أخبار محلية

باسيل يلملم أوراق “تياره” ويحجّ إلى دمشق

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

بدا رئيس “التيار الوطني الحر” وكأنه غير مصدّق أنه فاز في الانتخابات النيابية الأخيرة. ففي المهرجان الذي أقامه “التيار” للاحتفاء بما أسماه “الانتصار”، تحدث باسيل على مدى ساعة بإسهاب عن معركة كان فيها أشبه ما يكون غريقاً، وخرج للتوّ من تحت سطح المياه ليتنشق الهواء كي يبقى على قيد الحياة.

قد يطول الشرح لهذا الوصف، لكن السؤال الذي كان يجب، على من حمل ولا يزال، لقب “وريث” مؤسس “التيار” كي يخلفه في رئاسة الجمهورية، أن يطرحه أمام مناصريه هو: كيف يمكن لباسيل أن يحقق حلم الوراثة، وهو حلم على ما يبدو لا يزال يراوده؟

في رأي متابعين لملف الرئاسة الأولى، إنّ خلط الأوراق الذي انتهت إليه الانتخابات النيابية، قلّص إلى حدٍّ كبير حظوظ أي مرشح محسوب على “حزب الله”، كما كان حال العماد ميشال عون خلال الفترة التي امتدت بين عام 2014 عند انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان وبين عام 2016 عندما جرى انتخاب عون للرئاسة الأولى. في تلك الفترة، كان يتمتع الحزب بنفوذ واسع ما سمح له أن يتمسك بترشيح عون حتى النهاية. أما الآن، ووفق هؤلاء المتابعين، فإن الحزب، وبلسان أمينه العام حسن نصرالله، قال أنّه لم تعد هناك أكثرية محسوبة على أي فريق داخلي. وهذا يعني، أنّ كل التوقعات التي أثارتها مأدبة الإفطار الشهيرة التي أقامها نصرالله خلال شهر رمضان المنصرم، وضمت المرشحيْن المفترضين لـ “حزب الله”، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وباسيل، وهي توقعات تناولت ترتيبات تتصل بوصول أحد ضيفَيْ نصرالله إلى قصر بعبدا الخريف المقبل، أصبحت غير واردة، بحكم فقدان الحزب النفوذ الذي كان يتمتع به قبل ستة أعوام. فهل هذا يعني أنّ فرنجية وباسيل، صارا من إرث مضى، لم تعد هناك من فرصة لإعادة إحيائه؟

آخر إطلالة لفرنجية قارب فيها استحقاق الرئاسة الأولى، كانت قبل أسابيع من الانتخابات النيابية الأخيرة، والتي لم تكن نتائجها كما اشتهى زعيم “المردة.” ففي خلال زيارة فرنجية لموسكو الشهر الماضي، وأثناء لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، استمع الأخير إلى قراءة فرنجية للتطورات في لبنان، خصوصاً وإن المحادثات أتت بعد أيام قليلة على مأدبة الإفطار التي أقامها الأمين العام لـ “حزب الله” وجمعته مع باسيل. ومما قاله زعيم المردة لوزير الخارجية الروسي: “أنا سأكون رئيس الجمهورية المقبل في لبنان. والانتخابات النيابية التي ستجرى الشهر المقبل، ستؤدي إلى حصول فريقنا السياسي على 67 مقعدا”. لكن هذا التقدير للحجم النيابي لفريق “حزب الله” وحلفائه، كان أقل بنحو عشرة مقاعد مما قدّره فرنجية.

في المقابل، كانت إطلالة باسيل قبل أيام، حاملة لأكثر من إشارة إلى أن الأخير ما زال يمنّي النفس، بما صار مستحيلاً بعد الانتخابات. وكان لافتاً في هذه الإشارات عودة “التيار” إلى التودد للنظام السوري الذي مُنِيَ بدوره بخسارة مدويّة في الانتخابات تمثلت بسقوط كل حلفائه تقريباً. فكيف لهذا النظام الذي خسر حلفاؤه مقاعدهم النيابية، أن يفلح في مساندة باسيل في الوصول إلى أرفع منصب في الدولة اللبنانية؟

قراءة رئيس “التيار” بدت مثيرة للغرابة وهو يقيّم سقوط جماعة الأسد وغيرهم في لبنان. فقال: “كلّهم أكلوا نصيبهم وبتعرفوهم واحد واحد، وأوّلهم رأس الخيانة بالبقاع الغربي”، في إشارة إلى النائب السابق إيلي الفرزلي. وأردف قائلاً: “الحلفاء يلّي صاروا بـ 2022 أقلّ بكتير من 2018، وبصراحة بلاهم أريح لأنّن تركونا بنص الطريق”..

على ماذا ينطوي هذا الكلام لباسيل في زمن الخيبة له ولمحوره في لبنان والمنطقة؟ في معلومات مستقاة من مصادر إعلامية قريبة من هذا المحور في لبنان، أن باسيل بدأ التحضير لزيارة يقوم بها لدمشق للقاء الأسد، وإجراء محادثات تهدف إلى تأكيد مقولة “لبنان باقي محلّه. الأرض ما بتزيح، سوريا رح تضلّ جارتنا”، وفق تعبير باسيل. لكن هذه الزيارة التي ترددت الأنباء حولها كثيراً في الأعوام الأخيرة، تأتي وكأنها الخرطوشة الأخيرة في جعبة البرتقالي الذي يحتل رئيسه موقعاً على لائحة العقوبات الأميركية، ولم تفلح كل المساعي التي بذلها العهد وباسيل كي يتم تبييض صفحة الأخير في واشنطن.

مثلما وردت الإشارة آنفاً إلى أنّ باسيل، أشبه ما يكون غريقاً، وخرج للتو من تحت سطح المياه ليتنشق الهواء كي يبقى على قيد الحياة. فهو اليوم يتصرف على قاعدة “ما الغريق ليخشى البلل”. لكن ماذا لو تبيّن أنّ رئيس “التيار” ينتمي إلى مدرسة لم تعرف يوماً العوم، ولو على شبر ماء؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى