أبرز الأخبار

خلفيات السجال بين ميقاتي وايران..

خلافاً للمتعارف عليه وما درجت عليه العادة، تقدمت إيران المشهد السياسي في لبنان. حضورها بات مباشراً، بعدما كان يتقدمه حضور أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وهامشه المحلي، الذي سمح له التقدير والتصرف وفقاً للخصوصيات اللبنانية الداخلية. باستشهاده، انقلبت الوقائع داخل إيران وحزب الله معاً.

إحراج الطبقة الحاكمة
لإيران دور في المفاوضات المتعلقة بوقف النار، وإن فُوض الأمر لرئيس مجلس النواب نبيه برّي. نتحدث هنا عن مرحلة جديدة، تمسك فيها إيران زمام البلد. التمايز في الموقف الإيراني لصالح خصوصية الداخل اللبناني رحلت باستشهاد السيد نصرالله. يواجه حزب الله مرحلة انتقالية نتيجة الخسارة التي مني بها برحيل مجموعة من قادته. وإلى أن يستعيد زمام قراره سيكون حضور إيران وقرارها هو الأساس.
حضورٌ قد يتسبب بإحراج الطبقة الحاكمة، رئاستي الحكومة ومجلس النواب. وهو ما تمظهر مؤخرا في السجال الذي لا يزال مستمراً مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وإن كان ثمة من لا يعيره اهتماماً. فسَّر رئيس الحكومة حديث رئيس مجلس الشورى الإيرانية عن المفاوضات بين بلاده وفرنسا حول تطبيق القرار 1701 تدخلاً في شؤون لبنان. رفع سقف الرد. أوضح قاليباف أن الحديث مجتزأ. ثم ردت الخارجبة الإيرانية بنفي التدخل، ونصحت بحوار لبناني لبناني. دعوة مستغربة على وقع الميدان الحامي والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على لبنان.

أزمة أم مسرحية؟
هل يخفي ما سلف ذكره أزمة بين إيران ورئيس حكومة لبنان؟ تختلف الآراء بين من يقول أزمة تم تطويقها، وبين ما يراها مجرد مسرحية. وبين الاحتمالين، سيناريو ثالث يقول إنه كان من ضمن الصيغ المتداولة لوقف النار، صيغة فرنسية، تشاورت بشأنها فرنسا مع إيران قبل أن تنقلها إلى أميركا، التي نقلتها بدورها إلى إسرائيل، رفضها رئيس حكومتها بنيامين نتياهو. هي صيغة ثانية كانت متداولة مستوحاة من روحية القرار 1701 مع تعديلات جديدة تتحدث بالتفصيل عن انتشار الجيش اللبناني على الحدود، وتراجع وجود عناصر حزب الله، ومنح صلاحيات أوسع لليونفيل مع الجيش. تتحدث هذه الصيغة أيضاً عن انتخاب رئيس للجمهورية قبل وقف النار. رفضها لبنان واشترط الانتخاب بعد وقف النار.
وعلى ذلك بنى رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف كلامه للصحيفة الفرنسية، وتحدث عن مفاوضات مع فرنسا بشأن القرار 1701. لكن حديثه جاء مستفزاً، واستدعى رداً من ميقاتي، الذي ذهب بعيداً في الرد، ليقول “أبلغت القيادات الإيرانية أن يخففوا العاطفة تجاه لبنان، كما راجعت حوار رئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قاليباف بنفسي وأبلغت اعتراضي والرسالة وصلت”. وتابع: “أتفهم أن تدعم إيران التفاوض، لكن لا أحد يتحدث نيابة عن الدولة اللبنانية”.

“تصويب” إيراني

لم يكن ميقاتي بعيداً عما قصده قاليباف، لكن رده كان ضرورياً كي يطوق مفاعيله سياسياً. وبسبب رده صوبت إيران تصريح رئيس مجلس الشورى. قالت بداية إنه خطأ في الترجمة. لكنها في ما بعد أصدرت بياناً عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية يرفض “اتهامات رئيس الوزراء اللبناني بالتدخل في شؤون بلاده”، ورأى أن “أفضل مسار لتسوية الوضع السياسي في لبنان هو وجود حوار لبناني- لبناني”. معلناً عن أن بلاده “ستواصل مشاوراتها لوقف الحرب على غزة ولبنان وترحب بكل الجهود لتحقيق هذه الغاية”. وهو ما يدرج في معرض التأكيد على الدور.
جاء بيان الخارجية بمثابة توضيح لكلام قاليباف، وفيه تأكيد على العمق اللبناني لحزب الله بالدعوة لحوار لبناني لبناني سيكون الأخير جزءاً منه.

حول الـ1701
منذ اغتيال السيد نصرالله تدرجت مواقف إيران حيال لبنان. الدولة التي سارعت إلى التدخل بعد الضربة التي تعرض لها حزب الله للملة وضعه الداخلي، فرضت حضورها على عجل بعد الاجتماع الثلاثي بين برّي وميقاتي بحضور النائب السابق وليد جنبلاط، وبيانهم المشترك لتطبيق القرار 1701 وانتخاب رئيس للجمهورية. أوفدت وزير خارجيتها على الفور لهدفين: تقوية عزيمة حزب الله، رفض وقف النار وفصل مسار الجنوب عن غزة، وبعدها مباشرة سحب موضوع انتخاب الرئيس قبل وقف الحرب من التداول. ثم مباشرة، زيارة لقاليباف يكرر ما قاله وزير خارجية بلاده مع إعادة التأكيد على مسألة تكفل إيران بالإعمار.

العين على الميدان من وجهة إيران وحزب الله. تقوي إيران موقفها، ويعيد حزب الله حضوره. والمطلوب لبنانياً العودة إلى القرار 1701 ومندرجاته. قبلت به إيران ويقبل به حزب الله. لكن اسرائيل وأميركا أراده معدلاً. والمتداول اليوم صيغة وسطى ما بين 1559 و1701 أي قرار ثالث مستوحى من صلب القرار 1701.
هذا ما أراده هوكشتاين الذي لم تعد بلاده تعتبر أن القرار 1701 كاف. غير أن وجهة نظر رئيس مجلس النواب في لبنان نبيه برّي تقول ان الصيغة المطلوبة هي القرار 1701 ولكن مع تنفيذه كاملاً، بعمق وجدية مع كامل إجراءاته. يستعجل برّي وقف إطلاق النار في ظروف هي الأصعب على البلد. المطلوب تقييد نتنياهو باتفاق لوقف النار. شعر برّي بأن في طبخة هوكشتاين “قمحة” لكن العبرة في التنفيذ. وهذا مرهون بالميدان حسب إيران، وبرد اسرائيل على طهران حسب نتياهو، وبانتخابات الرئاسة حسب أميركا.

غادة حلاوي – المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com