أخبار محلية

المآلات الخطرة للترسيم البحري اللبناني مع إسرائيل

 

كتب الجنرال يعقوب صخر

لا شك أن لبنان، ما بعد إتفاق الترسيم البحري، قد بات غير ماقبله. وحالة التشنج المستدام والتوتر المصطنع قد تحولت بينليلة وضحاها إلى حالة استرخاء وهدنة ممتدة، خبت معها شعارات التجييش وخمد الصراخ وألغي الاستنفار وتغيرت لغة الكلام.
بذلك وعليه؛ بدأ يخالج اللبنانيين بعد إرساء الاتفاق، بالطريقة التي جرى تهريبه بها، هواجس مستقبلية وتساؤلات ممزوجة بالخوف والخشية مما بعد الاتفاق، يخالطها تفاؤل ضبابيبثروات بحرية غير مؤكدة، واستقرار أمني مرتجى غير واضح المعالم، وريبة بالغة في إتفاق لا يعلمون كيف تم وكيف جرى ولايدرون غاياته وليسوا واثقين من ترتيباته وتبعاته، وترقب حذر من الخطوات اللاحقة لسلطة لا يثق بها الشعب اللبناني ضربته في قوته ومعاشه وسرقت ودائعه وأذاقته المر. هل سيتم تغييرها على مشارف تجديد رئاسة الجمهورية؟ وإن بقيت هذه المنظومة مستحكمة، هل يؤمن لها ويركن إليها في قادم أياما للبنانيين، وهي بعد أن أفقرته ونهبته أليست بقادرة على سرقة الثروة الموعودة؟ والسؤال الأكثر إقلاقا”: هل سيبقى هذا التزاوجما بين حزب إيران المهيمن ومنظومة الخراب؟ وهل ستتحول بندقية حزب إيران ويتفرغ كليا” للداخل بعد أن أدار ظهره للعدو المزعوم؟.. هذه الهواجس وغيرها تستدعي منا المحاولة على ضوء ذاك لاستقراء واستشراف المرحلة التي تلي كل ذلك.
أولا”: على غير ما يتم التسويق له، فإن هذا الإتفاق قد كشف الستار عن خبايا مهمة وأفرز عدة قضايا أساسية:
– تخلى لبنان لصالح إسرائيل عن مساحة بحرية تقدر بحوالي١٤٣٠ كلم٢، بعد أن إعتمد معها الخط ٢٣ وتخلى عن الخط٢٩ الذي حدده ورسمه الجيش والمتوافق مع اتفاقية ١٧ أيار١٩٨٣، وهدنة ١٩٤٩ المرتكزة على الحدود الرسمية الدوليةالمعتمدة والمحددة عام ١٩٢٣ وكلها تحدد حقوق لبنانبالحدود القصوى برا” وبحرا”.
– خلل حاد يشوب الإتفاق، إذ يصب في مصلحة إسرائيل ولايؤمن مصلحة لبنان، لأن الترسيم البحري لا يستقيم إلا إذاتزامن مع الترسيم البري، لا بل لا يصح الترسيم البحريبغير الترسيم البري لتحديد نقاط الانطلاق من البر للبحر.. وهذه كانت فرصة ذهبية للبنان لتحديد حدوده البرية الأمر الذي لم يتم، ولا زالت حدودنا البرية مع العدو غير مرسمةوغير نهائية.. يعني حالة جغرافية شاذة يحتار فيها القانون الدولي (يحدنا من الجنوب: بحرا” إسرائيل وبرا” فلسطين!!!)…
– هذه النقطة أعلاه بالذات تطرح شكوكا” بالغة عن ماهية وكيفية إتفاق جرى تم تهريبه بخفة أميركية إسرائيلية ايرانية، وغباء وجهل لبناني يقف خلفه سيطرة الخبث الحزبللاوي بإبقاء حجة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا شماعة لبقاء السلاح.. ويطرح كذلك العجب في براغماتية أميركا وإسرائيل حول تركيز اهتمامهما النفعي المصلحي وتغليبها على الأسس والمبادىء وأصول التعاقد الدولي. إذ يتضح بذلك أنهما لا تهتمان بمن يسيطر على القرار وهو حزب تصنفه ارهابيا” فتتعاقد معه، وهو يتعاقد معهما مع أنه وصفهما بالشيطانين الأكبر والأصغر، طالما أن مخرجات الإتفاق ونتائجه تثبتان لهما المصلحة المتحققة باستقرار واستجرار الغاز، ولحزب إيران السماح بتعزيز الإمساك بمفاصل الدولة اللبنانية والتحكم والتقرير بكل القرار السياسي فيها !!!
– هنا قد يقال أن لا دخل للحزب الذي قال أنه وراء الدولة فيما تقرره بهذا الشان وأن من وقع هو الرئيس ومن تبادلا لرسائل وتولى التفاوض هي شخصيات من السلطة اللبنانية الحاكمة. لكن القاصي والداني يعرف أن كل أدوات السلطة هي بيده ممسك بتلابيبها ولا تتحرك إلا بمشيئته، لابل هو من أتى بها وبوأها لخدمته، تخدم وتحمي سلاحه، وهو يحمي فسادها ويشاركها فيه. والدلائل واضحة دامغةوكثيرة، لا مجال هنا لتعدادها.
– إيران كانت الحاضر غير المباشر عبر وكيلها حزبللا، وأمين عام الحزب لم يتوخ غير مصلحة إيران. في خطابه “كاريشوما بعد كاريش” ومسيراته المسرحية، لم يستحضر المصلحة اللبنانية بل مفاد خطابه كان رسائل مساومة من أجل إيران في مفاوضاتها مع الغرب، وأن طالما لا نفط وغاز من إيران فلانفط ولا غاز من لبنان واسرائيل. لذلك؛ إسرائيل وأميركا بواقع الأمر كانتا تفاوضان إيران عبر حزبها في لبنان وبأدوات ودمى السلطة اللبنانية رهن أمر هذا الحزب.
– أزمة الطاقة العالمية المحفز الأهم لإنجاز الترسيم (سيتمشرحها في البند الثاني)
– سلق الامور على عجل قبل رحيل عون وايهام الناس بإنجازمهم حققه قد ينسيهم السنين العجاف والفشل الذريع طوال مدة حكمه، وما هو بواقع الأمر وبالتحليل والدليل إلا فشل غير مسبوق مختوم بالعار وموسوم بالخيانة.
– برغم كل ما يقال أن ما جرى لا يستتبع تطبيعا” ولا سلاما” مع إسرائيل، لكنه على الأقل وبالقانون الدولي، ما نجم عن الإتفاق يعبر عن إعتراف صريح بدولة إسرائيل. فمهما كانشكل التفاوض والمراسلات المتبادلة والوثائق والوسائط والوفود.. فما نتج عنها يعد معاهدة دولية كاملة الأوصاف بين طرفين، أرست اتفاقا” مفصلا” وهدنة توجب الاستقرار، وبالتالي إعتراف متبادل يشكل خطوة أولى نحو سلام مستقبلي باتت الآن أرضيته مرصوفة.
ثانيا”؛ هاجس الطاقة العالمي المتزامن مع ضيق وحرج إيران وتوابعها يحلل المحارم ويكشف الأقنعة… كيف؟
إذا علمنا أن روسيا هي الأولى عالميا” في احتياطي الغاز تليها إيران ثم قطر وكازاخستان، وأن أوروبا المغالية والمتكتلة في العقوبات على روسيا، تعتمد على الغاز الروسي بمعدل وسطي يبلغ 50% من حاجتها وبما ان أميركا تحتل المركز الأول فيمخزون النفط والغاز للخمسين سنة القادمة تستطيع المساعدةلكن إلى حين، واوروبا التي لجأت إلى انبعاثات صفر لقاء اعتمادالطاقة البديلة (شمس ورياح وحتى نووي) لكنها لا تؤمن أكثر من20%. فإذا انقطع الغاز الروسي ينقطع عنها 50% من مصادر الطاقة، أميركا قائد الناتو الذي تنضوي فيه أوروبا تساعد بقدر، النرويج قد تزيد قليلا” في الاستخراج، وبريطانيا كذلك ستزيد الحفر في بحر الشمال… يبقى من أين المصادر البديلة وكيف تتنوع؟ إنه الشرق الأوسط خزان الطاقة والوقود الأحفوري. أمام هذه الوقائع، يعود الشرق الأوسط للبروز في دائرة الإهتمام الدولي البالغ، ويعود إليه الالتفات الأميركي كأولوية قصوى.
وبما ان أوروبا تشكل الحديقة الأمامية لأميركا في الجيواستراتيجيا (خطة قيادة العالم) وكونها قائد الناتو المدافع عن أوروبا، والتباعد الحاد المصاحب بالتشنج بين الغرب وروسيا، أصبح لزاما التفتيش عن مصادر طاقوية اخرى، والشرق الأوسط هو البديل. ولما فشل بايدن في قمة جدة في جر الخليج العربي وعلى رأسه السعودية لزيادة الضخ لتخفيض الأسعار لتعويض النقص المستجد على أوروبا على أبواب الشتاء.
الجدير ذكره أن العالم في عصر العولمة وتقارب المسافات والتطور التقني الهائل ووسائط الاتصال السريع قد أصبح يرتكز على القدرة التجارية والاقتصادية أكثر منه على القدرات العسكرية، أيأن Geo-economy صار المؤثر في تعزيز Geopolitics ورسم السياسات الخارجية وتحديد بقع النفوذ للدول الكبرى، وبالتالي الشركات العملاقة العابرة للقارات بفعل العولمة وأولها شركات السلاح والطاقة صارت تتدخل وتؤثر في صنع القرار القائم على النفعية المادية والمصلحة المجردة من أي مبادىء وقيم.

قياسا” على ذلك؛ بدأت تنقشع حقيقة أن ساحل المتوسط الآسيوي (سوريا لبنان إسرائيل) قد انقسم إلى: شمالي؛ تحت السيطرة الروسية وقاعدته طرطوس. وجنوبي؛ تحت السيطرة الأميركية وقاعدته حيفا. وكل قسم ينفذ إليه من يغذيه ويوافق مصلحة أي منهما.

ثالثا”؛ طريقة وشكل واستعجال الترسيم كيفما اتفق، توحي بصفقة خطيرة واستتباعات أخطر.

شرحنا وبينا أن من رسم الاتفاقيه هي الميليشيا الإيرانيةوملحقاتها في لبنان عون وبري ومن لف لفهما. كلهم كلفوا الجيش الذي قام بواجبه وحدد الحدود القصوى وفق الخط ٢٩، لكن وكأنهم ندموا أهملوا كل ما نفذه الجيش وتنازلوا لما دونالخط ٢٣. ما يسمى بـ”حزب الله” فاوض نيابة عن إيران والمنفذ نيابة” عنه الرقم ١ عون والرقم ٢ بري في الدولة وحواشيهما. بالمقابل الوسيط هوكشتاين مثل الأميركي اصالة” والإسرائيلي نيابة” ووكالة”. اذا” العدوان المزعومان الإرهابي والشيطان الأكبر باسم الديموقراطية مع حليفه الشيطان الأصغر تفاوضا مع محور الشر المأزوم إيران بحرسها الثوري الممثل بميليشياحزب الله باسم المقاومة والمصنفان من قبلهما ارهابيين… كلهم تفاوضوا بالمباشر بعكس ما يدعيه نصرالله انهم لم يتقابلوا ولم يجمعهم سقف واحد، إذ بعصر تقنية التواصل والتخاطب الإلكتروني عبر الأقمار الصناعية ( Zoom meetings, Spaces..) لا حاجة لعقد الاجتماعات وجها” لوجه. مع ذلك اجتمعوا وجها” لوجه عبر وسطائهم.

الخطورة ان من قام بالترسيم خارج الأصول هو فريق الممانعة، حيث تقع مدينة هذه المهمة على عاتق الحكومة كما جرى في ترسيم الحدود مع قبرص، ولرئيس الجمهورية الحق بالتوقيع / بعدإتمام الأمر من قبل الحكومة وتقنيي الجيش/ وفق الدستور لأنذلك يمثل معاهدة دولية، وله إن رأى أنه لا يحقق مصلحة لبنان أن يرفض فيحيل الأمر لمجلس النواب.

والخطورة تكمن في خبايا وتفاصيل الإتفاق الغائبة عن أصحاب الأرض الحقيقيين ( الشعب اللبناني وممثليه ومؤسساته برلمان وحكومة)، بعكس الشارع الإسرائيلي بكل هرميات وهيكليات مؤسساته الذي اطلع ووافق عليه وصفق له فرحا”. فالعارف بالأمر (الإسرائيلي) فرح، والجاهل به (اللبناني) كيف يفرح؟ أليس الشيء بالشيء يذكر؟ وهذا معناه بكل تأكيد ووضوح أن ماجرى كشفه هو للتعمية، وما تم تهريبه وكتمانه من التفاصيل عناللبنانيين ليس لصالحهم. وقد علمتنا الظروف أنه كلما فرحت إسرائيل وهللت فكلما كنا نحن الخاسرين.

في النتائج؛ مخاطر جمة، أولها:
– خيبة أمل ووهم الركون إلى الأميركي الذي يصرعنا كل يوم يقيم الديموقراطية وحقوق الشعوب. وقد تأكد لنا في سياق هذه العملية كيف أن أميركا لا تعير أي اهتمام بغير مصالحها وحلفائها، مبدؤها البراغماتية في سبيل الليبرالية والرأسمالية المتوحشة والغاية تبرر الوسيلة. هل ننسى ووترغيت؟ هل ننسى كيف قضت على القوة العربيةالوحيدة/العراق وشرعت الأبواب لإيران تسرح وتمرح في كل الساحات العربية؟ هل ننسى أوباما كيف نبذ العرب ونجمع ايران؟ ‏من عادة ‎الرؤساء الأميركيين عندما تندلع ‎ثورات الشعوب بوجه الأنظمة، أن يبادروا فورا” إلى المطالبة ‎برحيل رأس النظام، وهذا ما شهدناه في ثورات الربيع العربي، وغيرها. لماذا حتى الآن لم يطالب ‎بايدن الديموقراطي برحيل ‎الخامنئي، رغم الثورة العارمة المتصاعدة في إيران منذ أسابيع؟!!!
– غياب عربي كامل عن هذه العملية فرضه الاستبعاد الأميركي ردا” على فشل بايدن في قمة جدة منذ ٣ شهور، باستثناء قطر ودورها المشبوه كما عودتنا والمحابي دوما” لإيراننكاية” بجيرانها الخليجيين. قطر في كل تداخل لها في لبنان لا يجني المكاسب في أعقابها إلا أتباع إيران وتغليب الدويلة على الدولة، واتفاق الدوحة ٢٠٠٨ خير دليل.
– ركبت إيران على هذا الإتفاق لتربح من كيس غيرها ولا تدفع من كيسها، ووجدت متنفسا” لها من أزمتها الداخليةوالثورة الإيرانية العارمة والمتصاعدة ضد النظام.. فقدمت التنازلات اللبنانية واظهرت نفسها وميليشياتها بوجه خادع على أنها عامل استقرار لا فوضى. لتجني من الغرب في لبنان كما جنته منهم في العراق وسوريا. والأدهى من كل ذلك سعيها لإظهار نفسها انها بديل الدول العربية وتستطيع تقديم ما يرفض تقديمه العرب.
– استتباعا”؛ غض نظر غربي مستقبلا” عن ميليشيات إيران في العراق سوريا اليمن لبنان، لتقوم مقام هذه الدول، طالما مصالح هذا الغرب يمكن تحقيقها على يديها.
– أبرز المحركين والمباركين للترسيم اولهم نبيه بري بمباركة حليفه اللصيق حزب الله، هم أنفسهم من تباهوا بإسقاط إتفاق١٧ ايار ١٩٨٣ المؤسس على إتفاقية الهدنة ١٩٤٩ اللتان أعطتا لبنان الخط ٢٩ وأكثر بكثير مما أعطاه هذا الاتفاقاتفاق ٢٧ ت١ ٢٠٢٢.
– استنادا” على ذلك، تتجلى خيانة عظمى صريحة وفق الدستور اللبناني الحازم بعدم التنازل عن شبر من السيادةبرا” وبحرا” وجوا”.

رابعا”؛ هل سقط مبرر القضية وتبددت حجة وجود السلاح؟ أم بالعكس سينصرف هذا السلاح ويستشرس في الداخل اللبناني ويتفرغ لباقي الساحات العربية، بعد أن أدار ظهره أمنا” لإسرائيل؟

الأكيد، ان مبرر وجود السلاح القائم على مقاومة إسرائيل، بعدإرساء الهدنة المديدة معها، قد فقد كل مبرراته. والواقع المستجد يفيد بانتهاء كل أشكال النزاع، وبعد ثبوت بطلان هدف السلاح بمحاربة إسرائيل بل بزعزعة وتهديم الدولة اللبنانية خدمة” لإسرائيل وعبور هذا السلاح للحدود لقلقلة الأمن العربي فيسوريا واليمن وغيرها.. كذلك إسرائيل لم تعش أزهى أيامها إلا بوجود هذه الميليشيا على عكس لبنان الذي رزح بسببه تحت الفساد والتردي والانحطاط والذي به نشط التهريب حمى الفاسدين عطل القضاء افلس الخزينة وافقر الناس…..
لكن الحجج التي لا تنضب عند الحزب تدعم بقاءه؛ أولا بذريعة أن هذا السلاح هو للردع ولحماية الثروات اللبنانية، ثانيها أنه قد تم تغيير قواعد الاشتباك بالركون إلى هدنة غير محددة، ثالثها أنه قد تم التوافق بحرا” وبقيت إشكالية المناطق اليرية متنازع عليها… وغيرها.

اعتبارا” من هذه اللحظة، لم يعد يمنع ميليشيا إيران في لبنان من تسخير سلاحها وحشده في الداخل اللبناني للانقضاض على الجمهورية والسيطرة على المؤسسات لفرض امر واقع وتثبيت اجندتها السياسية والتقريرية في مفاصل صنع القرار ورص الأرضية لإيران للوصول إلى مياه المتوسط. ليس ذلك فقط بل استخدام السلاح لحماية السلاح إن ترهيبا” أو اغتيالا” أو تفجيرا”، بالضبط كما استخدمه في ٧ ايار ٢٠٠٨ وما قبله ومابعده، لفرض هوية الرئيس الجديد وشكل الحكومة والإدارة.. وهذه المرة سيتسلطن أكثر خصوصا” أنه قد بات آمنا” مناسرائيل معترفا” بها وحارسا” لحدودها. وبذات الوقت نقل مقاتليه من الجنوب اللبناني الى بيروت والعراق وسوريا واليمن.
فهل خفض احتمالية النزاع ضد إسرائيل قد يهيء للتقاتل الداخلي؟ إذ غالبية القوى الوطنية والسيادية لن ترضى بالأمر الواقع وستقاومه مرتكزة” على أسس الدستور اللبناني والقرارات الدولية ١٥٥٩ ١٦٨٠ ١٧٠١ التي ترعى نزع سلاح الميليشيات وتمكين وتسيد القوى الشرعية اللبنانية من الانتشار على كامل تراب الوطن ومسك الحدود بالكامل. وما يدفع هذه القوى المراهن عليها للتمسك بعناد وإصرار هو ما اسفر عنه الترسيم الذي أرسى الاستقرار ونزع ذرائع الميليشيا بالمقاومة التي تحولت إلى مساومة ومقاولة وسقطت الأقنعة، والتي تبينزيف مقاصدها وأنها ما خدمت غير أمها ايران، وما كان غرضها غير زرع القلاقل واثارة الفتن في بلدها وفي كل بلد عربي استطاعت الوصول إليه لتجييش الفتات المشابهة لها للخروج على أوطانها وتقوية العقائديات الخرافية على الوطنية… وكله خدمة” لإيران بإضعاف الدول العربية وفسخ نسيجها الاجتماعي وهويتها الثقافية. وتكون بذلك ما حققت بالفعل أمن إسرائيل وخدمت عدوا” لطالما استعملته شماعة” للتمسك بالسلاح.

مع كل ذلك؛ هل يمكن أن تعود الميليشيا إلى رشدها ولبنانيتها، تسلم سلاحها للقوى النظامية وتنخرط في عملية البناء؟ خاصة” ان الدستور والأعراف يضمنان لكل الأطياف اللبنانية تكافؤالفرص ولا يغبن ولا يظلم عنده أحد.
لكن في ظل غطرسة القوة وغريزة الاستحواذ والسيطرة والظروف الدولية المتساهلة والتراخي الدولي.. استبعد ذلك.

ختاما”:
الشيعة إخوتنا في العروبة، بهم جرع صدام حسين الخميني السم، هم من النسيج الوطني والاجتماعي والبنائي، يحولهم الفارسي عقائديين متمردين على أوطانهم وخارجين عن الأمة، بعدأن أدار وجهتهم من نجف العرب إلى قم فارس يستعملهم وقودا” لمشاريعه المنافية لكل ماهو مسلم وعربي.. فهل ينجح وهل نبقى متفرجين على إخوتنا تتخطفهم الغربان؟

لا يتعجبن احد إذا قلنا أن هناك خشية من تحالف غربي إيرانيضد العرب يتم نسجه ورسمه بهدوء!! بكلمات أخرى تقديم وجه إسلام بديل (شيعي) يصورونه معتدلا” بوجه إسلام أصيل(سني) يصورونه بالداعشية والتطرف. والدليل ألم تبرز داعش لتشويه الإسلام الحق وعلى أثرها عقد الإتفاق النووي ٢٠١٥؟ ألم تكن داعش من حاربت المقاومة السورية ولم تضرب لا إيران ولاإسرائيل وما ضربت إلا الإسلام السني؟ الا ترون أنها لا تبرز إلاغب الطلب كلما تأزم وضع إيران وتختفي كلما ارتاحت ايران؟ إذا” هذه في خدمة تلك.

يقول الفيلسوف فريدريك نيتشه: من كان يحيا بمحاربة عدو مافله مصلحة في الإبقاء على هذا العدو حيا. ( هذا ينطبق على إسرائيل وحزب الله.. كما وينطبق على داعش ومن يدعون محاربتها واستفادوا منها.

الدرس المستقى: امتلكوا يا عرب أسباب القوة واجعلوا المجابهة خيارا” دونه كل الخيارات، فالتهديد بالقوة مع صدق النية هو أول وسائل الردع والاعتبار. وعندها على أساس ذلك، اسرعوا ياعرب نحو السلام فالخطر كبير واستعدوا للحرب على قاعدة من أراد السلم فليستعد للحرب.
وكلما تأخر الشروع في مشروع السلام كلما زادت الخسائرخصوصاً إذا فاوض الإيراني عن العربي. فالايراني كسرى يتلطى تحت عباءة غبراء ويخفي تاجه تحت عمامة سوداء يحلم باستعادة إمبراطورية فارسية صديقة لليهود وحاقدة على العرب، قضى عليها عمر ولن تقوم لها من بعده قائمة… اثبتوا وارعووا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى