أخبار محلية

إعادة حسابات نيابية شمالية تصبّ في خانة فرنجية

عبد الكافي الصمد

من بين الأمور التي لفتت الأنظار في الذكرى السنوية التي أقامها تيّار المردة الأسبوع الماضي بمناسبة الذكرى السنوية لمجزرة إهدن، التي وقعت في 13 حزيران من العام 1978، إلى جانب الخطاب اللافت لرئيس التيّار سليمان فرنجية والحضور الواسع بالمناسبة سياسياً وشعبياً، كان وقوف نائب عكّار وليد البعريني بجانب فرنجية يتلقى التعازي بالمناسبة، ما أثار تحليلات وطرح تساؤلات لم تنتهِ بعد.

ولأنّ كلّ شيء في لبنان يُحسب سياسياً، فإنّ حضور البعريني لم يكن أبداً بدافع تقديم العزاء، وهو كان يمكنه فعل ذلك بإصداره بياناً بالمناسبة، إلّا أنّ تأكيده على الحضور أعطى مؤشّراً هامّاً على أنّ النائب البعريني في طريقه نحو حسم خياره، إنْ لم يكن قد حسمه فعلاً، بانتخاب فرنجية رئيساً في جلسة الإنتخاب المقبلة، خصوصاً إذا كانت تلك الجلسة حاسمة، ليعود البعريني بذلك إلى “الخطّ” السّياسي الذي كان عليه والده النائب السّابق وجيه البعريني، والذي يُعدّ فرنجية أحد أبرز وجوه ذلك الخطّ.

عودة البعريني إلى قواعد والده السّياسية، فضلاً عن قواعده الشّعبية في عكّار التي كانت دائماً خزاناً رئيسياً لذلك “الخطّ” السّياسي، أُعطي تفسيرات عدّة تنتظر أن تحسم الأيّام المقبلة إحداها؛ منها “التباين” الذي نشأ أخيراً بين البعريني والسّفارة السّعودية في بيروت، إضافة إلى مصالح سياسية وإقتصادية تربط البعريني بـ”الخطّ”، تبدأ بفرنجية وحلفائه في لبنان، وصولاً إلى الجارة سوريا التي يعرف البعريني أكثر من سواه حجم التداخل السّياسي والإقتصادي والإجتماعي بين لبنان وسوريا.

وإذا كان البعض تساءَل حول ما إذا كانت خطوة البعريني فردية وتعنيه شخصياً أم أنّها منسّقة مسبقاً مع حلفائه في كتلة الإعتدال الوطني، فإنّه لا يمكن التغافل عن وجود أكثر من تقاطع بين البعريني وزملائه في هذا السياق، الذين يعتبر كثير من المراقبين أنّ أيّ “نقلة” سياسية لهم نحو بنشعي، كما فعل البعريني، للحسابات السّياسية والإقتصادية نفسها، ليست بعيدة أبداً.

إعادة تموضع عدد من النوّاب أنفسهم وتقرّبهم من فرنجية وحلفه السّياسي، بعدما كانوا يُصنّفون أنفسهم في خانة المستقلين أو من الخصوم، لم تقتصر على البعريني فقط. ذلك أنّ النائب الزحلاوي جورج بوشكيان، ووزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال الحالية، الذي انفصل في العام 2022 عن حزب الطاشناق وكتلة لبنان القوي التي يترأسها رئيس التيّار الوطني الحر النائب جبران باسيل، تسربت معلومات أنّ بوشكيان في طريقه لإعلان إنضمامه إلى كتلة فرنجية النيابية، في خطوة لا يمكن إنكار أنها تعزز وضع الزعيم الزغرتاوي وحظوظه في الإنتخابات الرئاسية.
آخر تطوّر في هذا الإطار تمثّل في إعلان نائب الكورة أديب عبد المسيح إنسحابه من عضويته بكتلة “تجدّد”، بسبب خلافات وتباين في الرؤى بينه وبين أعضاء الكتلة، التي تضمّ خصوماً ألدّاء لفرنجية كالنائبين ميشال معوض وأشرف ريفي وبدرجة أقلّ النائب فؤاد مخزومي، وقد برر عبد المسيح إنسحابه برفضه “سياسة التبعية” وأن يكون “باش كاتب”، واعتماده “سياسة الإنفتاح والإعتدال مع الكتل الأخرى”.

ومع أنّ كثيرين رأوا أنّ إنتقال عبد المسيح إلى كتلة فرنجية ليس واقعياً ولا منطقياً في المستقبل القريب، إلّا أنّ مجرد إنسحابه من خانة الخصوم إلى الخانة الرمادية يكفي في المرحلة الحالية، وهي مرحلة بدأت تشهد خلط أوراق ينتظر فرنجية وحلفائه أن يقطفوا ثمارها في أول جلسة نيابية لانتخاب الرئيس العتيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com