أخبار محلية

فرنجيه وباسيل اصبحا خارج السباق

كتب جورج ياسمين

يقول مسؤول بارز في الثنائي الشيعي أن انتخابات المجلس النيابي الثلاثاء المقبل ستكون بمثابة امتحان جدي ومؤشر له دلالاته القوية الى مسار المرحلة المقبلة ومصير الحكومة ورئاسة الجمهورية.
يعتبر هذا المسؤول ان الأساس في ما سيحصل يكمن في إعادة رسم المشهد داخل المجلس النيابي لجهة الاصطفافات والتوازنات والتحالفات، خصوصًا وان الرئيس نبيه بري يخوض معركة غير مسبوقة في تاريخ رئاسته للمجلس منذ 30 عامًا. فهذه المرة يكون فيها بري في موقع من يسعى إلى تأمين النصاب لعقد الجلسة وتأمين أكثرية متواضعة لإعادة انتخابه وهي المرة الأولى التي يُوَاجه فيها برفض وفيتو مسيحي شبه مكتمل الحلقات والأطراف. فالقوات والتيار والكتائب (بالرغم من العداوة المستحكمة بينهم) جهروا موقف الرفض وشهروا فيتو المنع على من وصفوه هم (وغيرهم) بالمايسترو والداهية والساحر وميترنيخ لبنان وما شابه من تسميات تبدلت اليوم بعدما تبيّن لهم أن الرئيس بري وحركة أمل حازوا 11% من الأصوات التفضيلية فقط عند الشيعة في الانتخابات الأخيرة وان “الزمن الأول تحوّل”.
يرى المسؤول البارز ان نائب رئيس المجلس النيابي المقبل ربما سيكون من خارج نادي الأقوياء المسيحيين الذين يتقاتلون على البقايا والحطام والركام (مثلهم مثل الجميع)، وسيكون أما سجيع عطية أو غسان سكان . والنائبان عطية وسكاف لا حيثية عندهما ولا شارع ولا حزب ولا حول ولا قوة. أما الإعلان عن ترشح الياس بو صعب بعد رفض التيار فليس حاسما لأن الشيعة لن يعطوا أصواتهم له إذا لم يصوّت التيار لصالح بري رئيسًا للمجلس. ويرجّح المسؤول أن يصوّت بو صعب وإبراهيم كنعان وسيمون أبي رميا وبضعة نواب آخرين من التيار الى جانب بري مقابل أن تصوت الحركة والحزب عبر بضعة نواب بالمثل لبو صعب. مع الإشارة الى أن النواب المذكورين من معسكر معيّن داخل التيار. وأضاف: تشبه معركة انتخاب الرئيس ونائب الرئيس هذه المرة الانتخابات النيابية بالمبدأ والمفهوم: الحاصل وكسر الحاصل. الحاصل يحصل عليه الرئيس بري ونائب الرئيس ينجح بكسر الحاصل بمعنى أنه من المحظيين أو المحظوظين أو ضربة حظ أو فلتة شوط. أما أن يأتي نائب الرئيس لكسر الرئيس وان يسعى لتسجيل نقاط عليه فهذا لن يمر حتى ولو كان حليفًا أو صديقًا.
يعتبر المسؤول البارز في الثنائي الشيعي أن المجلس النيابي الحالي يشبه لائحة الطعام أو المطبخ اللبناني: مقبلات ومكسرات وخضروات ومعجنات ولا طبق رئيسيًا. وإذا وُجد هذا الطبق يكون فات الأوان بعد امتلاء المعدة بعشرات الأنواع من الصحون الطائرة والهابطة على المعدة والطاولة. فلا أكثرية مع أحد بل أكثرية أقليات. لا أكثريات وازنة بل أقليات غير متوازنة ومتوازية. فيما مضى عندما كان المستقبل و14 آذار يحوزون الأكثرية كانوا يتفقون بعد الانتخابات مع 8 آذار في الحد الأدنى وهكذا حصل منذ 2005 وحتى 2018 وعندما حازت 8 آذار الأكثرية العام 2018 اتفقت مع الحريري على تمرير المرحلة بالحد الأدنى من التوتر والمشاكل. لكن اليوم اختلف المشهد وغيّرت كتلة الـ25 نائبًا (المستقلون مع نواب الحراك) التوازنات داخل المجلس النيابي وبات هناك واقع جديد على الجميع التعامل معه وتحمّل مسؤولياته وتبعاته خصوصًا في ما كان يُعرف بـ8 آذار و14 آذار اللتين غادرتا إلى غير رجعة…
يكشف المسؤول البارز أن النائب جبران باسيل خرج من السباق الرئاسي لاعتبارات عدة تتصل بالعقوبات وموقف الخارج منه واطراف داخلية عدة بمعزل عن التأييد الذي يحوزه من أطراف آخرين يؤيدونه ويقفون إلى جانبه ويعتبر أن صمود باسيل وتياره في وجه حملات التشهير والتجريح والتنمّر والتحريض والدعاية السوداء هو انتصار لهم بمجرد أن حافظوا على كتلة محترمة وحضور واضح ومقنع على الساحة المسيحية في وجه ماكينات لم تتوقف منذ 3 سنوات وأكثر عن أبلسة التيار وشيطنة باسيل والصاق كل أخطاء الماضي وخطايا الحاضر بالتيار ورئيسه ورئيس الجمهورية.
ويتابع ان النائب باسيل أبلغ الثنائي الشيعي أن التيار الوطني الحر لن يصوّت للرئيس بري رئيسًا لولاية سابعة للمجلس النيابي وسيخوض معركة نيابة رئيس المجلس النيابي من باب رد التحدّي لنبيه بري خصوصًا وأن عقدًا من سوء التفاهم والسجال والنزال مع الرئيس بري لا يمكن أن ينتهي بتبويس لحى ومراضاة ومراعاة لتمرير مرحلة ستكون صعبة ومريرة على الجميع مع أو من دون رئاسة المجلس النيابي وبنيابة الرئيس.
ويقول المسؤول البارز أن زعيم تيار المردة سليمان فرنجية كان قبل الانتخابات النيابية مرشحًا وافر الحظوظ لرئاسة الجمهورية لكن اليوم تغير الوضع للأسباب المعروفة وخصوصًا نتائج الانتخابات لكن هذا لا يعني أن حظوظ باسيل تقدمت لا بل بالعكس.
ويكشف المسؤول البارز في الثنائي الشيعي أن الأوروبيين وخصوصًا الفرنسيين يميلون إلى شخصية قادرة على الإمساك بالوضع الداخلي وضبط الوضع الأمني ووقف الإنحدار الحاصل كي لا ينزلق البلد إلى مهاوي الاضطرابات والمنازعات خصوصًا إذا تصاعد التوتر وازداد الانقسام بعد انتخاب رئيس المجلس النيابي ما سينعكس على الحكومة ورئيسها العتيد وبيانها الوزاري وعملها المرتقب وعلى انتخابات رئاسة الجمهورية التي يبدو أن التوافق حولها ينتظر التوافق حول أمور أساسية بديهية ضرورية أبرزها الحوار الداخلي و”توزيع الخسائر السياسية” على الأطراف كافة والقبول بها والتعامل معها كأحد مقتضيات التهدئة إذ لن يكون في وسع أي طرف أن يفرض مشيئته أو قراره على الآخرين اللهم إلا إذا “ركب أحدهم رأسه” كما جرت العادة وقرر أن ينزع سلاح المقاومة وإزاحة الحزب من المشهد وأخذ البلد إلى حيث لا يمكن لأحد أن يجلس على كرسيه باطمئنان.
ويتابع المسؤول البارز أن أمام اللبنانيين 3 خيارات في المرحلة المقبلة: حوار داخلي أو انتظار قرار خارجي بحوار برعاية واشنطن وباريس أو “لا هذه ولا هذه”. ففي الداخل يبدو أن هناك من يظن نفسه فتح القسطنطينية أو دك أسوار عكا أو دخل برلين بمجرد دخوله إلى الندوة النيابية وهذا لا يبشر بالخير لأن الخشية عندئذ أن يتحول المجلس النيابي إلى ساحة حرب وميدان اختبار لخطط واستراتيجيات “الغزاة الهواة” التي ستؤدي إلى إطالة عمر المأساة والمعاناة. وهذا يعني تطيير الشراكة والتفاهمات توصلاً إلى تسويات مما يضع البلد أمام الشلل والزلل في ظل متغيرات إقليمية – دولية فرضتها الحرب الروسية – الأوكرانية وأبرزها التهافت الأميركي على السعودية بعدها كانت الرياض في وضع لا يحسد عليه وجاءت أزمة النفط العالمية والعقوبات على روسيا لتخلط الأوراق وتبدّل المواقف في ظل توقف الحوار الإيراني – السعودي والسعودي – السوري والضغوط التي تمارس على دمشق لفك ارتباطها بموسكو.
ويخلص المسؤول إلى القول: ان لبنان اليوم أشبه بطائرة ورقية وسط إعصار متنقل يضرب المنطقة وعلينا أن ننتبه جميعًا إلى أن الثلثاء ليس يومًا عاديًا رغم أن الاستحقاق طبيعي وليس استثنائيًا لكن تعاطي الأطراف المعنيين بهذا الاستحقاق مع الرئيس بري هو الذي سيحكم مسار المرحلة المقبلة وما إذا كان مسارًا للتناحر أم للتضافر، لإلتزام جادة المنطق أم لسلوك طريق التصعيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى