العدو يجنّد ممرّضاً سابقاً في «الرسول الأعظم»: رحلة عمالة تبدأ بـ Like
منذ عملية «طوفان الأقصى»، في السابع من تشرين الأول الماضي، أوقفت الأجهزة الأمنية اللبنانية عدداً من المتعاملين مع العدو، من بينهم ممرّض زوّد مشغّليه الإسرائيليين بمعلومات أمنية وصورٍ وإحداثيات، قبل أن يتمكّن فرع المعلومات من توقيفه. قاضي التحقيق العسكري طلب للعميل عقوبة بالسجن بين 3 سنوات و15 سنة، وهي، كالعادة، عقوبة مخفّفة لمن يتعامل مع دولة عدو في زمن الحرب
أخضع «أمير» العميل لاختبارات مشابهة عدة عبر تكليفه بزيارة محلّات في صور والنبطية ومحيطيْهما قبل أن يبلغه بأنّه بات راضياً عن أدائه. عندها، قال العميل لمشغّله بأنه بحاجة إلى معالجة أسنانه. بعد نحو أسبوع طلب منه «أمير» التوجه إلى جونية حيث قبض مبلغ 4 آلاف دولار من أحد الأشخاص.
إثر ذلك، أبلغه «أمير» بأنّه سيكلّفه بـ«مهمة صعبة ومعقّدة»، وسيكون البدل مجزياً. طلب منه شراء شريحة خط خلوية لا يسجّلها باسمه وهاتف يعمل بنظام أندرويد على أن يكون مزوّداً بكاميرا جيّدة وبطارية تدوم فترة طويلة. وأبلغه بأنّه سيدرّبه على استخدام الهاتف بطريقة مموّهة، وسيُزوّده باسم منطقة جنوبية، عليه أن يجد سبباً ليُقيم فيها سواء بالعثور على عمل أو حتى بالزواج. وبعد تدريبه على استخدام الخريطة من دون الاتصال بشبكة الإنترنت Offline Map وكيفية استخدام الصور للوصول إلى مكان معيّن، زوّده بإحداثيات لموقع في منطقة الرميلة حيث كان مبلغ من المال في انتظاره.
سأله المشغّل إذا ما كان يعرف أشخاصاً من المنتسبين إلى حزب الله في بلدة الخرايب، فأعطى محمد مشغّله ستة أسماء. كذلك طلب منه معاودة الانتساب إلى حزب الله بعدما كان قد جمّد عضويته بسبب انتقال سكنه من بيروت إلى الجنوب. لاحقاً جرى اتصالان بين العميل ومشغّله دام كل منهما ثلاث ساعات في حضور شخص لا يتقن العربية عرّف عنه «أمير» بأنّه المسؤول عنه، تبيّن أنّه لا يُتقن اللغة العربية. في الاتصالين، تركّز الحديث حول كيفية معاودة انضمامه إلى الحزب، وأخبر محمد المشغّل بأنه خضع لدورات «جنود» و«أنصار» وإسعاف مقاتل، وأنه شارك في القتال في سوريا، وقال إنه عمل سابقاً حارساً في مستشفى الرسول الأعظم، قبل أن يعمل ممرّضاً لسنوات عدة في المستشفى نفسه. وتحدّث بالتفصيل عن عمله في الحزب وعن أسماء المسؤولين عنه لدى مشاركته في الإسعاف الحربي في سوريا وأسمائهم العسكرية ومواصفاتهم وأعمارهم والمناطق التي ينتمون إليها. وعندما سأله المشغّل عن رقمه المالي في الحزب، أجاب بأنّه لم يعد يذكره.
عرض المشغّل على محمد الانتقال إلى إسرائيل، وطلب منه التوجه على متن دراجته النارية إلى الشريط الحدودي على أن يعمل الموساد على إدخاله إلى الداخل الإسرائيلي، حيث سيمكث نحو أسبوعين لتدريبه على جهاز إلكتروني يحضره معه لدى عودته. غير أنّه رفض ذلك خشيةً من افتضاح أمره، عندها عرض عليه «أمير» السفر للقائه في دولة أخرى.
وقبل حصول ذلك، تمكّن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني من توقيف محمد ش. في 20 شباط الماضي في بلدة الخرايب. وبالتحقيق معه، بعد ضبط أجهزته الخلوية الثلاثة وحاسوبه المحمول وحافظتي ذاكرة، اعترف بأنّه تواصل مع الموساد خلال عامي 2023 و2024 وعمل لمصلحته. وأبلغ المحقّقين بأنّه زوّد مشغّليه بمعلومات عن مراكز لحزب الله في بلدة الخرايب وإحداثيات جغرافية لمركز في محلة تُعرف باسم المطرية وإحداثيات لمسجد الإمام علي وصور لمدخل المسجد ومن داخله، ففعل. وإحداثيات لحسينية البلدة وكاميرات المراقبة فيها. وقال إن مشغّليه طلبوا منه الانتقال إلى الضاحية الجنوبية للإقامة والعمل ممرّضاً في أحد مستشفياتها، ولمّا أبلغهم بعدم رغبته بذلك، طُلب منه الإقامة في بلدة ميس الجبل وتقديم طلب للعمل ممرّضاً في المستشفى الحكومي في البلدة.
ومع اشتداد الحرب، زوّده المشغّل بإحداثيات لموقعين جغرافيين لنقطتين تقع بينهما مجموعة كبيرة من المحالّ في بلدة الخرايب، طالباً منه معلومات عن هذه المحالّ وأصحابها. وبالفعل، صوّر العميل المحالّ التجارية المطلوبة، ومن بينها معرض للسيارات ومحالّ لبيع الهواتف الخلوية والعطورات والورود وميني ماركت. كذلك طُلب منه مراقبة محل لبيع الهواتف الخلوية في بلدة الصرفند، غير أنه لم ينفّذ المهمة، مصرّاً على أن يتقاضى أموالاً قبل ذلك. وبلغ مجموع ما تقاضاه العميل من مشغّليه 7500 دولار، إضافة إلى 4000 دولار كان يُفترض أن تصله بالبريد الميت في محلة الرميلة، لكنه لم يعثر عليها.
واعتبر قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوان أنّ فعل المُدعى عليه محمد لجهة إقدامه على التواصل مع عملاء الموساد الإسرائيلي وتزويدهم بمعلومات أمنية وعسكرية مقابل مبالغ مالية، يؤلّف الجناية المنصوص عنها في المادة 278 من قانون العقوبات، وعقوبتها الأشغال الشاقة المؤقتة التي تراوح بين السجن لمدة 3 سنوات و15 سنة كعقوبة قصوى.