أبرز الأخبار

سيناريو فرنجية “الافتراضي”.. ماذا لو ترشح “الأقطاب الأربعة”؟!

في الكلمة التي ألقاها خلال الاحتفال بالذكرى الـ46 لمجزرة إهدن، كرّر رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الفكرة التي سبق أن طرحها في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، ولم تنل حقّها من النقاش السياسي، وهي القائمة على فكرة ترشّح “الأقطاب الأربعة”، إن جاز التعبير، حيث سأل صراحةً: “لماذا لا يترشح كل من يمثّل الاتجاهات السياسية الكبيرة عند المسيحيين، ونذهب إلى جلسة انتخاب الرئيس ونهنئ الفائز؟”.

بهذا المعنى، أراد فرنجية أن يطرح “فرضية” ترشح الأقطاب المسيحيين الأربعة في جلسة انتخابية واحد، ليفوز بنتيجتها من يفوز، بينه وبين رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، ورئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل، حتى إنه طرح أيضًا أن يتّفق الثلاثة على واحد يمثّلهم في مواجهته، مقترحًا أن يكون جعجع، بوصفه يمثّل الاتجاه “المضاد” له سياسيًا.

صحيح أنّ سيناريو فرنجية “الافتراضي” قد لا يكون سهل التطبيق “واقعيًا”، ولا سيما أنّه قوبل سريعًا باعتراضات عبّر عنها باسيل الذي دعاه ليعرف “أن يحسب صحّ”، على حدّ قوله، والجميل الذي “قلب” الطرح، فاقترح أن “ينسحب” الأطراف الأربعة بدل أن “يترشحوا”، لأن الوقت “ليس للمصالح الشخصية”، لكن ماذا لو تحقّق هذا السيناريو فعلاً؟ هل يمكن أن يفضي إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وتحويله ربما إلى “عرس ديمقراطي”؟!

فرنجية “رابح”؟

ينطلق طرح “ترشح الأقطاب الأربعة” الذي يدفع فرنجية باتجاهه من الاتفاق الذي حصل قبل انتخاب الرئيس السابق ميشال عون، حين تمّ الاتفاق في بكركي بين عون حينها، وفرنجية وجعجع، والرئيس أمين الجميل، على دعم ترشيح أيّ شخص بينهم تتوافر لديه الحظوظ للوصول إلى قصر بعبدا، استنادًا إلى نظرية “الرئيس القوي” التي راجت وقتها، باعتبار أنّ الشخصيات الأربعة المذكورة لديها حيثيّتها التمثيلية على المستوى المسيحي.

وإذا كان فرنجية يعتبر أنّه “ظُلِم” بعدما حُرِم من الرئاسة حتى حين توافرت لديه الحظوظ قبل وصول عون إلى الرئاسة، رغم هذا الاتفاق المُسبَق، وهو ما يتكرّر اليوم على يد الأقطاب الموارنة الذين يرفضون دعمه، بل يحاربونه بكلّ ما أوتوا من قوة، فإنّه يتمسّك بطرح هذا السيناريو، لاعتقاده بأنّه يؤمّن “العدالة”، ويحفظ في الوقت نفسه معادلة “الرئيس القوي” التي كان خصومه اليوم أكثر من ينادون بها بالأمس.

وبالأرقام، يقول العارفون إنّها تميل لترجيح كفّة فرنجية، وفق تركيبة المجلس النيابي الحالي، باعتبار أنه يتمتّع بتأييد شريحة واسعة من النواب من مختلف الكتل السياسية، بخلاف المرشحين المحتملين الآخرين، الذين حتى لو اتحدوا على اسم واحد، أكان جعجع أو غيره، وهو احتمال يبقى مُستبعَدًا وفقًا للمطّلعين على الحسابات والتقديرات، فإنّه لن يتمّكن من حصد رصيد أعلى من رصيد فرنجية، إذا ما بقي الداعمون له على ثباتهم.

الفكرة “مُستبعَدة”

لكن، خلافًا لما يروّج له فرنجية ويكرّره في إطلالاته، والذي يتوخّى من خلاله على الأرجح رمي الكرة في ملعب خصومه، الذين يحاولون “إقصاءه” من المعركة من دون وجه حق، يقول العارفون إنّ سيناريو ترشح “الأقطاب الأربعة” غير وارد، فباسيل وجعجع والجميل لم يترشحوا أصلاً لأنّهم يدركون أنّ حظوظهم بالفوز منخفضة، وفضّلوا المواجهة بخيارات مختلفة، تحضيرًا لـ”الخيار الثالث” الذي يعتبرون أنّ الذهاب إليه هو المَدخَل لإتمام الاستحقاق.

ولعلّ الردود التي صدرت عن باسيل والجميل تؤكد هذا المنحى، علمًا أنّ الأوساط المعارضة لفرنجية تعتبر أنّ الطرح الذي يتقدّم به “باطل” من الأساس، إذ لا يمكن لرئيس تيار “المردة” أن يختار من يترشح ومن لا يترشح للرئاسة، وهو الذي “يناضل” لرفض الانسحاب من “البازار الرئاسي”، على الرغم من إدراكه باستحالة وصوله إلى الرئاسة في ظلّ الظروف الحاليّة، ورهانه على متغيّرات إقليمية وخارجية يمكن أن تلعب لصالحه.

الأساس، وفق ما يقول المعارضون لفرنجية، هو أن يتحمّل الأخير مسؤولياته، فيتخذ القرار “الجريء” بالانسحاب من السباق، إفساحًا في المجال أمام “خيار ثالث” يكون مقبولاً من الجميع، علمًا أنّ سحب رئيس تيار “المردة” لترشيحه سيزيل تلقائيًا الكثير من المعوقات التي تصطدم بها المبادرات، بما في ذلك “التحفظات” على حوار يخشى البعض أن يكون هادفًا لـ”فرضه” مرشحًا أوحد للرئاسة، بموجب معادلة “فرنجية أو لا أحد”.

ينتقد خصوم رئيس تيار “المردة” إصرار الأخير على الاستمرار في “نادي المرشحين” رغم استنفاد فرصه، بدعوى أنّ “التسوية أصبحت قريبة جدًا”، في رهان متجدّد على الخارج واستحقاقاته التي لا تنتهي. لكن المؤيّدين لفرنجية يستهجنون في المقابل، إصرار الداعين لـ”عرس ديمقراطي” على “انسحاب” فرنجية قبل البحث بأيّ أمر، رغم أنّ حقّه بالترشح، وحقّ الكتل السياسية بانتخابه، يبقى “محصّنًا” بالدستور الذي يرفع لواءه هؤلاء!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى