أبرز الأخبار

رواتب القضاة “بسمنة”… وبقية الموظفين “بزيت”

خالد أبو شقرا – نداء الوطن

بعدما عمد حاكم مصرف لبنان في أيار الماضي إلى تسهيل تحويل الأموال في صندوق تعاضد القضاة المقدرة بـ 60 مليار ليرة إلى الدولار على سعر الصرف الرسمي، أي إلى 40 مليون دولار، ها هو يدولر الرواتب. حيث ستعمد المصارف بطلب من المركزي إلى قسمة راتب القاضي على 1500 ليرة وتضربه بـ 8000 ليرة.

أبعاد هذا القرار “لم تكن حماية الحقوق المتهاوية والمحافظة على صون كرامة القضاة وتعزيز استقلالية القطاع، إنما المحاباة في ظل ارتفاع وتيرة الملاحقة التي يتعرض لها الحاكم ومحاولة خطب ود القضاة”، بحسب مصدر حقوقي، “وإلا لكان الأمر انسحب على موظفي الادارة العامة الذين يشلون البلد منذ اكثر من شهر بسبب انهيار قيمة رواتبهم. فالصيف والشتاء لا يستويان تحت سقف القانون، فكيف إذا كان المستفيد من المنفعة هم رأس حربة العدالة”.

الاعتراف بحق القضاة كموظفين من الدرجة الأولى بتعديل رواتبهم بعدما أصبح متوسطها 200 دولار، لا يعني التسليم بالخطوات المتخذة بحسب المصدر. فاذا كان القضاة درع العدالة، فان عناصر الجيش هم سياج الوطن، والمعلمون بناة المستقبل، والموظفون أيدي الدولة… واللائحة لأهمية المواقع التي يشغلها موظفو القطاع العام تطول. فهم يشكلون جسم الدولة الذي يُشل إن كان فيه عضو معطوب. أما في المضمون فان التعديلات التي تدخل على الرواتب تأتي في الوقت الذي توجد فيه خطة معلقة وموازنة غير مقرة يفترض بهما إيجاد حل شامل لمسألة سعر الصرف وتعديل الرواتب والاجور. وعليه فان الخطوات المجتزأة التي تتخذ تؤدي بحسب المصدر إلى 3 نتائج بالغة الخطورة: أولاً، انعدام العدالة بين موظفي القطاع العام وزيادة نقمة الاغلبية التي لم تعدل رواتبها، حيث يعامل البعض كـ”اولاد الست رواتبهم بسمنة”، والبعض الآخر كـ”أولاد الجارية، رواتبهم بزيت”. هذا ولن يستقيم مسار القضاء ويتفعّل بسبب الظلم الذي يلحق بالمساعدين القضائيين واعتكافهم عن العمل معظم الاوقات. ثانياً، زيادة الضغط على سعر الصرف حيث تمول كل الزيادة من طباعة النقود التي لا تلبث أن تنعكس زيادة في الطلب بشكل مباشر وغير مباشر على الدولار، وبالتالي ارتفاع في الاسعار وتحقيق المزيد من انهيار القدرة الشرائية. ثالثاً والاهم تعقّد هذه الاجراءات الحلول المستقبلية، وتعطي إشارات واضحة الى أن كل ما يوضع من خطط هو مجرد حبر على ورق لن يلاقي طريقه إلى التنفيذ.

قبل نحو شهرين من اليوم أثارت مسألة تحويل أموال صندوق التعاضد إلى الدولار دون سواه من صناديق النقابات وحسابات الجمعيات الخيرية التي لا تبغي الربح، أسئلة إن كان في الامر صرف نفوذ واستغلال القضاة لموقعهم للضغط على حاكم المركزي لتحقيق الاستفادة. إلا أن الجواب الذي ظل معلقاً على خطورة عجز صندوق القضاة عن تأمين أبسط متطلبات القضاة الحياتية مثل الطبابة وتأمين التعليم لأولادهم… تحرر اليوم. وأصبح من الواضح أن اعتماد الحلول المجتزأة المفصلة على قياس البعض هو ما سيحكم مستقبل لبنان، وليس خطة واضحة وصريحة تعامل الجميع على قواعد العدالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى