أخبار محلية

الضغوط وتغيّر ميزان القوى جعلا وقف إطلاق النار أولوية لحزب الله

بدّل حزب الله موقفه بشكل واضح لا لبس فيه، فبعدما كان يربط أيّ تفاهم أو نقاش داخلي بوقف إطلاق النار في غزة، باتَ بعد اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله وكبار قادته العسكريين والميدانيين، وانقطاع الاتصال بالأمين العام المفترض السيد هاشم صفي الدين، بعد الغارة التي استهدفت مقرّه يوم الجمعة الماضي، وقفُ إطلاق النار في لبنان أولوية، من دون الإشارة إلى غزة والحرب الدائرة فيها منذ عام. التغيير الأول جاء على لسان النائب حسين الحاج حسن الذي كشف عن الموافقة على وقف إطلاق النار قبل استشهاد السيد حسن، وجاء زميله في كتلة الوفاء للمقاومة أمين شرّي ليوضح الماء بالماء فقال إن الأولوية اليوم لوقف إطلاق النار في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.

إسرائيل وبلسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو تعتبر أن حزب الله قد فقد الكثير من قدرته العسكرية وهو في أضعف مرحلة من تاريخه، في المقابل أكد نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أن الحزب متماسك والقيادة والسيطرة ممسوكة والمقاتلين يتصدّون لمحاولات التسلل الإسرائيلية إلى الاراضي اللبنانية، وأن لا مواقع شاغرة في الحزب البتة، ما يعني أن حزب الله قد اختار أميناً عاماً جديداً لن يتمّ الكشف عن هويته، كي لا يصبح هدفاً للطائرات الحربية الإسرائيلية ولأطنان من الذخائر والمتفجرات.

الشيخ قاسم رفع وقف إطلاق النار إلى المرتبة الأولى في سلّم أولويات الحزب، معتبراً كل الملفات الأخرى تفاصيل يمكن النقاش فيها في وقت لاحق. فما الذي تغيّر لتصبح جبهة لبنان منفصلة عن جبهة غزة على الرغم من تأكيد استمرار حرب الإسناد؟ وما الذي تبدّل حتى يكون وقف إطلاق النار أولوية؟

لا شكّ أن الحزب تلقّى ضربات غير مسبوقة هزّت أركانه ومفاصله عبر تفجير أجهزة البايجرز واللاسلكي، وما نجم عنها من خروج نحو ثلاثة آلاف وخمسمئة عنصر من المعركة بشكل نهائي بفعل الاستشهاد والإعاقات التي لحقت بهم، ثم اغتيال كبار قادته العسكريين الذين لم تكن هوياتهم معروفة من غالبية اللبنانيين، نظراً للسرية التي يتعاطى بها حزب الله في هذا الخصوص، وصولاً إلى اغتيال السيد حسن نصرالله، وهو اغتيال لا يصدّق غالبية المحازبين حقيقته، ويذهب بعضهم إلى تبني نظرية إختفائه مؤقتاً، وجاء استهداف خليفته السيد هاشم صفي الدين ليؤكد أن إسرائيل تلاحق كل قيادات الحزب.

أما القدرة التي فقدها حزب الله بحسب نتنياهو وقيادته العسكرية فهي مخازن الأسلحة التي يلاحقها الجيش الإسرائيلي من الضاحية إلى البقاع فالجنوب، والخسائر البشرية في صفوف عناصره، ولا شكّ أنها أثّرت على إمكانات الحزب القتالية على الرغم من احتفاظه بالصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى التي يستهدف بواسطتها تل أبيب وحيفا وما بينهما من مواقع وقواعد عسكرية، بالإضافة إلى غزارة الصواريخ التي يطلقها باتجاه مستوطنات الشمال بشكل يومي.

إصرار حزب الله على مواصلة القتال والالتحام البري لاستعادة بعضٍ من هيبته التي اهتزت في الأسابيع الأخيرة، ولتحقيق إنجازات ميدانية تحسّن شروط التفاوض حول وقف إطلاق النار، يضعه خصوم الحزب في خانة المكابرة التي لن تجرّ على الحزب ولبنان سوى المزيد من الدمار والخراب، في حين رأت الخارجية الأميركية “أن دعوة حزب الله لوقف إطلاق النار تشير إلى أن الجماعة أصبحت في موقف دفاعي وتتعرض لضربات قاسية”.

ويأتي الموقف الأميركي متزامناً مع كشف القناة الثانية عشرة الإسرائيلية عن أن واشنطن ودولاً عربية تناقش مع طهران مقترحاً لوقف إطلاق النار على كل الجبهات باستثناء غزة، ويقول مسؤول إسرائيلي “إنه سيكون مشروطاً بانسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني وتفكيك بنيته العسكرية قرب الحدود، فنحن في موقع قوة ووقف إطلاق النار سيكون بشروطنا”.

ومع انقلاب موازين القوى لصالح إسرائيل، والضغوط الخارجية والداخلية التي تمارَس على حزب الله، هل سيذهب الرئيس نبيه بري في تفويضِ الحزب له إلى حدّ تقديم تنازلات كثيرة وكبيرة لبلوغ مرحلة تطبيق القرار 1701 الذي ينص أصلاً على انسحاب عناصر الحزب إلى شمال الليطاني، وتفريغ المنطقة الفاصلة بين مجرى النهر والحدود مع إسرائيل من كل أنواع السلاح، باستثناء سلاح الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com