أخبار محلية

عباس ابراهيم مش أحسن من عماد عثمان

لا يحدث إلاّ في جمهورية الموز اللبنانية. مجلس وزراء غارق بين خطط “تصريف الزبالة” و” تأمين الكهرباء”، ورئيس حكومة “عالخطّ” بين بعبدا والسراي، علّ عين التينة “تروق”، وقاضية “إيدها وما تطال” من الحمرا إلى “السيّار”، ووزير داخلية “شقي وحفي” لإصلاح ذات البين بين لبنان ودول الخليج. كلّ ذلك ومبدأ “شتي وصيف تحت سما وحدة” موسمه زاهر، فما يصحّ للواء المتحف، يُحرم منه لواء أوتيل ديو، علماً أن فظاعة الجريمة الأولى تفوق بأشواط الثانية، لترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية. فأين المتنطّحون بإسم العدل والعدالة؟ وأين الميزان والمطرقة؟

في كل الأحوال، وإن كان ملف مدير عام قوى الأمن الداخلي قد سقط قبل حتّى اتّباع الأصول القانونية، بمجرد بيان أمن الدولة وإفادة عناصر الدورية، فإن الجانب السياسي الطاغي عليه تجلّى بشكلٍ واضح شكلاً ومضموناً، في احتفال الإعلان عن كشف مؤامرة استلزمت عاماً كاملاً لتفكيك مفاصلها، ويتحوّل معها اللواء عثمان من “مطلوبٍ للقضاء” إلى “بطلٍ للجمهورية” أنقذ عاصمة المقاومة والممانعة من هجمةٍ تكفيرية حاولت الإستفادة من انسحاب الحريرية من الحياة السنّية لضرب ضربتها، فإذا بها تقع في قبضة “الحريرية الأمنية” مسجّلة أهدافها بالجملة بكل اللاعبين والفازلين والمفعول بهم.

فما حصل، لجهة الإخراج، من حيث الشكل، مع تقصّد وزير الداخلية زيارة المقرّ العام للواء وتكريس مديره العام جهاراً منقذاً للجمهورية، على قاعدة “ما حدن يجرّب”، بعد” زحطة” شبكات التجسس وما رافقها من جدل وأخذ وردّ وتشكيك، ومضموناً لجهة حجم ما كُشف من مخطط ومعلومات، عشية الجلسة المخصصة للإستماع لعثمان، يؤكّد بما لا يقبل الشكّ أن “الله مع اللواء وصحبه”، “فحظّه بيفلق الصخر” و “أمّو داعيتلو بليلة القدر”، لجهة توقيت العملية الإستباقية ونجاحها.

بالتأكيد، لسنا في صدد التشكيك بصحّة ما أوردته قوى الأمن الداخلي، ولا كذلك بالإنجاز النوعي الجدّي لشعبة المخدرات، التي تعمل على أكثر من جبهة، تبدأ بالكبتاغون والمخدرات، ولا تنتهي بشبكات التجسس وما بينها من خلايا إرهابية، إلاّ أن التوقيت والظروف المحيطة، تطرح العديد من التساؤلات غير البريئة حول كشف المخطط الداعشي.

-قرار وزير الداخلية بالوقوف في نفس خندق المديرية متسلحاً بالقانون، متخذًا قرار مواجهة محاولات إنهاء واسقاط الحريرية بكل أوجهها، هو الذي يفعل المستحيل لتبييض صفحة لبنان خليجياً، معتمداً على شعبة المعلومات في الحرب على المخدرات وتجارها.

-في الوقت الذي تتسابق فيه التقارير الأمنية على تحديد منطقة طرابلس ومحيطها اللبناني والفلسطيني كدائرة تفجير وبؤرة إرهابية، ضربت شعبة المعلومات ضربتها جنوباً، معيدةً عين الحلوة وإرهابييه إلى الواجهة. فهل ثمة من اتّخذ قراراً بتسليم أمن الساحة السنّية للشعبة؟ أم هو استمرار للسياسة السابقة، التي أقرّت بدور الأمن الداخلي كضابطٍ للشارع السنّي؟

-أتت خطوة الأمس لتقول لسكان الضاحية أن أمنهم مضبوط والعين “مفتّحة” على أمنهم ، وإن كلّ الإجراءات المتّخذة كانت سقطت بلحظة لولا العناية الربانية، وهو ما سيطرح بالتأكيد مسألة عودة التشدّد في الإجراءات الأمنية عند مداخل الضاحية، والأهمّ تفعيل التعاون والتنسيق مع أمن “حزب الله” تحسباً من أي مفاجآت. فهل سدّدت الشعبة ثمن هدية شبكات التجسّس؟ أم أن ما حصل هو “حطّ على عين حارة حريك؟

-المهمّ في العملية، إكتشاف آلية التفجير الجديدة المُعتمدة عبر ربط الأحزمة الناسفة بقذائف الهاون، ما يُضاعف من حجم الخسائر عشرات المرّات، وهو تغيير واضح في استراتيجية الدولة الإسلامية. أما النقطة الثانية فهي ثبوت وجود رابطٍ تنظيمي بين خلايا في لبنان وقيادات ناشطة في عين الحلوة على تواصل مع أمراء الدولة في سوريا، والأهمّ أن العملية كانت ثأراً لمقتل الخليفة في سورية على يد الأميركيين، فيما المُستهدف بالردّ شيعة لبنان؟ فما هي هذه الصدفة الغريبة؟ والأهمّ ماذا عن استراتيجية “داعش” الجديدة؟

-النقطة الأهمّ، أن العملية التي حازت على تهنئة وإعجاب الكثير من اللبنانيين والمسؤولين نظرا لدقتها بعد كشف تفاصيل اختراق التنظيم الأصولي، ليست الأولى من نوعها، فقد سبق لمديرية المخابرات في الجيش تحقيق إنجازٍ لا يقلّ أهمية عما شهدناه منذ ساعات، يوم أنقذت البلد من مخطط تفجير ثلاثي، في ما اصطُلح على تسميته بعملية الكوسا، والتي قامت القيامة ولم تقعد، مشكّكة ومتّهمة بتركيب فيلم، من قبل مجموعة جهلة. فلماذا ناس بسمنة وناس بزيت؟ ولماذا اتهام أولئك يومها بتركيب ملفات وأهداف لمصالح سياسية إنتخابية، في وقتٍ يظهر هؤلاء اليوم كأبطال؟ علماً أن الحقائق تقول ببطولة الجهازين، كلّ في عمليته. هي سياسة فرّق بين الأجهزة الأمنية تسد.

في علم السياسة، ما حصل يندرج في إطار المؤامرات وإثارة الضريبة، وقد يكون ذلك محقاً. أمّا في علم الأمن، فإن ما حصل، يُسجّل في لائحة الإنجازات المشرّفة لفرع المعلومات بكل المقاييس، تخطيطاً وتنفيذاً، وإن جاء في لحظةٍ سياسية حساسة.

كما تراني يا عباس، يا عماد أراك. معادلةٌ جديدة أدخلها وزير الداخلية إلى القاموس القانوني اللبناني، ليكتمل بذلك النقل بالزعرور، ويصبح الأمن أقوى من القضاء، محمياً من السياسيين وفقاً لملّة كلّ واحد منهم، فيما القانون “مغّيطة” “تشدّه متل ما بدّك”.

“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى