أبرز الأخبار

قصة “الأمن الممسوك” الخرافية

 

المحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي

مهما تعددت الروايات والفرضيات، وأنى تكن نتائج التحقيقات ،فإن مسارعة البعض للتخفيف من خطورة الجريمة وفظاعتها يشكل جريمة بحد ذاتها، أول هذه المحاولات البائسة إشاعة شعار ” الامن الممسوك” الذي يطعن يومياً بالسكاكين ويطلق عليه رصاص الخاطفين وعصابات الاجرام والقتل وقطاع الطرق الذين حولوا منازل الآمنين وطرقاتهم واماكن عملهم الى مسالخ للذبح، وقد تكشفت شناعة الجريمة التي اودت البارحة بحياة منسق جبيل في القوات اللبنانية باسكال سليمان وبقتل الصيرفي محمد سرور وبالجثث التي يعثر عليها كل بضع ساعات على مفارق الطرقات وفي المنازل…. .
أكان قتل الشهيد سليمان عملاً انتقامياً ام له دافع سياسي أم ارهابي أم طائفي ام لدواعي سرقة سيارة أم لارتباط ما بوظيفته في بنك بيبلوس، فان ما يتفق عليه الجميع فهو أن “الامن الممسوك” الذي طالما تباهى وتغنى به وزير الداخلية بسام المولوي اصبح في خبر كان، وسقط شعاره الشهير مع انتشار الجرائم على مساحة الوطن وتحولها الى خبز يومي، فهناك مواطن أعزل بريء محترم من ذوي الصفات الحميدة وموظف مصرف عريق منذ عشرين عاماً إصطادته عصابة إرهابية أو أكثر تتخذ من إحدى المحميات على الحدود السورية وكراً ومعقلاً ومنطلقاً لقطع الطريق على الآمنين في مناطق كسروان وجبيل بالتعاون مع عصابات من الجنسية السورية، فتهددهم بالسلاح وتعمد الى خطفهم وسرقة سياراتهم وأموالهم وتنتقل بهم مسافات تفوق المئة والخمسين كيلومتراً، وتعمد الى قتلهم كالنعاج، من أجل مكاسب رخيصة أكان المال لدوافع سياسية ام الابتزاز ام السلب، وانها تحتمي بالنظام السوري والعشائر فتتلطى بها ،الى درجة تحظى بدعم سياسي يتولاه اناس يتعاطون السياسة فيدافعون عن هؤلاء ويبررون أفعالهم، كما يتولون مهاجمة أهالي الضحايا وأنسباءهم والجهات التي ينتمون اليه.والانكى ما كشف النقاب عن احد رؤساء العصابة ممن يمتهنون سرقة السيارات كان قد اوقف وزميله في العام ٢٠١٩ ،وعاد ليخلى سبيله كالعادة.
الجناة استفادوا من الفساد المستشري ومن الفلتان الأمني وباتوا يسرحون ويمرحون بدليل ان عملية الاختطاف كما اظهرتها الكاميرات وقعت اول من امس عند الساعة الخامسة والربع من بعد ظهر يوم الأحد ٧ نيسان، وان أحد أصدقاء الضحية كان يكلم باسكال عبر الهاتف عندما اعترضه الجناة، وقد ابلغ السلطات الامنية فوراً بالحادثة بانه اختطف ،ومع ذلك بقيت الآذان صماء، وبقي الجناة بسيارة المجنى عليه وسيارتهم اللتين ظهرتا بكل وضوح عبر الكاميرا التي وثقت الحدث يسرحون ويمرحون، فقطعوا مسافة ١٥٠ كيلومتر بساعة وربع حتى الحدود مع سوريا، ولم يتجرأ أحد توقيفهم، لاننا نعيش في كنف الدويلات والمحميات والجزر الأمنية، دويلات السلاح المتفلت والزجاج الداكن والمحسوبين على زيد وعمر، عناصر خطيرة عليها عشرات مذكرات التوقيف تسرح وتمرح، تدخل السجون وتخرج بعد ايام، بضغوط سياسية او بلا ضغوط.
وهل بعد اليوم من يستغرب لماذا تفشت السرقات والنهب والقتل بدم بارد ورمي الجثث على الطرقات الرئيسية واقتحام منازل الآمنين وطعنهم بالسكاكين حتى الموت لنهب أموالهم والسطو عليها؟!
في المحصلة، ما دامت الدولة غائبة، ومستقيلة عن دورها الأساسي، فإننا سوف نشهد المزيد من الجرائم الشائنة التي تفتك بارواح الآمنين ولن تكون النهاية إلا بسيطرة الدولة بكافة أجهزتها وقضائها وجيشها ومؤسساتها على كامل تراب الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى