أبرز الأخبار

شعارات “بالية” تخوض بها الأحزاب المعركة الانتخابية

حتى بصياغة شعارات انتخابية رنانة، لا تبدو الأحزاب اللبنانية التقليدية خلاقة. الأرجح أن ثقتها بنفسها وناسها تجعلها أبعد ما يكون عن تخصيص وقت وجهد للخروج بعناوين وحملات تستوقف الناخبين والمراقبين. حتى في زمن انشقاق عدد كبير من المحازبين عن أحزابهم وبالتحديد بعد انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 وتوجه المناصرين للبحث عن وجوه جديدة في صفوف مجموعات “الثورة” والمجتمع المدني، لم ترى الأحزاب التقليدية نفسها معنية باعادة اجتذاب هؤلاء ولو بشعار أو بعنوان يعيد بعض الثقة الفقودة اليهم. أهو استسلام للواقع؟ أهي ثقة زائدة بالنفس؟ أهو عجز وافلاس؟ قد تكون هذه العوامل مجتمعة السبب وراء شعارات أعلنتها الأحزاب في الايام القليلة الماضية أقل ما يقال عنها أنها “بالية” كما وراء برامج انتخابية ليست الا نتيجة عملية نسخ لبرامج سابقة مع تعديلات طفيفة تحاكي المرحلة، فيما المطلوب برامج ثورية على الصعد كافة للتخفيف من وقع الانهيار الكبير الذي بتنا في قلبه.

“باقون نحمي ونبني”..هذا شعار حزب الله لانتخابات 2022. فبعد شعار “نحمي ونبني” الذي خاض به الانتخابات الماضية، لم يبذل كثيرا من الجهد في صياغة شعاره الجديد، علما ان ما ورد فيه أبعد ما يكون عن الواقع، فعن اي بناء نتحدث والبلد يتداعى على كل الاصعدة والدولة باتت في خبر كان؟! وعن اية حماية في وقت اصبح اللبنانيون معرضين لشتى أنواع الأخطار وابرزها المخاطر المحدقة بأمنهم الغذائي بعدما أصبح الاستشفاء للغني حصرا والدواء مفقود؟! ولعل الاغلبية الساحقة التي تدقق بهذا الشعار، تكفر بالحماية والبناء اذا كان سيكون على الشكل الذي عايشته في السنوات الـ4 الماضية.

واذا كان الحزب استسهل تعديل شعاره القديم لاقتناعه بأن جمهوره لا يعنيه شعار او مرشحين وأنهم يتوجهون الى صناديق الاقتراع بـ”تكليف شرعي” حين يقتضي الأمر ذلك، فان “القوات اللبنانية” ارتأت اللجوء الى حملة انتخابية هي الاكثر تعقيدا وفلسفة بين الحملات كافة. اذ انشغل اللبنانيون منذ شهر بتحليل “شيفرات” لاستكشاف “مين اللي بدو وما فيه، ومين اللي فيه وما بدو!” لذلك فان أقل ما يقال عن شعار “القوات”:”نحنا فينا وبدنا” أنه لا يحاكي الواقع خاصة وان رئيس الحزب سمير جعجع كان قد أعلن انه اذا استحوذ وحلفاءه على الاكثرية في المجلس النيابي سيشكلون حكومة أكثرية لا حكومة وحدة وطنية..علما ان جعجع يعي تماما ان لا حليف له اليوم الا رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط وان حصولهما على الأكثرية ضرب من الخيال.

وبين خيال جعجع و استهتار حزب الله، يأتي شعار “التيار الوطني الحر”:”نحنا من هون..كنا ورح نبقى هون” مستفزا لكثيرين وخاصة لعشرات آلاف اللبنانيين الذي لم يجدوا الا الهجرة منفذا من جهنم التي كانت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اول من تحدث عن توجهنا اليها. وبالرغم من ان اتهام العهد حصرا بالوصول الى ما وصلنا اليه قد يبدو غير واقعي ومبالغ فيه، الا ان مجرد استخدام كلمة “هون” للاشارة لعون، فيما القسم الاكبر لم يعد “هون” ومن بقي يحلم ليل نهار بفيزا تنقذه من هذا المستنقع، يجعل الشعار كما باقي الشعارات باليا ومستفزا في آن.

وكالعادة، يلجأ رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحركة “أمل” لشعارات تمر مرور الكرام، وكأنه يتم نبشها من صندوق يعود لتسعينيات القرن الماضي..والا كيف نتعاطى مع شعار “بالوحدة ننقذ لبنان” و”بالوحدة أمل” اللذين ترفعهما “أمل” في انتخابات 2022…بري كما نصرالله مقتنعان بأن جمهوريهما يصوت لمرشحيهما وان ارتأيا خوض الانتخابات من دون شعار او بشعارات ك”بري او لا أحد” أو “نصرالله وبس”!

أما الحزب “التقدمي الاشتراكي” فيبدو أقل المتحمسين للاستحقاق النيابي. فهو حتى الساعة لم يعلن أسماء مرشحيه رسميا ولم يطلق حملته الانتخابية ويحدد شعارها. علما ان احدا لا يتوقع ان تكون أفضل من باقي الأحزاب التقليدية التي باتت على قناعة ان خساراتها ستكون محدودة جدا على صعيد ناخبيها وان الموجة التي خلقتها انتفاضة 17 تشرين انحسرت وستكون تأثيراتها محدودة جدا في 15 أيار المقبل.

الكلمة أونلاين
بولا أسطيح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى