أخبار محلية

إنعاش “س ـ س”.. فرنجية رئيساً

/ خلود شحادة /

لا تزال باحة قصر بعبدا مقفرة، ويتمدد صدى فراغها إلى داخل القصر وباحة صالونه الرئيسي.

رئاسة الجمهورية تعيش زمن الفراغ، والـ “رؤساء” المفترضون ما زالوا يستعدون لدخول السباق من مسافات بعيدة وقريبة، إلى بعبدا.
في الصف الأول من المتسابقين، يقف اثنان:

جوزاف عون، يستعد للانطلاق من اليرزة، على بعد كيلومترات قليلة جداً من القصر الجمهوري.

سليمان فرنجية، في بنشعي وعلى بعد عشرات الكيلومترات، الا أنها قد تبدو أحياناً أمتاراً قليلة بفعل عوامل عديدة. حتى الأمس القريب، كانت حظوظ المرشحين الرئيسيين ضعيفة، لاعتبارات سياسية عميقة، وقانونية دستورية معقدة.

الأول، أي قائد الجيش، يرتاح إليه الأميركيون والسعوديون، وهو المرشح الأقرب إلى حساباتهم. هذا ما يسبب “نقزة” لدى الفريق اللبناني، الذي يقف على الضفة المقابلة للحسابات الأميركية والسعودية، أي “حزب الله”.

في اللقاء الخماسي الذي انعقد في باريس، كانت حماسة الأميركيين والسعوديين كبيرة، لتبني ترشيح “الجنرال” عون، ولولا “البرودة” الفرنسية لكن صدر بيان يعلن تبني هذا الترشيح.

تلك كانت إشارة إلى أن الطريق بين اليرزة وبعبدا لا تزال تقطعها أسلاك شائكة، عند أكثر من مفترق.

أما في بيروت، فكان النقاش بين مؤيدي هذا الترشيح، حول كيفية تأمين المظلة الدستورية لهذا الانتخاب، بسبب عدم قدرة هؤلاء المؤيدين، على تأمين النصاب الدستوري لتعديل الدستور، بما يسمح بانتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية.

انطلاقاً من ذلك، بدت حظوظ عون مطوّقة، بأسلاك شائكة سياسية ودستورية، تضاف الى تلك التي تقطع الطريق بين اليرزة وبعبدا.

مع ذلك، لا يعني أن حظوظ الرجل قد تلاشت، لأن التسويات واللحظة السياسية الحاسمة، يمكن أن تغيّر في المعادلة التي تحكم الانتخابات الرئاسية في لبنان.

الثاني، أي “قائد المردة”، صديق سوريا التاريخي، وحليف المقاومة الثابت، والعروبي المتجذّر. ترتاح إليه سوريا، ويطمئن إليه “حزب الله”. هذا ما يسبب “نقزة” لدى فريق داخلي وخارجي، الذي يقف على الضفة المقابلة لحسابات فريق المقاومة.

في 6 شباط، عندما هز زلزال تركيا، “الجغرافيا الطبيعية” الممتدة في محيطها وصولاً الى لبنان وسوريا، و”الجغرافيا السياسية” وصولاً الى الخليج، كانت المسافة بين بنشعي وبعبدا طويلة جداً، وكانت بورصة حظوظ الرجل في مرحلة الهبوط.

بعد 6 شباط، حصلت متغيرات على أنقاض المنازل المهدمة في سوريا، فالركام شكّل جسر عبور سياسي لدول الخليج، نحو دمشق.

رئيس الإمارات محمد بن زايد أوفد وزير خارجيته عبدالله بن زايد الى العاصمة السورية، للقاء رئيسها بشار الأسد الذي غادر بعد أيام إلى مسقط للقاء سلطان عمان هيثم بن طارق.

هل كان يمكن لهذه الحركة السياسية بين دمشق والخليج أن تحصل من دون مباركة سعودية؟

بالتأكيد لا، خصوصاً في ظل ما تردد من معلومات عن لقاءات واتصالات، بعيداً عن الضوء بين مسؤولين سعوديين وسوريين.

الارتدادات السياسية لزلزال تركيا ـ سوريا، بدأت تترجم نفسها، والتواصل تجاوز البعد الإنساني ـ الاجتماعي، ما أعطى مؤشرات عن احتمالات نشوء تفاهمات قديمة ـ جديدة تعيد إحياء صيغة “س ـ س”، أي سوريا والسعودية، ومن الطبيعي أن يكون لبنان جزء من هذه التفاهمات.

قد يكون في هذا الاستنتاج، استعجال أو تسرّع، وقد تكون هذه التفاهمات المفترضة في مرحلة ما قبل اعداد طبختها، وبالتالي فإن نضوجها ما زال مبكراً، لكن بالتأكيد هناك متغيرات ستترك أثرها على انتخابات الرئاسة في لبنان وتوازناتها ومعادلاتها ومرشحيها.

هنا، قد يقفز سليمان فرنجية من بنشعي الى بعبدا، على أجنحة المتغيرات الجديدة، بقوة دفع الـ “س ـ س” بسرعة قياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى