منوّعات

مجاعة واضطرابات اجتماعية /بقلم: سامي شريف

دائما ما تجر الحروب معها تضخما شديدا في الدول المنغمسة في الحرب. وعليه، فلا نستغرب حدوث تضخم في روسيا و أوكرانيا اليوم. ولكن السؤال الأكبر هو: لماذا يعاني العالم من مشكلة التضخم قبل نشوب الحرب في أوكرانيا وهل ستفاقم هذه الحرب مشكلة التضخم عالميا وما أثر هذا الوضع على منطقة الشرق الأوسط؟

إن مشكلة التضخم في العالم والتي بلغت على سبيل المثال لا الحصر مستوى ٧% في الولايات المتحدة مع بداية العام ٢٠٢٢ كان سببها النقص في الإنتاج خلال فترة جائحة كورونا حيث اضطرت العديد من المصانع للإغلاق لمدة قاربت العامين. ومع ازدياد الطلب على الكثير من المنتجات والنقص بتوافرها ارتفعت الأسعار عالميا وقد شاهدنا في قطاع السيارات مثلا دفع مبلغ إضافي لشراء سيارة بغية الحصول عليها أمام طوابير المشترين.
وأتت الحرب الروسية الأوكرانية لتفاقم مشكلة التضخم على الرغم من أن الناتج المحلي للدولتين معا يقارب مستوى ٢% فقط من الناتج العالمي. إلا أن نوع الصادرات في الدولتين ذو أهمية عالية في قطاعي الطاقة و الغذاء. فروسيا من أولى الدول المصدرة للنفط و الغاز الطبيعي والقمح وأوكرانيا من أولى الدول المصدرة للفحم والقمح. وإن نقص الإمداد لهذع المواد له أثره السلبي على الدول الأوروبية التي تعتمد بشكل كبير على النفط والغاز الروسي بينما تعتمد الكثير من الدول الفقيرة على القمح الروسي و الأوكراني. ولقد بدأت أسعار مواد الطاقة و القمح بالإرتفاع السريع منذ اندلاع الحرب مما أدى إلى ارتفاع جنوني لأكثر المنتجات وكلفة شحنها مما فاقم مشكلة التضخم التي لم يكن العالم قد تعافى منها أصلا. وهناك قلق من استمرار تصاعد هذا التضخم مع استمرار الأزمة في أوكرانيا.
إن أثر هذا التضخم على الدول الفقيرة ومنها بعض دول الشرق الأوسط يهدد بمجاعة واضطرابات اجتماعية. فالقمح وباقي الحبوب من المواد الرئيسية التي تعتمد عليها هذه الشعوب من أجل البقاء. ولذلك تقوم حكومات العديد من هذه الدول بدعم أسعار القمح و الحبوب بغية الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي. وهناك تقرير شهري تصدره منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة تبين فيه مؤشرات أسعار الحبوب وقد تبين من هذا التقرير علاقة الثورات والاضطرابات الاجتماعية بمؤشر أسعار الحبوب من منذ العام ٢٠٠٤. فإن اقترب المؤشر من الرقم ٢١٠ زادت احتمالات اندلاع الثورات. ويبين هذا التقرير أن ثورات الربيع العربي قامت والمؤشر يفوق الرقم ٢١٠. وجدير بالذكر أن المؤشر الأخير يبين اقترابه في بعض دول المنطقة من الرقم ٢١٠ وهو في ازدياد منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com