نقاشاً جدياً بشأن الوضع الأمنيّ عند الحدود الجنوبية – الفلسطينية. حتماً، الأمرُ هنا يرتبطُ بـ”السيطرة العسكرية” القائمة حالياً هناك، إذ ما تبين بعد حادثة الصواريخ الأخيرة أن هناك معادلاتٍ جديدة بدأت تفرضُ نفسها على الجنوب وعلى “حزب الله” نفسه.

في بادئ الأمر، ألصقت “إسرائيل” مسؤولية إطلاق الصواريخ نحو مستعمراتها بـ”حركة حماس”، في حين أن الحزب وحتى الآن لم يُصدر أي بيانٍ توضيحي بشأن ما جرى. وضمنياً، فإن الحزب اكتفى عبر أوساطه بتوضيح أن ما حصل لا علاقة له به، في حين أنّ الإعلام الإسرائيلي روّج لمعلومات تشير إلى أن الحزب أسدى برسالة غير مباشرة إلى تل أبيب مفادها أنه لم يكن على علمٍ بأمر الصواريخ التي أطلقت.

وبمعزلٍ عن هويّة المنفذين، سواء “حماس” أو غيرها، يكمن الأمرُ الأكثر إثارة للحساسية هو المرتبط بـ”أمن الجنوب”، فالأمورُ ليست سهلة أبداً وغير عابرة، والمعطيات التي برزت مؤخراً تؤكد ذلك.. فما هي؟ وماذا تحمل من إشارات؟

خلال ساعات يوم السبت، أعلنت قيادة الجيش أنها عثرت على منصات للصواريخ في سهل القليلة – الجنوب. ويومي الخميس والجمعة، أي بعد حادثة إطلاق الصواريخ، عثر الجيش على منصات صواريخ في محيط بلدتي زبقين والقليلة وفي سهل مرجعيون. هنا، قد يظنّ البعضُ أن ما اكتشفه الجيش عابر، لكن الدلائل كبيرة أولها أن الصواريخ الـ34 التي تمّ إطلاقها، الخميس، لم تكُن الوحيدة، وما يتبين أنها كانت جزءاً من ترسانة أكبر كان يُخطط لإطلاقها باتجاه المستعمرات الإسرائيليّة. إضافة إلى ذلك، فإن ما يتبين أيضاً أنّ الأماكن التي لجأ إليها أصحاب تلك الصواريخ كانت البساتين والسهول الزراعية من أجل اعتماد التمويه. أما الأمر الأهم فهو أنّ تلك الصواريخ المكتشفة يمكن أن تكون وُضعت بعد حادثة الخميس أو قد تكونُ جُهزت للإطلاق مع الصواريخ الـ34 لكن ذلك لم يحصل بسبب مشاكل تقنية أو أمورٍ أخرى.

عملياً، فإنّ تلك المعطيات تشيرُ إلى أنّ أمن الجنوب بات في خطرٍ داهم، والمُحرج هنا “حزب الله” بالدرجة الأولى. فرغم تنصّل الأخير من مسؤولية إطلاقه الصواريخ لتجنب معركة مع العدو الإسرائيلي، تبقى تساؤلات أساسية بحاجة إلى إجابات وهي: كيف يمكن للحزب أن يُبرر موقفه بشأن نصب الصواريخ الكثيرة على أرض الجنوب سواء بعلمه أو بدونه؟ هل بات الجنوب مُباحاً للعمليات العسكريّة من أي جهة مختلفة؟ هل فقدَ حزب الله قدرته على ضبط جبهة الجنوب العسكرية؟ هل ما جرى الخميس كان “قبّة باط” منه لفصائل فلسطينية بهدف إسداء رسائل أمنية للعدو؟ هل بات لتلك الفصائل الحرية في “العمل الفدائي” ضمن الجنوب.. وفي حال كان هذا الأمرُ بحكم القائم، هل حصلَ رغماً عن “حزب الله”؟

بالنسبة للرأي العام حالياً، فإنّ منفذ أحداث الخميس هي حركة “حماس” التي تنسق مع الحزب في مختلف الشؤون العسكرية والميدانية. وفعلياً، فإنه بعد أحداث الجنوب، تم الإعلانُ مؤخراً عن إجتماعٍ بين الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ووفد من حركة “حماس” يرأسه رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، وقد جرى استعراضه للتطورات الأخيرة.

وفي حال كانت الحركة هي المسؤولة عما حصل في الجنوب قبل يومين، فإن ذلك سيعني أمراً واحداً: بروز “حماس” على محور “حزب الله” وسحب بساط الجنوب منه تدريجياً في حال كانت حركتها منفردة وغير منسقة معه ومدعومة من سوريا وإيران، وهنا بيت القصيد. وعليه، فإن هذا الأمر بحاجةٍ إلى توضيحٍ فعلي من “حزب الله” لكشف حيثياته والإجابة على سلسلة التساؤلات المطروحة بجدية وعُمق.

في مقابل كل ذلك، يسودُ اعتقادٌ آخر أن هناك جهات على صلة بـ”إسرائيل” نشطت في الجنوب لإطلاق الصواريخ، وهنا يكمن الخطر الأكبر والإحراج الأعمق.. فلو بينت التحقيقات التي تجريها الدولة اللبنانية هذا الأمر، كيف سيتصرف معه “حزب الله”؟ الكلام الأساس الذي سيُقال هنا أن أمن الجنوب بات مستباحاً من قبل العملاء، وسيطرح الجنوبيون أسئلة مباشرة للحزب عن دوره في ضبط الحدود، وضبط الجبهة التي تعتبر محوريّة.

بكل واقعية، فإنّ ما ساهم بتحييد الأنظار قليلاً عن “حزب الله” هي الصواريخ التي أطلقت يوم أمس السبت من سوريا باتجاه الجولان المحتل. وفي ساعة متأخرة من ليل السبت – الأحد أيضاً، زعمت وسائل إعلام إسرائيلية، وفق قناة “الجزيرة”، بأنّ الجيش المصري أحبط عملية إطلاق صواريخ من سيناء نحو إيلات، إلا أن وسائل الإعلام المصرية لم تتحدث عن هذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد، ما يعني أنه يندرج في إطار الكلام غير الدقيق.

ضمنياً، فإنّ ما حصل في الجولان يعدُّ لافتاً جداً، والإعتقاد الأولي الذي كان سائداً هو أن الجهة المنفذة قد تكون فصيلاً مقاتلاً لديه وجود عسكري في أكثر من مكان، وقد أشارت بعضُ التقديرات خلال الساعات الماضية إلى أن “حركة حماس” قد تكون هي المسؤولة عما شهدته المنطقة السورية المحتلة. إلا أن المفاجأة كانت في أنّ هناك فصيلاً داخل سوريا يُدعى “لواء القدس” هو الذي تبنى، اليوم الأحد، مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ باتجاه الجولان. وبحسب المعلومات، فإنّ هذا الفصيل تم تأسيسه عام 2013، وتلقى دعماً سورياً وروسياً على مدى السنوات الماضية.

إلا أنه ومع هذا، فإنه في حال كانت لـ”حماس” بصماتٌ غير مباشرة ضمن الحدث الذي شهده الجولان، عندها فإنّ الصورة المعنية بالحركة باتت مختلفة عن السابق، وما يتبين أن دورها بات يتصاعد على أكثر من جبهة لاسيما في لبنان وسوريا وحتى مصر، بالتالي لم يعد محصوراً بقطاع غزّة.

في خلاصة الأمر، تبقى الحقائق الكاملة التي يجب أن تُكشف عن أمن الجنوب بيد “حزب الله” وحده، والمنتظر في الوقت الراهن هو كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يوم الجمعة المقبل بشأن ما حصل.. فما الذي سيعلنه وكيف سيبرر ما حصل عسكرياً؟ ماذا عن دور “حزب الله” في المرحلة المقبلة وهل باتت لـ”حماس” حقاً دورٌ “فدائي” جديد في لبنان؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى