أبرز الأخبار

لماذا وافقت إسرائيل على الترسيم؟

كتبت عبير بشير في “أساس ميديا”:
ليست المرّة الأولى التي توقّع تل أبيب صفقة تثير ريبة النخب السياسية الإسرائيلية، وتجعلها تبدو “ضعيفة”، تقدّم تنازلات “كبيرة” و”غير مفهومة”.
في مثل هذا الشهر من العام 2011، أبرم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو مع حركة حماس، وبشكل مفاجئ إقليميّاً ومحليّاً وبرعاية العرّاب المصري، صفقة ضخمة تمّ بموجبها تحرير أكثر من ألف أسير فلسطيني، ومن بينهم الذين تسمّيهم تل أبيب “الأيدي الملطّخة بالدماء”، مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. ونتانياهو الذي كان يتمسّك طوال حياته السياسية بمبدأ عدم التفاوض مع “الإرهابيين” – المبدأ الذي أسّس عليه شهرته السياسية – هو الذي أبرم الصفقة غير المتوازنة مع حركة حماس. ونتانياهو إياه هو اليوم كبير منتقدي صفقة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
كشف كتاب “سيرة نتانياهو” أنّ “نتانياهو وإيهود باراك تنازعا على الصورة التي سيلتقطانها مع الجندي المحرّر بعد هبوطه في إسرائيل”. وذكر أنّ “الطائرة التي أقلّت شاليط من مصر إلى إسرائيل أطالت مشوارها في الجوّ لأنّ شاليط فقد وعيه. لكنّ المفاوض ديفيد ميدان الذي كان على متن الطائرة أدرك أنّ نتانياهو وباراك لن يتنازلا عن الصورة التاريخية، فأصدر أمراً بإطالة الرحلة الجوّية إلى أن يستيقظ شاليط بدلاً من نقله إلى المستشفى لتلقّي العلاج”.
ألف مقابل واحد
ثمّة من تساءل يومها عن مبادلة أكثر من ألف أسير مقابل أسير واحد: مَن المنتصر؟ هل هي إسرائيل لأنّها انحازت إلى قيمة الإنسان، وقد لاحظنا كيف ظهر شاليط بملابسه العسكرية وهو يؤدّي التحيّة لرئيس أركان الجيش الإسرائيليّ بيني غانتس الذي اتّخذ من هذا المشهد دليلاً على أنّ الدولة العبرية لا تتخلّى عن جنودها ومواطنيها؟ أم “حماس” هي من انتصر لأنّها أجبرت تل أبيب على القبول بهذه المعادلة غير المتوازنة، وأرغمتها على دفع ثمن باهظ بلغ 1,027 أسيراً مقابل جندي واحد؟
في صفقة تبادل الأسرى تلك، برّر نتانياهو توقيعه بالقول إنّه أراد تجنيب شاليط مصير الطيّار الإسرائيلي رون أراد الذي سقطت طائرته داخل لبنان قبل نحو 25 عاماً… واختفى. والآن يقول يائير لابيد إنّ صفقة الترسيم مع لبنان تضمن الأمن والاستقرار والفوائد الماليّة لإسرائيل ولمواطنيها.
في الحالتين يجمع الإسرائيليون على أنّ اتفاق الترسيم مع لبنان هو إنجاز أمنيّ مهمّ. وقد عرض الاتفاق في وسائل الإعلام بوصفه يُنتج ردعاً مستقبليّاً في صيغة “طوّافة مقابل طوّافة”، أو بوصفه الهزيمة الأكثر فائدة لإسرائيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى