أخبار محلية

جنبلاط إستدار نحو اليرزة بعد “همسات رئاسية”..

صونيا رزق / الديار

في السابق كان رئيس الحزب ” التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط بيضة القبان في كل إستحقاق، اذ كان يقلب الاوضاع رأساً على عقب، وبطريقة فجائية يجعل كل الافرقاء السياسيين يتقرّبون منه لغايات سياسية ومصالح خاصة، لكن كان دائماً ” يقطفها” فيخرج منتصراً من اي ملف او قضية عالقة، وفي آخر الدقائق الحاسمة، لانه من اكثر السياسيين قدرةً على قراءة عناوين المرحلة الحالية والمقبلة، فهو ينسى فجأة الخصومة السياسية مع أي فريق، حتى لو حمل العداء له، فيعود أدراجه لينتفض على ذلك العداء الذي لا يدوم طويلاً، لانه يرفض العودة الى زمن التقوقع والشعارات الضيقة، كما يردّد دائماً بعد أي عملية إنفتاح فجائية على الخصم، لذا يعمل دائماً على تأسيس مرحلة جديدة مع الآخر، بحسب مصلحته السياسية.

جنبلاط المنفتح منذ فترة على الخصوم، إلتقى قبل فترة رئيس ” التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ووفداً من حزب الله، تم خلال اللقاءين ضبط العلاقة مع الطرفين، لتشمل طرح أسماء رئاسية مغايرة عن تلك التي يتم التصويت لها، خلال الجلسات الرئاسية التي إنعقدت على مدى 11 مرة وتحديداً كل يوم خميس، حتى غابت كلياً منذ مدة، لذا أدار رئيس ” الاشتراكي” محركاته للوصول الى حل، لانّ المرحلة تتطلب ذلك، فأعاد علاقته بحزب الله نسبياً، طارحاً عقد لقاء وهكذا كان، ليطرح ثلاثة أسماء للرئاسة هم جهاد أزعور وصلاح حنين وقائد الجيش العماد جوزاف عون، مع علمه المؤكد بأنّ وصول حنين وأزعور صعب جداً، فيما إسم قائد الجيش هو المرجّح، وهو بذلك فاجأ الجميع، لكن ووفق المعلومات فإن همسات رئاسية خارجية وصلته، تفيد بأنّ العماد عون يلقى دعماً قوياً في الخارج اما الداخل فعلى الدرب سائر، وهو المرشح الابرز للمنصب الاول، ولذا سارع الى تبنّيه لانه يفضّل الورقة الناجحة دائماً، خصوصاً انه يعرف سلفاً انها رابحة، لذا يحاول جسّ نبض الجميع الذين يكثفون من اتصالاتهم لمعرفة حقيقة ما يجري.

الى ذلك تبرز هواجس جنبلاط ومخاوفه خلال الاجتماعات بكوادره، حيث يؤكد إصراره على إنتخاب رئيس بأقرب وقت ممكن، مع تنفيذ اجراءات سريعة لتفادي الانهيار الشامل، كما يتخوف من تداعيات الفراغ الرئاسي، ومن بقاء بعض المرشحين الذين يشكلون إستفزازاً للبعض، لذا إستدار نحو اليرزة حيث يكثر المؤيدون للمرشح المنبثق عنها، لانها تجمع ولا تفرّق، ومناصروها كثر، وهذا يعني انّ اي مرشح آت مع البزّة العسكرية، يعني ان وصوله ليس بصعب ابداً، لانّ عناوين الوسطية والاعتدال سترافقه وتميّزه عن اي مرشح آخر، يتم التداول بإسمه من دون ان يملك الحظوظ للوصول الى القصر الجمهوري، والجلوس على كرسي بعبدا التي تبقى المشكلة الاكبر بين المتبارين عليها.

في السياق قالها جنبلاط من منبر عين التينة قبل ايام قليلة، ” لقد آن الآوان ان نستغني عن الورقة البيضاء وننتخب فعلياً، لان التوافق يعطي أملاً بانتخاب رئيس”، معلناً عدم إمكانية وصول النائب ميشال معوض او رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الى الرئاسة، لانهما يتبعان فريقيّ النزاع، أي المعارض والممانع، وكل من يتبع هذين الفريقين يصعب وصوله، لا بل يقارب المستحيل، وهو بذلك قطع الطريق نهائياً على النائب باسيل بعدما لوّح بإعلان ترشحه الى الرئاسة، فكان جواب جنبلاط له واضحاً من خلال تخليه عن التصويت لمعوض، وإفهام الفريق الاخر “بأن تخلينا عن معوض يعني تخليكم عن فرنجية”، وهذا يعني انّ الرسالة وصلت الى باسيل، الذي لا يحظى ابداً بإمكانية تولّيه الموقع الاول، نظراً للخصومة التي تسيطر على علاقاته مع مختلف الاطراف.

في غضون ذلك، فإن دعم رئيس “الاشتراكي” لقائد الجيش فتح باب حظوظه اكثر، فيما خفّت نسبة وصول الاخرين الى مستويات ضئيلة جداً ، وبات العماد جوزاف عون في الصدارة، وسط معلومات بأنّ مهمة جنبلاط من الآن فصاعداً ستقتصر على إقناع رئيس مجلس النواب نبيه بري بالتصويت للعماد عون، لانه باق على دعم فرنجية، خصوصاً انه بدأ منذ فترة عملية إستطلاع آراء بعض النواب، خلال اتصالات اجراها بعيداً عن الاعلام، لمعرفة نسبة تأييده من معظم الافرقاء والاحزاب، والدعوة الى عقد جلسة رئاسية تنتظر نتيجة هذا الاستطلاع، لكن جنبلاط سيواصل إستشاراته ولو من تحت الطاولة، وافيد بأنّه تواصل مع السفير البابوي المونسنيور باولو بورجيا وجرى بحث في الاستحقاق الرئاسي، أي اخذ دوراً من المفترض ان يتخذه اطراف مسيحيون لا يزالون يتلهّون بالمناكفات والخلافات والقشور السياسية، بدل التوافق حول مسألة تتعلق بالموقع المسيحي الاول، الذي يكاد ان يُحل على ايدي مسؤولين من طوائف اخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى