أبرز الأخبار

إلى حوار مجدٍ لا حوار مضيعة للوقت…

 

كتبت النهار

لا يمكن لأحد رفض الحوار، كل حوار، مهما علا أو انخفض مستواه، لان البديل منه هو التصادم والتقاتل، اي اللجوء الى القوة سبيلا. وسواء جاءت الدعوة الى الحوار من رئيس مجلس النواب نبيه بري أو من غيره، فهو ضروري وملحّ ما دامت الطرق مقفلة، والأبواب موصدة أمام انتخاب رئيس جديد للبلاد باتفاق أفرقاء الداخل من دون أي دعم خارجي، سواء كان عربياً أو غربياً.

ورفض “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” الدعوة التي وجّهها الرئيس بري بذريعة عدم القيام بأي خطوة أو “مشروع” قبل انتخاب الرئيس، غير مبرر، لأن هدف الحوار هو الاتفاق أو محاولة الاتفاق على الانتخاب المتعذّر. وأما اضاعة الوقت فهي تتجسد تماما في الجلسات التي باتت غير مسلّية وغير جاذبة إلا لفئات محدودة تتراجع يوما بعد يوم.

ويمكن قراءة رفض الحوار من زوايا مختلفة:
– أولاً: سبب سياسي دفع “التيار الوطني الحر” الى عدم التجاوب، وهو عدم إعطاء رصيد إضافي للرئيس بري الذي “يعادي” الرئيس السابق ميشال عون وورثته السياسيين، أو بالأحرى وريثه السياسي. وبالتالي فان اوساط التيار تردد مقولة ان بري كان يراهن على ابتكار حلول ما بعد عون لربط الفشل كله بما كان يسمى “العهد القوي”.

– ثانياً: الخوف لدى فئات عدة من أن تؤدي طاولة الحوار الى الدفع باتجاه انتخاب رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، وبالتالي الوقوع في “فخ حزب الله”. ومردّ هذا الخوف انقسام قوى المعارضة وعدم توافر رؤية مشتركة لديها.

– ثالثاً: ان الحوار اذا اقتصر على انتخاب رئيس من دون برنامج عمل مستقبلي وضمانات التطبيق، يكون ملءَ فراغ، وتمديداً للأزمة القائمة ليس أكثر.

– رابعاً: ان تجارب الحوار السابقة غير مشجعة، خصوصاً مع “حزب الله” الذي ماطل وراوغ كثيراً في الاستراتيجية الدفاعية التي طُرحت مراراً ولم تبلغ حد الاتفاق بالحد الأدنى، بل ان كل أعماله الميدانية كانت تفرغ الحوار حول الاستراتيجية من معناه، إذ إنها لم تقِم أي اعتبار للمتحلّقين حول موائد الحوار.

– خامساً: ان الكلام عن تحييد لبنان مع رئاسة جديدة، واقتناع “حزب الله” المعلن من أحد مسؤوليه بهذا التوجه، يناقض تماماً أعماله، إذ إنه كان البادئ في محاولة إسقاط “اعلان بعبدا” وإنكاره قبل صياح الديك، علماً أن “اعلان بعبدا” نص على التحييد خصوصاً مع بدء الحرب السورية.

– سادساً: ان القول بأن الحزب بات على اقتناع بضرورة المحافظة على لبنان – الطائف، لا تظهره الوقائع والتطورات، بل تذهب باستمرار في اتجاه ما يناقض هذه القناعة.

وهكذا فإن فقدان الثقة، وعدم الرغبة في تكرار الفشل، والخوف من “التطبيع” مع الأمر الواقع، عوامل لا تشجع الإقبال على الحوار، والحزب، المعني الأول بهذه العوامل، مدعو الى إظهار صدقيته في التوجهات وتقديم الضمانات، للمضي الى حوار مجدٍ لا حوار مضيعة الوقت كما سابقاً. وهكذا رغم تحميل المسيحيين، والمعارضين المشرذمين، مسؤولية عدم انعقاد الحوار، فإن الكرة تبقى حقيقة في ملعب الجهة المقابلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى