أبرز الأخبار

“رئيس الظل”… أنا الرئيس أو لا رئيس

مع كل موقف يعلنه رئيس “التيار الوطني الحر” السيد جبران باسيل، “رئيس الظل” في العهد السابق، يُسجِّل سقطة سياسية. ومع كل سقطة يُحرَق مركبٌ. ومع كل مركب يحترق تتضاءل إمكانات العودة إلى ضفة الأمان. ومع كل دعسة ناقصة يدخل الرجل أكثر فأكثر في دائرة الخطر. لا يعجبه العجب حتى الصيام في شهر رجب. لا أحد بالنسبة إليه يصلح لكي يكون رئيسًا للجمهورية. لا ميشال معوض، ولا سليمان فرنجية، ولا جوزاف عون. يبدو أنه عندما يتحدّث عن المرشحين الأكثر حظًّا للوصول إلى بعبدا يكون أمام مرآة لا تعكس سوى صورته، فلا يرى أحدًا سواه يصلح لكي يكون “منقذًا”، وكأن في قوله هذا بعضًا من إدانة للرئيس السابق ميشال عون، الذي لم يستطع أن يكون ذاك “المنقذ المنتظر”. 

فإذا كانت عملية “الإنقاذ” كما يراها جبران القرن الواحد والعشرين شبيهة بعملية “إنقاذ” لبنان من العتمة فعلى الدنيا السلام. فمنذ أن “بشرّنا بـ”كهرباء 24 على 24 ساعة عمّت العتمة كل لبنان، وبدأ منذ ذاك التاريخ حتى آخر تصريح له “عهد الظلام”. من بعد هذه “التباشير” لم يعرف اللبنانيون يومًا “متل الخلق”. من هناك كانت البداية، بداية التقهقر والتدهور والإنهيار. 
وبكل “عين وقحة” يجروء السيد باسيل على الحديث عن نفسه وكأنه “المنقذ” الوحيد. بعد كلامه الأخير خيّر اللبنانيين، عبر ممثليهم في البرلمان، بين إنتخابه رئيسًا للجمهورية وبين أن تبقى البلاد من دون رئيس. 

إعتقد الرجل أن الجميع، سواء الذين يسايرونه مجبرين، أو أولئك الذين لا يتصورن رؤيته حتى في المنام، سيسرعون لتطييب خاطره ومراضاته، متوسلين إليه لكي يتنازل ويقبل بأن يصبح الرئيس الرابع عشر. ولكن في الواقع أن كثيرين من اللبنانيين، بإستثناء “الباسيليين”، يتمنون ألف مرّة أن تبقى البلاد من دون رئيس على أن يأتيهم من يبقيهم في “جهنم” أنزلهم إليها العهد السابق، الذي كان فيه جبران باسيل الرئيس الظّل في كل التفاصيل، الكبيرة منها والصغيرة. 
هذا الكلام لا يقوله “القواتي” أو “الكتائبي” أو “الإشتراكي” أو “الأملي”، بل بتنا نسمعه من بعض أهل بيته، ومن بعض حلفائه، ولو بحياء، لأن لـ”حزب الله” حسابات أخرى في المعادلة الرئاسية، لأنه يعتبر بدوره أن لا رئيس للجمهورية من دون المرور الالزامي ب”الثنائي الشيعي”، وهو حدّد مواصفات الرئيس العتيد، الذي يريده ومشى. 

فقيادة “حزب الله” مستاءة من تصريحات باسيل الأخيرة، إن لجهة إعتباره أن لا حيثية شعبية ونيابية لسليمان فرنجية، وإن لجهة موقفه من “الرئيس الذي لا يطعن “المقاومة” في ظهرها، وفق المواصفات التي حدّدها السيد حسن نصرالله. 
ولكن هذا الإستياء الواضح والظاهر يستطيع “حزب الله” كبته وعدم إظهاره إلى العلن، لمعرفته الأكيدة، وإستنادًا إلى تجارب سابقة معه، أن باسيل يرفع عادة سقفه السياسي ليحصل على ما يريده، بمعنى أنه لا يعطي بيده اليمنى قبل أن يأخذ في المقابل في اليد اليسرى ما يوزاي ما يعطيه في اليمنى.  
ويقول بعض العارفين أن السيد نصرالله عندما تحدّث عن الرئيس، الذي لا يبيع ولا يشتري، لم تمرّ في باله صورة جبران، وهو الذي “يحفظه” عن ظهر قلب، ويعرف تفاصيل ملف بواخر الكهرباء ربما أكثر من غيره. 
ويبقى السؤال: هل ستنفجر بين “حزب الله” وباسيل؟ 
الذين يعرفون كيف يتصرّف “الحزب” في هكذا مواقف يجزمون أنه سيُبقي على “شعرة معاوية” مع “الإبن الشاطر”، وذلك بسبب حسابات أخرى لا علاقة لها بـ”الصداقة” و”التحالف”. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى